هو ذاك المجاهد الذي اقتحم جحافل الجيوش العثمانية والفرنسية برجولة نادرة، ودخل الحياة الاجتماعية المحلية بإصراره على السلم والعدالة، وشارك الناس همومهم وأزماتهم كما يجب، فلقبه الثوّار بـ"أبو فاروعة".

حول شخصيته وسيرته، مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 22 آب 2020 التقت "إبراهيم جودية" الباحث في التاريخ الذي بيّن قائلاً: «في بلدة "نجران"، ولد المجاهد الكبير "سلامي شنان" عام 1850، وعاصر في طفولته أحداث ووقائع الحملات العثمانية المتكررة على أراضي جبل "حوران" قبل أن تستقر العائلة في قرية "قراصة".

في بلدة "نجران"، ولد المجاهد الكبير "سلامي شنان" عام 1850، وعاصر في طفولته أحداث ووقائع الحملات العثمانية المتكررة على أراضي جبل "حوران" قبل أن تستقر العائلة في قرية "قراصة". شارك في معركة "قراصة" عام 1878، واستشهد سبعة رجال من أبناء عمه، لكن كانت النتيجة أن هُزم "جميل باشا" قائد الحملة العثمانية، وخسر الجيش العثماني مئات القتلى والجرحى، ودفعت المنطقة ثمناً باهظاً. شاهد المجاهد "شنان" المآسي الكثيرة نتيجة هذه الحملة، وعقد العزم على التصدي للحملات العثمانية والمروجين لبني "عثمان"، وأثناء الثورة العامية التي كان "سلامي شنان" أحد أقطابها تم توزيع ربع الأراضي على الفلاحين، ولم يحصل آل "شنان" في قرية "عرمان" على حقهم من هذا التوزيع لأسباب كثيرة، فما كان من الشيخ "سلامي شنان" رفقة المجاهد "ابراهيم أبو فخر" إلا أن حضروا وثبتوا حقوق آل "شنان" بعميلة غنية بالجرأة والشجاعة والتحدي في مجتمع تقليدي طبع على هذه السجايا، كما تصدى بكل بسالة لحملة "ممدوح باشا العثماني" وكان من قادة الانتفاضة، وحضر عشرات المعارك والمواجهات الدامية في كل مناطق الجبل بين عامي 1888 و1890

شارك في معركة "قراصة" عام 1878، واستشهد سبعة رجال من أبناء عمه، لكن كانت النتيجة أن هُزم "جميل باشا" قائد الحملة العثمانية، وخسر الجيش العثماني مئات القتلى والجرحى، ودفعت المنطقة ثمناً باهظاً.

ابراهيم جودية

شاهد المجاهد "شنان" المآسي الكثيرة نتيجة هذه الحملة، وعقد العزم على التصدي للحملات العثمانية والمروجين لبني "عثمان"، وأثناء الثورة العامية التي كان "سلامي شنان" أحد أقطابها تم توزيع ربع الأراضي على الفلاحين، ولم يحصل آل "شنان" في قرية "عرمان" على حقهم من هذا التوزيع لأسباب كثيرة، فما كان من الشيخ "سلامي شنان" رفقة المجاهد "ابراهيم أبو فخر" إلا أن حضروا وثبتوا حقوق آل "شنان" بعميلة غنية بالجرأة والشجاعة والتحدي في مجتمع تقليدي طبع على هذه السجايا، كما تصدى بكل بسالة لحملة "ممدوح باشا العثماني" وكان من قادة الانتفاضة، وحضر عشرات المعارك والمواجهات الدامية في كل مناطق الجبل بين عامي 1888 و1890».

وتابع بالقول: «في عام 1893 ألقت السلطات العثمانية القبض على "شبلي الأطرش" وأودعته سجن "المزرعة" المعروف والموجود إلى يومنا هذا، فقام المجاهدون بالهجوم على مكان الاعتقال وحاصروا القلعة لمدة ثلاثة أيام، ولم يتمكنوا من الدخول إليها، واستطاع المجاهد "سلامي شنان" أن يهاجم باب القلعة ببلطته المشهورة، وارتفع صوت الحداء والنخوات واختلط بأصوات الاستغاثة من داخل القلعة، وأصبح "شبلي الأطرش" في داخل القلعة يتحكم بالجند القلائل أمام هذه الضربات، وأطل من أحد شبابيك القلعة متسائلاً عن اسم المهاجم، فرد عليه: (أنا رخيص الروح سلامي شنان)، فنادى "شبلي الأطرش" على الرجال أن يخبروه للتوقف والمفاوضة مع بني "عثمان" حفاظاً على أرواح الجميع، ولقبه يومها "أبو فاروعة"، وبالفعل أطلق الأتراك سراح "الأطرش".

