العديد من المشاركات الأدبية كالأمسيات والمنتديات والمهرجانات الشعرية، لكن ذلك لم يكن سبب لقاء eSyria بالشاعر "حسن قداح" بتاريخ 14/6/2009؛ بل بمجرد قراءة بعض أبياته قررنا زيارته والتعرف عليه وما يختلج في نفسه عند كتابته للشعر.

اتجه فضولنا منذ بداية اللقاء نحو موهبته الشعرية وتطورها، فشرح لنا قائلاً: «مما ساعدني على صقل وإنضاج تجربتي الشعرية كان المطالعة المكثفة والاحتكاك بالوسط الأدبي، وقد تأثرت من الشعراء في الأدب العربي ب"أبي نواس"، "أبي الطيب المتنبي" و"أبي العلاء المعري"».

أعتبر نفسي شاعراً ولست قاصاً لأن القصة في بعض الأحيان تؤدي تفاصيل وأحداث وحبكة وتشويق لا يؤديها الشعر في أغلب الأحيان

اهتمامه وقراءته لهؤلاء الأدباء تجلى في بحثه عن كل ما أنتجوه وما تعلق بهم، وها هو يذكر كمثال: «في إحدى المرات وبحثاً عن بعض المراجع القديمة للشاعر "أبي نواس"، وجدت في إحدى المكتبات مرجعاً تعود طباعته إلى عام 1952، ورفض صاحب المكتبة بيعه في البداية، وبعد إلحاحي لعدة مرات وعلى فترات متقطعة استطعت شراءه بسعر زهيد، لكن كان يمثل لي كنزاً، وقد كنت أجمع أيّ قصاصة ل"أبي نواس" تقع تحت ناظري، لأنه يعد بحق شاعر الوصف الأول (قدرته الهائلة على الوصف)، ويعتبر النقاد أن قصيدته في وصف المرأة التي تستحم هي من أروع قصائد الوصف في الأدب العربي».

الشاعر حسن قداح

أما عن اهتمامه بالأدب العربي الحديث وتأثيره على قصائده فقال: «مما قرأت وتأثرت به في الشعر العربي الحديث ل"بدر شاكر السياب"، و"محمود درويش" وكانت قراءاتي سبباً في انتقالي لقصيدة التفعيلة فيما بعد.

كتبت بداية ولازلت أعتبرها القصيدة الأساس القصيدة العمودية (الشعر العمودي)، مع أنني أكتب قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر ولكن يبقى حنيني للقصيدة العمودية، ومن قصائد التفعيلة هناك "سلحفاة"، "خفا حسن" و"النصر القادم" وغيرها، وبالنسبة لقصيدة "جنان" التي كانت في عام 1997 فقد ابتدأت بها مرحلة جديدة من الحياة والشعر بما حملت فيها من تناقضات من الإحباط إلى الأمل، فكانت كذلك ختاماً لمرحلة شعرية».

ديوان جنان

كتابة النثر غالباً ما تكون حاجة أكثر منها غاية كما هو حال قصائده، فكما أوضح: «كانت قصيدة النثر حاجة للتعبير عن بعض المواضيع التي كنت أرى أنها تؤدي الغرض وتخدم الموضوع أكثر من قصيدة التفعيلة، كما أن قصيدة التفعيلة تؤدي أحياناً غرضاً لا يؤديه النثر، وفيما يخص قصيدة النثر كانت أولها قبل حوالي ثلاث سنوات، وكان من النثر فيما بعد "ولادة" ومطلعها:

أرجوك لا تلديني

ودعيني ضمن هذه البيضة

أرجوك لا تلديني

لأنني أخشى الموت

فالموت يبدأ عند صرخة الولادة»

من طبيعة القدموس

وعند سؤاله عن كتابة القصة، أجاب قائلاً: «أعتبر نفسي شاعراً ولست قاصاً لأن القصة في بعض الأحيان تؤدي تفاصيل وأحداث وحبكة وتشويق لا يؤديها الشعر في أغلب الأحيان».

وعن كتابة الشعر وتأثر قصائده بالنقد علق فقال: «أكتب الشعر لإمتاع نفسي وإمتاع الآخرين، لزرع البسمة والنشوة عند الآخرين، وعندما أكتب نصاً لا أضع النقاد في ذهني لأني لا أكتب لهم بل لمن أحب من الناس، لأن رأي حبيبتي بالقصيدة أهم من القارئ.

الشعر عندي هو حالة تأتي من دون استئذان، فدفقة الشعر بريق مدهش وهطول بعد جدب واحتباس، فلا أقرر أن أكتب قصيدة ثم أكتبها بل هي تفرض نفسها، والقصيدة الحقيقية هي كذلك (التي تفرض نفسها) ولا تأتي بعد جهد من الشاعر».

"القدموس"، بطبيعتها، ينابيعها، بساتينها ومناخها اللطيف، عوامل لا بد أن تترك أثرها في الشاعر "حسن قداح" فكما أوضح: «أنا من محبي طبيعة "القدموس" ووجودي فيها طوال فترة حياتي، فكان لها تأثير كبير في شعري، بل يمكنني القول أنني عندما شربت من ماء ينابيعها وشممت هواءها وسمعت شدو الطير فيها ورأيت أزهار بساتينها ازددت شعراً، فلطبيعتها الفضل كل الفضل في شعري».

من دون وصفه بـ"شاعر الغزل"، كانت قصائده دليلاً كافياً لاحتراف هذا النمط، ومنها ذكر:

«رقت فخفت من النسيم إذا سرى أن يستبدّ مبعثراً أعضاءها

رقت فكانت ماء مزن هاطل من أين لي كف تجمع ماءها

وحضنتها فتطايرت فعلمت أني قد هصرت محبة أندائها

وحضنت نفسي باحثاً وململماً أنسامها، من جبتي وسنائها»

أبيات وقصائد تزين بعض الإصدارات الثقافية والمناسبات الأدبية ومنها: «تنشر لي قصائد في مجلة "الثقافة" الأسبوعية منذ فترة، و"الأسبوع الأدبي" منذ أشهر، وهناك مشاركات لي في أمسيات متعددة في عدد من المحافظات إضافة إلى المهرجانات وآخرها كان مهرجان الشعر الثاني والعشرين في "السلمية" (25- 30/4)، ويعتبر ملتقى للشعراء من مختلف المحافظات ويستضيف أحياناً شعراء من خارج القطر».