أحبّ الموسيقا منذ الصغر وأبدع فيها، فألّف ألحاناً شرقيةً على آلتي العود والكمان وقدّمها على عدد من المسارح الأجنبية، لكن تفوّقه لم يكن بالموسيقا فقط بل في دراسة الطبّ واختصاص الغدد.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 20 أيار 2020 تواصلت مع الدكتور "هشام حرب" الذي بيّن قائلاً: «نشأت في أسرة تحبّ الموسيقا والثقافة، ولإيمانه بتأثير الموسيقا في التربية وصقل الشخصية حاول والدي مدرس الموسيقا "سعيد حرب" تعليمي على آلة الأكورديون وأنا بعمر الثماني سنوات، محاولاً زجي لأشارك مع فرقة موسيقية رغم صغر سني، لكن الآلة المتوافرة كانت كبيرة الحجم وحملها أثقل طاقتي، فذرفت الدموع مراراً أثناء محاولتي مجاراة أعضاء الفرقة.

عرفت الدكتور "حرب" من خلال الجامعة فكنا دورة واحدة في دراسة الطب، عُرِف بأنّه طبيب مجتهد استطاع أن يكون نفسه علمياً بعد أن نال البورد السوري في الأمراض الباطنية، سافر إلى عدة دول قبل أن يستقر في "أستراليا"، وحالياً هو محاضر ومتابع مميز لأحدث الدراسات والأبحاث العلمية الطبية في جامعة "نيو ساوث ويلز"، لكن ما يتميز به مذ كنا طلاباً هو حسّه المرهف في الإبداع الموسيقي، وقد نال جوائز عدة في مرحلة الطفولة والشباب، وحين يذهب إلى الخارج يقدم المقطوعات الموسيقية الشرقية، وله ألحان متنوعة، فهو الذي جمع بين الإبداع الموسيقي والتميّز في الطب

أدرك والدي أني لن أستطيع الإكمال حينها، فشاركت مع رواد منظمة "طلائع البعث" على مستوى القطر بمادتي التاريخ والجغرافيا، ونتيجة لكلام المربي "رياض الدبيسي" لي عدت للموسيقا مجدداً، وكان خياري أن يعلمني والدي على آلة الكمان الصعبة والرقيقة، وبتدريب يومي لمدة عام نلت المركز الأول على مستوى القطر في رواد "الطلائع"، وشاركت في مهرجان اتحاد "الشباب العالمي" الذي أُقيم في "الجزائر" ممثلاً بلدي "سورية" وأنا في سن الحادية عشرة، وشاركت مع فرقة الغناء الجماعي على مستوى القطر بإشراف والدي، في المهرجانات القطرية لاتحاد "شبيبة الثورة" بأداء الموشحات، وكانت لي تجربة تلحين عدة موشحات وقصائد شعرية».

الدكتور مرهف الحلال

ويتابع عن رحلته مع العلم: «بعد نيل شهادة الدراسة الثانوية كان الخيار صعباً بين دراسة الموسيقا أكاديمياً، وبين الطب، لكنني آثرت أن تبقى الموسيقا رفيقة دربي، وبدأت رحلتي بدراسة الطب في جامعة "دمشق"، وعلى الرغم من أنّ الدراسة شبه مجانية، لكن والدي لم يتوانَ عن الحصول على القروض المادية لأشتري المراجع الطبية غالية الثمن، وتمّ إيفادي مع مجموعة من طلاب كلية الطب لمدة شهر إلى "مصر" ضمن خطة التبادل الطلابي، وبجانب العلم كان للموسيقا حصة جعلتني قريباً من الزملاء في الدول العربية، تخرجت عام 2000، وبدأت التدريب للاختصاص في مشافي "دمشق"، ووفاءً لتضحيات أسرتي؛ قررت العمل أثناء فترة الاختصاص، وعملتُ في مراكز طبية خاصة بــ"دمشق" إلى جانب متابعة الاختصاص لتأمين دخل مادي، لم تكن الظروف المادية مواتية لمتابعة الدراسة في الدول الأجنبية ولا حتى الخضوع لدورات وامتحانات تؤهلني للسفر، لكني استطعت متابعة اختصاصي في "السعودية"، وهي فرصة لأتعرف على أطباء ساعدوني على اجتياز امتحانات عضوية الكلية "الملكية البريطانية للأطباء" المعقدة بعد تعب وجهد متواصلين لثلاثة أعوام، وبتلك الفترة حصلت على شهادة "البورد السوري" في الأمراض الباطنة وغدد الصم والسكري، وتنقلت بين "الكويت" و"السعودية" للعمل، ثم التحقت لأعمل مشرفاً في كلية الطب بجامعتي "القلمون"، و"السورية" لمدة عامين إلى جانب عيادتي في "السويداء"، كل ذلك لم يرضِ طموحي العلمي، فانتقلت للعمل في مملكة "البحرين" مع زوجتي وابنتي، ولم أتوقف عن التفكير بضرورة التطور».

