حالة من التطور الأدبي تنقّل الأديب "غسان ونوس" خلالها من القصة إلى الرواية إلى الشعر، بحثاً عن ضالته المعرفية بأسلوب تجسدت فيه شخصيته الودودة وحسه المرهف.

للاطلاع على حالة التطور الأدبي عند الأديب "غسان كامل ونوس" التقت مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 19 شباط 2014، الصحفي والشاعر "محمد حسين" حيث قال: «من خلال اطلاعي على تجارب الأديب "غسان" الأدبية، أعتقد أنه يمثل حالة الأديب بكل معانيها وتجلياتها الإبداعية، فهو تنقل من القصة القصيرة إلى الرواية إلى الشعر أخيراً، وله العديد من الكتب المتناثرة في ما يصطلح عليه حالات لا تنتمي إلى جنس أدبي معين، وهنا يمكنني القول إن هذه الحالة تمثل بشكل دقيق قلق الإبداع أو سؤال المبدع في أي منحى يريد أن يكون له الصورة الحقيقية، لأن حالة التشظي الإبداعية التي نراها عنده تشبه حالة القلق العامة عند كافة المبدعين، فهو بدأ كقاص وانتقل إلى الرواية ومن ثم وجد ضالته في الشعر، ولكن كما أعتقد أن لا ضالة لمبدع، أي إن الأديب "غسان" لن يجد ضالته في أي جنس أدبي، لأن هذا القلق هو قلق معرفي إن وجده وإن كان موجوداً، سوف يجد طريقه إليه، وسيشق طريقه إليه كمبدع وكأديب.

إن الأديب "غسان" تشظى إبداعياً، وهو نموذج للمبدعين الذين تنقلوا من خانة أدبية إلى أخرى، ولم يسلط الضوء على هذا الحالة، فهو بذلك يمثل أكثر من جيل، علماً أنه كان في جيل الستينيات. وباعتقادي أن ما قرأته له في الشعر يشكل باكورة لشاعر مهم يشبهه، وأن لديه من البراءة ما يستحق أن نراه في شعره، وهنا أؤكد أنه اكتشف منجمه الشعري، ونحن بانتظار رؤية الألماس فيه

حتى إنه في مسيرته بالعمل النقابي تدرج بتسلسل ساهم كثيراً في إثراء تجربته المعرفية، فهو انتقل من الدائرة الصغرى إلى الدائرة الكبرى، ما ساهم في تنوع معارفه، وتنوع مشاربه، وازداد قلقه الإبداعي الذي لم يجده ولن يجده أبداً».

الصحفي والشاعر "محمد حسين"

ويتابع "حسين" بتوضيح حالة التطور الأدبي لدى الأديب "غسان ونوس"، من ناحية الأسلوب أولاً، فيقول: «إن الجملة الشعرية عند الأديب "غسان ونوس" تشبهه، فهو شخص طيب ودود، لذلك شعره كان كذلك، وهو ليس مشاكساً في جملته الشعرية ولا في تعابيره، ولا حتى في صوره الشعرية التي يقترب من خلالها إلى ذهن القارئ بيسر وسلاسة، وهذا يتعارض مع طبيعة الشعر الصادمة، التي نادى بها "أدونيس"، ومن خلفه الشعراء الكبار، فالصورة الشعرية يفترض أن تكون عذراء الكشف ولم يسبقنا إليها أحد، كي لا نقع في مطب البحث عن المعنى.

وبشكل أدق وأوضح، في حالة كنا نكتب قصيدة النثر، بماذا نضحي؟ وماذا نكسب؟ وهو سؤال معرفي يجب علينا الإجابة عنه جميعاً، كمشتغلين على الحالة الإبداعية، وننتظر النقاد أن يفسروا ما نقوم به، فالنقد الأدبي حالياً كسائر صنوف النقد مغيب، فلا أرى وسطاً نقدياً صالحاً لتشخيص الحالة الإبداعية العامة، وكذلك بالنسبة إلى حالة التطور الأدبي للأديب "غسان"».

