يعد العمل الجراحي الخاص لاستئصال "أم الدم البطنية" من أهم وأصعب الأعمال الجراحية انطلاقاً من صعوبة تمزق الانتفاخ المؤدي لفقدان الحياة.

لذلك كانت العملية الجراحية التي أجريت في مستشفى "بانياس الوطني" بمثابة عمل جراحي نوعي مغامر نظراً لخطورة الحالة المرضية وعدم توافر الكوادر ذات الممارسة، ولكونها المرة الأولى التي تتم فيها مثل هذه العملية في المستشفى.

من الجيد إجراء مثل هذه الجراحة في مستشفى "بانياس الوطني"، لتكون دليلاً على كفاءة الكادر الطبي القليل العدد والخبرة في مثل هذا الإنجاز الطبي، وهي خطوة أولى لمتابعة هذا النجاح بكل شغف واكتساب المزيد من الخبرات وتخفيف آلام المرضى وعبء السفر إلى "دمشق" لإنجازها

وللتعرف أكثر على هذه العملية التي يرى فيها "مستشفى بانياس" إنجازاً طبياً كبيراً التقينا المريض والكادر الطبي الذي أنجزها، والبداية مع المريض "عقل الحامض" من قرية "مرشتي" التابعة لمدينة "بانياس" حيث تحدث لمدونة وطن eSyria عن بعض التفاصيل والأعراض السريرية، بالقول: «كنت قد اشتكيت من ألم بطني متكرر مع شعور بالشبع الباكر، رافقه حالات من الإقياء المتكرر عقب الوجبات الغذائية، واستمرت معي عدة سنوات دون أن أدرك سببها الحقيقي، إضافة لظهور كتلة بطنية ناضجة نابضة خلال الأشهر الأخيرة قبل الخضوع للجراحة، وهي متوضعة فوق السرة ومؤلمة حين لمسها، ما اضطرني لمراجعة عدة اطباء للتأكد من ماهية المشكلة والسبب، ولكن بعد الخضوع للكثير من التحاليل المخبرية تبين للطبيب وبحسب تشخيصه لي أنها "أم الدم البطنية".

الدكتور "عماد صقر" والمريض "عقل الحامض"

وهي كما أوضحها الطبيب انتفاخ موضعي في القطر الأساسي للشريان الأبهر ضمن منطقة البطن، ولكن الآن والحمد لله بعد استئصالها أشعر بالراحة التامة والسعادة لكفاءة الخبرة الطبية التي خلصتني من ألمي».

وفي لقاء مع الدكتور الجراح "عماد صقر" اختصاصي جراحة أوعية، قال: «بعد مراجعة المريض "عقل" تم إجراء بعض الفحوص الطبية والتحاليل المخبرية للتأكد من تشخيص الحالة المرضية، وخاصة منها في التصوير الطبقي المحوري الذي بين وجود انتفاخ وتوسع موضعي في قطر الشريان الأبهر أكثر من القطر الطبيعي بكل وضوح.

أم الدم البطنية

وقدر هذا الانتفاخ ل"الشريان الأبهر" بحوالي تسع سنتيمترات، وامتد من تحت الشرايين الكلوية وحتى الشرايين الحرقفية، وهنا كان لابد من إجراء جراحة لاستئصال الانتفاخ، لكونه يهدد حياة المريض كلما ازداد قطره، وفعلاً تم إجراء الاستشارات الطبية اللازمة والهامة جداً لنجاح العمل الجراحي، وبدأنا بالتخدير العام للمريض ومن ثم تم فتح البطن وعزل "أم الدم" عن "الشريان الأبهر" قبل وبعد "أم الدم" لتأمين الضبط المناسب منعاً لحدوث النزف الصاعق أثناء الجراحة، وبعد ذلك فتحت "أم الدم" ووضع ضمنها المجازة الصنعية لتكون بديلاً من الشريان المصاب، وتم هذا بخياطتها مع الشريان الأبهر السليم قبل منشأ "أم الدم" وبعدها، مع ضمان عودة التروية للأحشاء والأطراف السفلية بنجاح، ثم تم إغلاق كيس "أم الدم" فوق المجازة الجديدة وعزلت عن الأمعاء وأعيد إغلاق البطن حسب الأصول».

ويضيف عن "أم الدم البطنية": «تعد "أم الدم الأبهرية البطنية" AAAs التصلبية المنشأ تحت الكلوية الأشيع بين أمهات الدم وتشكل حوالي تسعين بالمئة من كل أمهات الدم الأبهرية، وتقدر نسبة كشفها بين الرجال /9.3/ بالمئة و/2.2/ بالمئة بين النساء، وتوصف بأنها داء العجزة، فغالباً ما تكشف في العقد السادس والسابع من العمر، وهي أشيع بمرتين إلى ست مرات عند الرجال منه عند النساء، حيث إن معدلات حدوث الداء بين السكان /117,3/ ضمن كل /100000/ شخص وهذا استناداً للكشف والجراحة، وحسب دراسات غربية تقدر بحوالي /3.5/ لكل /1000/ شخص في السنة، فلا توجد في جراحة الأوعية آفة أكثر فتكاً من تمزق "أم الدم البطنية"».

المريض مع الكاد التمريضي

وعن أسباب نجاح العمل الجراحي أشار بالقول: «إن التجارب السابقة التي خضتها في مجال جراحة الأوعية والعمليات النوعية من هذا القبيل وغيرها في مستشفى "المواساة" و"الأسد الجامعي" كان لها الفضل في إكسابي الخبرة المضاعفة والدخول بخضم التجارب العملية في مجال جراحة الأوعية، وما يعطي التميز لهذا العمل الجراحي النوعي في مدينة "بانياس" هو أنه أول عمل جراحي من نوعه في "مستشفى بانياس الوطني"، حيث شكل نقطة انطلاق نحو الأفضل ضمن المدينة، إضافة إلى أنه تم بكادر طبي ضئيل العدد وقليل الخبرة وبأدوات محدودة».

وفي لقاء مع الطبيب المساعد في الجراحة الدكتور "مازن عثمان" ذكر بالقول: «من الجيد إجراء مثل هذه الجراحة في مستشفى "بانياس الوطني"، لتكون دليلاً على كفاءة الكادر الطبي القليل العدد والخبرة في مثل هذا الإنجاز الطبي، وهي خطوة أولى لمتابعة هذا النجاح بكل شغف واكتساب المزيد من الخبرات وتخفيف آلام المرضى وعبء السفر إلى "دمشق" لإنجازها».