وتابع "حرب" عن فترة اغترابه الحالية: «بحثت عن فرصة عمل ودراسة في "أستراليا" لمدة سنتين، ووافقت أن أعمل كطبيب تحت الإشراف؛ ولم يكن لدي أدنى شك بأنني سأصل إلى هدفي وأعمل بمكان يناسبني يوماً ما، في هذا البلد مع وزوجتي الصيدلانية "لوجين حرب" وأطفالنا الثلاثة، وتابعت العمل لإثبات وجودي وتطوير خبرتي والتحضير للامتحانات القادمة لتعديل شهاداتي حتى يتسنى لي العمل كاستشاري، وتطلب ذلك مني السفر أسبوعياً لمدة سنة كاملة إلى مدينة "ميلبورن" الأسترالية التي تحتاج إلى أربع ساعات سفر بالقطار لكي أعمل في مستشفيات جامعة "ميلبورن" تحت إشراف بروفيسور في كل مستشفى ويتم تقييم خبرتي وشهاداتي، ذلك كان بفضل صبر زوجتي التي لم تتوان عن دعمي وتوفير الظروف المناسبة، رغم معاناتها من المرض.

الدكتور هشام حرب

وختم حديثه عن نشاطاته الموسيقية والطبية قائلاً: «لم تفارقني الموسيقا، وكانت دافعاً للنجاح في مهنتي، وفي كل بلد أقمت به استطعت تقديم نشاطات موسيقية تعبر عن هويتي، وأقمت حفلاً موسيقياً في "أستراليا" للتعريف بالموسيقا العربية على آلتي العود والكمان التي هي هدية أخي "ضياء" ومن صنع يديه، فقدمت مقطوعات موسيقية شرقية عبرت بها عن غنى حضارتنا، وترجمت كلمات الأغاني التي أعدّها شقيقي "سلمان" المقيم في "الإمارات"، والملفت أن الحضور لا يتكلمون العربية، وريع الحفلة عاد لدعم جمعية "مرضى السكري" في المنطقة التي نعيش فيها في "فيكتوريا".

لم أكن أتخيل وقع ذلك الحدث على قلوب وأرواح من حضروا، وشاركت كضيف في افتتاح مهرجان "القصة القصيرة" مع الروائي الأسترالي المعروف "ارنولد زيبل" الذي فاجأني بدموعه عندما استمع إلى عزفي مقدمة أغنية "أنت عمري" للسيدة "أم كلثوم"، وأدركت روعة الموسيقا التي لا تعترف بالحدود، وفهمت دموعه عندما أخبرني أن "أم كلثوم" كانت ضيفة في إحدى رواياته.

الدكتور هشام حرب الموسيقي

واليوم أعمل كمحاضر في كلية الطب بجامعة "نيو ساوث ويلز"، واستشاري في الأمراض الباطنة والغدد الصم والسكري، وما زلت على تواصل مع الخبراء في مستشفيات جامعة "ميلبورن" لتعميق خبرتي في مجال علاج البدانة، قد تكون الظروف صعبة، لكن الاجتهاد والإصرار كما الحب والإيمان يذللون الصعوبات، ولهذا عشقتُ الموسيقا وأحببتُ الطب من أجل هدفي».

وحول نشاط الدكتور "هشام" بيّن الدكتور "مرهف الحلال" بالقول: «عرفت الدكتور "حرب" من خلال الجامعة فكنا دورة واحدة في دراسة الطب، عُرِف بأنّه طبيب مجتهد استطاع أن يكون نفسه علمياً بعد أن نال البورد السوري في الأمراض الباطنية، سافر إلى عدة دول قبل أن يستقر في "أستراليا"، وحالياً هو محاضر ومتابع مميز لأحدث الدراسات والأبحاث العلمية الطبية في جامعة "نيو ساوث ويلز"، لكن ما يتميز به مذ كنا طلاباً هو حسّه المرهف في الإبداع الموسيقي، وقد نال جوائز عدة في مرحلة الطفولة والشباب، وحين يذهب إلى الخارج يقدم المقطوعات الموسيقية الشرقية، وله ألحان متنوعة، فهو الذي جمع بين الإبداع الموسيقي والتميّز في الطب».

الجدير بالذكر أنّ الدكتور "هشام حرب" من مواليد "السويداء" عام 1977.