لأنّ في الحياة ما يرشد للأمل والجمال ترسم "إيناس أبو سعده" على حجارتها البحرية، محاولةً إعادة الحياة بألوان وضياء يحاكي قصص الإنسان وعواطفه.

"إيناس" معلمة العلوم العامة أحبت الأعمال اليدوية، واختبرت منها الكثير وتعلمت مهاراتها، لكنها أيضاً أتقنت الرسم وهي صغيرة واستفادت من مهاراته في التعليم، احتفظت بفرشاة اللون لتكون رفيقة ساعات الفراغ، وجربت الرسم على خامات متنوعة، لكن تجربة الرسم على حجارة البحر كانت الأقرب لروحها لتميزها وبلاغة جوهرها، منها حققت شهرةً بين الصديقات أولاً، ومنها إلى جمهور شبكات التواصل لأنها نقلت من عواطفهم ما يصلح توثيقه على حجر ناعم الملمس لطيف الشكل.

جميل أن نطلع على تجربة هذه المعلمة التي تشغل وقتها بالكامل بين العمل والدراسة وأسرتها الكبيرة وتفرد للرسم حصة جيدة تجعلها قادرة على تلبية طلب من اختار رسماً معيناً لتزين له حجراً من بنات أفكارها، إلى جانب ما تحضره من أحجار جميلة مستفيدة من شكل الحجر الطبيعي وأضافت عليه ملامح فنية متميزة، مع العلم أنها أضافت لكثيرات من الشابات ملمحاً فنياً رائعا زين مناسباتهن، وكان هذا العمل لها نافذة جيدة لدخل متوسط لا يقارن بجمال وفنية الحجر الذي تتقن تزيينه ليكون مقاوماً للزمن

تقول "إيناس" لمدوّنة وطن eSyria : «بدأت بالرسم البسيط على حصى البحر، أختار منه الحجارة الملساء قليلة المسام وما كنت أشترط الشكل، فكلما كان عشوائياً كان عفوياً أكثر وأكثر جمالاً بالنسبة لي، من هذه الحصى اخترت أحجاماً مختلفة، بحثت عن طرق التعامل معها والتقنية الأجمل للرسم، وأي الخامات أكثر انسجاماً معها، هنا بدأتُ ورشة عمل منزلية ومصغرة منذ ثلاثة أعوام حوت احتياجات التحضير، لمد اللون وأخيراً الصورة النهاية التي سأحملّها فكرتي وعواطفي.

من أعمال إيناس في فترة الحجر الصحي

في تجربة أولية حضرت رسالة تليق بالأم فقد وجدت في اللون مسافات شاسعة للبحث والتعبير، رسمت جملاً أردتها أن تصل وتفاصيل قد لا ينقلها الكلام، من هذه التجربة تطورت إلى تجارب أكثر عمقاً تنوعت مسمياتها ورسائلها، فكل حجر له حكاية وهدف، وكانت قطعتي الأولى التي أبصرت النور لوحة تذكارية ممزوجة برائحة البحر والكثير من الحنين قدمتُها لفنانة الإكسسوار "نغم زياد نصر" التي شجعتني لأتابع في موهبة وجدتُ فيها تسليةً وخروجاً من ضغوط الحياة وقلقها اليومي الذي نعيشه في كل تفاصيل الحياة، تفاصيل لم تعد خافية على أحد حتى وإن حاولنا تناسيها، وكان هذا بالفعل ما جعلني أبحث عن تطوير التجربة على أمل اللجوء إليها ملاذاً من كل ما يعكر هدوء النفس».

"إيناس" وهي من مواليد قرية "عرى" عام 1984 تخرجت من معهد العلوم، وتمارس العمل التدريسي حتى تاريخه اختارت العودة للدراسة الجامعية، وهي اليوم طالبة في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية سنة ثالثة، وجدت في الرسم فرصة إضافية تساعدها على تأسيس لعمل جديد دعامته الأولى الفن الذي استساغه من اقتنى أحجارها الملونة، وحصل عليها كتذكار لمرحلة أو مناسبة أو حدث سعيد.

الأزرق في تفاصيل عملها

تضيف "إيناس": «يستغرب البعض كيف أتمكن من إنجاز واجباتي اليومية لأسرتي المؤلفة من زوجي الذي شجعني على الرسم وكنا معاً ننتقي أحجارنا في أيام كانت فيها ذكريات جميلة، وأولادي الثلاثة الذين يشغلون الحيز الأكبر من يومي وأخيراً أحجاري التي أعدها لتكون كما أرغب بالظهور في الحياة كعمل خاص يحكي عني، لكنها حالة حققت لي السعادة وأضافت دخلاً مناسباً.

بين العائلة والدراسة والرسم انقضت سنوات عايشتُ فيها تجربة ولوج عالم التسويق وإيصال الرسالة الفنية وتلمست ما يعترض عشاق الأعمال اليدوية من صعوبات مع غياب الدعم، ومنصات العرض التي تقدم العمل بأبهى صورة، فقررتُ هذا العام -بعد فترة الحجر الصحي وما أنتجت من أعمال استثمرت بها الوقت- تقديم أعمالي على نطاق واسع، وأسست على صفحات التواصل صفحة خاصة بعملي أسميتها "إذا نطق الحجر" لتكون هذه الصفحة مكان العرض الخاص لأعمالي التي أجهد لتكون حقيقية بمعانيها ورسائلها خاصة في المناسبات الحميمة، التي جعلتُ أحجارها تتحدث رسماً وكتابة ولوناً ووافقت ذوق من تواصل معي للحصول عليها، لأني أيضاً اعتمدت إضافات وإكسسوارات لطريقة عرض الحجر مع جمل تروق لهواة هذا الفن وطبعاً أنا أولهم.

أمل جميل الدين

وفي الوقت ذاته باشرتُ بالعرض من خلال معرض "الغصن العتيق" للأعمال اليدوية الذي تعود إدارته للفنانة "منال صعب" و الفنانة "كارميلاندا رسلان" ليكون للعمل صفته الحرفية وجاءت النتائج رائعة بحيث اتسعت مساحة المتابعين وطالبي الأحجار، وهو ما أسعدني فهناك نسبة جيدة من المهتمين والمتابعين وهذا انعكس خيراً من خلال حجم التسويق».

"أمل جميل الدين" موظفة ومهتمة بالأعمال اليدوية تصف أعمال "إيناس" بأنها قريبة إلى الروح لأنها تنتقي ألوانها وكلماتها على وقع قراءة شخصية من يطلب منها الحجر، وقد لاحظت ذلك في عدة أعمال كونها تنتقي درجات اللون المتناغمة القادرة على غرس التفاؤل ورسم الأيام القادمة كما نشتهي أن نعيشها.

تقول "أمل": «جميل أن نطلع على تجربة هذه المعلمة التي تشغل وقتها بالكامل بين العمل والدراسة وأسرتها الكبيرة وتفرد للرسم حصة جيدة تجعلها قادرة على تلبية طلب من اختار رسماً معيناً لتزين له حجراً من بنات أفكارها، إلى جانب ما تحضره من أحجار جميلة مستفيدة من شكل الحجر الطبيعي وأضافت عليه ملامح فنية متميزة، مع العلم أنها أضافت لكثيرات من الشابات ملمحاً فنياً رائعا زين مناسباتهن، وكان هذا العمل لها نافذة جيدة لدخل متوسط لا يقارن بجمال وفنية الحجر الذي تتقن تزيينه ليكون مقاوماً للزمن».

تم اللقاء بتاريخ 10 كانون أول 2020.