حفيده فواز شنان

لم ينخدع "شنان" بوعود "سامي باشا الفاروقي" عام 1910 كما انخدع غيره من المجاهدين، وشارك ميدانياً في أشرس معركة ضد كتائب العثمانيين في معركة "تل مفعلاني" جانب بلدة "مفعلة"، وقد تحدث المجاهد "شنان" عن أدق التفاصيل ومجريات هذه المعركة القاسية والصمود الأسطوري للمجاهدين الذين كبدوا العدو خمسمائة قتيل، واستشهد مئة مجاهد، وأصيب "سلامي شنان" إصابة بالغة في كتفه، واستقرت رصاصة في لحمه وبدأت الدماء تنزف، وتمّ إسعافه إلى خيمة أحد البداوة من عرب "السردية" الذين وقفوا بجانب أهل الجبل في المعارك ضد "سامي باشا"، وعالجه بالطب العربي، ونزع الرصاصة من جسده، وفي عام 1914 مع بداية الحرب العالمية الأولى وأثناء المجاعة واستضافة آلاف الأشخاص من اللبنانيين، استقبل "سلامي شنان" في منزله مجموعة من الأسر اللبنانية حلوا ضيوفاً على "نجران"، وتوزعوا على منازل "ابراهيم ابو فخر"، "إبراهيم نصر"، "عجاج نصر"، "خطار غيث نصر"، "عباس أبو عاصي"، "هزاع عبد الحي" وغيرهم، وتم الاتفاق على تحريم كل من يعمل على بيع الحبوب رغم أسعارها المغرية الى تجار "دمشق"، أما دوره في الثورتين 1916 و1925 فيحتاج إلى شرح طويل لمشاركته بالعديد من المعارك والمواقف الوطنية المميزة منها معارك "تل الخروف"، "رقة الصقر"، "المزرعة"، وقلاع الجف"».

وبيّن حفيده "فواز سلمان سلامي شنان" عن مواقفه الاجتماعية بالقول: «هناك العديد من الوقفات الاجتماعية كتكريمه بفنجان القهوة في بلدة "لاهثة" عام 1889 في لقاء بين حركة "العامية" والمشايخ، كان من أهدافها إطلاق سراح المنفيين، والتوقف عن فرض الجندية، وتخفيف الضريبة وغيرها، يومها خاطب الشيخ "شبلي الأطرش" الجموع قائلاً: (لن أنسى فضل الفلاحين الذين حطموا باب القلعة لفك أسري، وخاصة أبو "فاروعة سلامي شنان") فقال له "خليل عامر": (المذكور موجود)، وحين قدمت للشيخ "الأطرش" القهوة المرة وقف بنفسه وقدمها له، فقال "سلامي شنان": (يا شيخ أنا واحد من مجموعة)، ومن حينها سمي مكان اللقاء باسم "موقع شنان".

نبع قراصة

أما مواقفه الإنسانية من حماية أهالي قرية "رخم" من التعديات، وإنقاذه لطفلين من أبناء البدو الصغار من الموت بعد أن تركهم أهلهم بسبب إصابتهم بمرض الجدري، وقد وجدهما يصرخان من شدة البرد، فحملهما لبيته وقام بعلاجهما، وبعد سنوات عاد أهلهم من عرب "السميران" والتحق الطفلان بهم، ومرت الأعوام ليقابل الطفلان عمي "توفيق شنان" في قرية "أم الرمان"، وقالا له: (نحن عرب السميران رهان لآل شنان، لقد أنقذ حياتنا الشيخ "سلامي شنان")، كما وقد أعفى عن قاتل والده بعد أن أكرمه، كما قام بحل مشاكل "آل الهزبر" وأسكنهم في قرية "نجران"، ورغم مشاركته بالمعارك كواحد من المجاهدين، وهو يملك من العقل الجمعي الكثير لحل المشاكل والنزعات، لكنه تميز بحبه للأرض وزرع أرضه من فاكهة البطيخ، حتى وصل وزن رأس البطيخ لديه دون مبالغة إلى ثلاثين كيلو وبات مثلاً في تلك المنطقة، ولهذا لم يلقب بأبو "فاروعة" في البطولة والجهاد فحسب؛ بل صاحب اليد الخضراء في العطاء والتنمية».

يذكر أنّ الراحل "سلامي شنان" توفي عام 1937 عن عمر ناهز 87 عاماً.