من أعمال الأديب غسان ونوس

وأوضح "حسين" حالة التطور الأدبي عند الأديب "غسان ونوس"، فقال: «إن الأديب "غسان" تشظى إبداعياً، وهو نموذج للمبدعين الذين تنقلوا من خانة أدبية إلى أخرى، ولم يسلط الضوء على هذا الحالة، فهو بذلك يمثل أكثر من جيل، علماً أنه كان في جيل الستينيات.

وباعتقادي أن ما قرأته له في الشعر يشكل باكورة لشاعر مهم يشبهه، وأن لديه من البراءة ما يستحق أن نراه في شعره، وهنا أؤكد أنه اكتشف منجمه الشعري، ونحن بانتظار رؤية الألماس فيه».

الباحث والكاتب "يوسف مصطفى"

وعن شمولية حالة التطور لدى الأديب "غسان" يقول الشاعر "محمد حسين": «لو يستخدم الأديب "غسان ونوس" لغته الشعرية التي اكتشفها حالياً في رواية أدبية فإنها ستكون رواية جميلة، لأن ما كان يشوب روايته بشكل عام هو الجفاف، وتأكيداً على ذلك بعضهم يقولون إن رواية الستينيات يجب أن تبتعد عن الشعرية، لأن الشعرية هي مقتل من مقاتل الرواية. وبرأيي الشخصي إن رواية المستقبل يجب أن تشوبها الشعرية المتجذرة بها، لتقترب من القارئ وتبتعد عن الجفاف اللغوي الذي ساهم أدبنا به في ستينيات وحتى في ثمانينيات القرن الماضي».

أما من ناحية القصة وحالات التطور فيها، فقال "حسين": «في قصصه أجده أكثر إشراقاً، فهو يمتلك قدرة إعادة صياغة الصور البدئية في تكثيف لغوي جميل، وقد يكون أي قاص يمارس الكتابة القصصية هو مشروع روائي، وبالنسبة إلى الأديب "غسان" فهو لم يطل المكوث في القصة، بل انتقل سريعاً إلى الرواية.

فالأديب "غسان" مبدع، وكلمة مبدع ليست كلمة مقتضبة أو مختصرة بالنسبة إليه، لأنه يمشي دوماً في أرض بكر، لا يعرف أين ضالته، بل يبحث عنها دائماً، وأي مبدع في أي منحى من مناحي الإبداع يسير في أرض بكر لم يسبقه إليها أحد، وهنا تكون الانعكاسات الإبداعية لاحقة وليست سابقة، ولا يمكن الحديث عن الأفق، لأن الأدب يحتاج إلى راحة بعيداً عن الانفعالية لندرك إبداعه».

وفي لقاء مع الكاتب والباحث "يوسف مصطفى" قال في حالة التطور الأدبي عند الأديب "غسان ونوس": «قدم الأديب "غسان ونوس" قصيدة التشكيلة والومض الفلسفي، والمفارقات، والثنائيات، والتضادات، والمشاهد الاجتماعية، بلغة حملت أفكارها وإضاءاتها ومفردات مفاهيمها ولغتها، إنها شاعرية الفكرة، واستحضار مشاهد الحياة والوجود الإنساني وعذاباته الكثيرة، إنها قريبة من الداخل من القلب، وهذا لو أردنا إسقاطه على إحدى مجموعاته نجده في مجموعة "قريباً من القلب" بشكل متطور ومنهجي.

في مجموعة أخرى نرى حالة من الحداثة والتطور تظهر في تدرج الخطابة والرؤية الشعرية ولغة الحداثة، كما نرى أشكالاً في البناء ووسائله اللفظية واللغوية، وعمقاً في الشعور، جدياً في لغة الشهادة، وخطابها، وفضاء انتمائها ومدارها الفلكي، لم تكن الصور رغم حداثتها ورمزيتها منفلتة من علاقتها المنطقية ولم تكن متشظية وضائعة، بل كان لها خيوط تشدها، وتجمعها وتربط الذات بالموضوع لتدمج الكل الشعري في منظور كشفي جديد، يحمل فيضه النابع من عالم الشعور الداخلي، ويقدم تجربة شعرية متقدمة ونامية بإمكانياتها الجديدة».