تمكّنت "رفيدة أبو زيدان" في مرحلة قصيرة من تأسيس ورشة عمل صغيرة في منزلها لإنتاج لوحات فنية معتمدة على التطريز، وبالتعاون مع والدتها استطاعت تلبية الطلبات في "السويداء" والبيع عبر الإنترنت من على كرسيها المتحرك، لتحقق مصدر دخل جيد بمشروع يشغل يومها وروحها.

الوصول إلى أماكن التدريب أو الخروج من المنزل لم يكن ميسّراً لولا مساعدة والدتها كما قالت لمدوّنة وطن "eSyria"، فالأمر لم يعد مجرد إبرة وخيط ليمضي الوقت، وهي التي قضت سنوات من طفولتها في "ليبيا" شهدت خلالها عارضاً صحياً كان أحد أسباب العودة إلى الوطن: «لم تكن خطواتي الأولى للمشي موفقة، وكان على أهلي البحث عن السبب، في بلد مثل "ليبيا" عجز الطب عن التشخيص الطبي الدقيق، عدنا إلى الوطن ليقوم أهلي بجهود كبيرة لمتابعة حالتي التي شخصت شد وتر وتحتاج لعمل جراحي معين، وهذا ما أكد حاجتي للعكازات لفترة طويلة، ما تطلب مني التعود على واقع معين وظروف حياتية جديدة تقبلتها وحاولت التآلف معها قدر الممكن».

تصميم هذه الشابة على العمل والاستفادة من الوقت يظهر بشكل واضح في أعمالها، فما أنجزت من أعمال فيه كثير من الدقة ويحتاج لجهد كبير حتى يظهر بهذا الجمال، وحصلت على بعض أعمالها لتكون ضمن مجموعتنا في المعرض الدائم، مع العلم أن هناك من يهتم بعملها ويفضله ويسعى لاقتنائه

سعت "رفيدة" للدراسة، لكن العمل اليدوي شغل كثيراً من تفكيرها، وسارت في تفاصيل الاحتراف التي تطلبت منها ومن والدتها جهوداً كبيرة للالتزام بالدورات من خلال جمعية "المعوقين" أو "البطركية" التي مكنتها من تعلم قطب جديدة وفنون التطريز على يد متخصصات، وتضيف: «بدأت بنقل رسومات بسيطة للمبتدئات بدافع إتقان العمل الذي بات له طقس خاص عندي يترافق مع موسيقا هادئة، فتمكنت من تطريز أعمال متنوعة بغرز متنوعة ملونة وبخيوط جميلة، واخترت العمل بطريقة مختلفة لانتقاء لوحات فنية لوجوه أحاول تطريزها بحثاً عن التعبير وتجسيد ما أجد فيه خروجاً عن التقليد، هذه اللوحات راقت لعدد من المهتمين بالعمل اليدوي، وأخذت أجد لها ترويجاً مناسباً لأتابع العمل وتبدأ ملامحه تتضح ليكون للوحة أجرٌ يمكن أن يشكّل دخلاً جيداً بالنسبة لي».

من أعمال رفيدة

طريقة اختيار اللوحة تحتاج إلى الدقة كمرحلة أولى، واختيار الصورة ودراستها قبل طباعتها على القماش، ومن ثم شد اللوحة على دائرتين من الخشب تسمى (الطارة) ليتم التطريز وفق انتقاء الألوان بما يناسب الصورة، حيث تؤكد "رفيدة" أنّ البيع للمهتمين ساعدها بداية على تأمين مستلزمات العمل وتأمين دعم مقبول لتتمكن من تأمين الخيوط ومعدات العمل.

وتؤكد "رفيدة" أن خطوات جيدة تحققت لها، لكن القادم أفضل، وتقول: «حاولت الإضافة بانتقاء تصميم مناسب للقطعة، وقد اختبرت عملية تطريز اللوغو، ومنها لوغو لقناة "سما" الفضائية، وطلب مني إنجاز غيرها لشركات متخصصة، وأعمل اليوم على إنجاز لوحات مع إطار على الجدار، أو مفرش طاولة أو قطعة تزينية تنسجم مع الأثاث، أو تجسيد صورة تعني ذكرى لأحدهم، وهذا العمل يخلق لي راحة كبيرة تشجعني على الاستمرار».

كارميلندا رسلان

زارتها للمرة الأولى أثناء التحضير لمعرض مشترك للأعمال اليدوية، ووجدت لديها ما يستحق العرض وفق حديث "كارميلندا رسلان" المتخصصة بفن تدوير الأقمشة، والتي تأثرت بلوحات "رفيدة" وطلبت منها مجموعة لتعرضها ضمن معرض "الغصن العتيق" للأعمال اليدوية الذي حقق شهرة على مستوى محافظة "السويداء"، وقالت: «تصميم هذه الشابة على العمل والاستفادة من الوقت يظهر بشكل واضح في أعمالها، فما أنجزت من أعمال فيه كثير من الدقة ويحتاج لجهد كبير حتى يظهر بهذا الجمال، وحصلت على بعض أعمالها لتكون ضمن مجموعتنا في المعرض الدائم، مع العلم أن هناك من يهتم بعملها ويفضله ويسعى لاقتنائه».

جدير بالذكر أنّ "رفيدة أبو زيدان" من مواليد "السويداء" عام 1993.

من أعمال رفيدة

تم اللقاء بتاريخ 18 تشرين الثاني 2020.