بمبادرات شبابية ثلاث؛ تمكن أهالي "مشتى الحلو" من تحسين واقع غابة "جبل المشتى"، وتوظيف مكوناتها بـ"رحم الغابة" أولى تلك المبادرات، وحماية أشجارها بمكافحة حشرة الجادوب، وتعزيز ارتباط الأطفال المغتربين بوطنهم من خلال مبادرة "بعطيك اسمي".

المحامي "وائل صباغ" صاحب الفكرة الأساسية بحماية الغابة وتأهيلها واستثمارها سياحياً، ومبادرة "بعطيك اسمي" إحدى المبادرات التي أهلت موقع "جبل المشتى"، يقول لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 آذار 2016: «مبادرة "رحم الغابة" مشروع خلقته محبة الطبيعة وحمايتها، حيث بدأنا التركيز على المواقع الحراجية المزروعة بالصنوبر الثمري، وبدأنا تقليم الأشجار وتشذيبها ليتضح جمالها العام، ومن ثم فكرنا بضرورة وجود مكان نستطيع الراحة فيه والاستجمام ضمن تلك الغابة الجميلة، ليكون سكينة للمتطوعين العاملين بالفريق أو الزائرين، ولممارسة طقوس احتفالاتنا الدينية والقداديس ومنها "صيام المرفع"، فكانت البداية بجمع الصخور الكبيرة ونقلها إلى وسط الغابة، وكان هذا العمل بهمة الشباب، حيث نقلنا عشرات الصخور إلى مسافات كبيرة من دون كلل أو ملل، وجعلنا المكان مميزاً، ونال محبة الجميع، وبدأنا ارتياده باستمرار تشجيعاً للسياحة الطبيعية، لأنه بالنسبة لنا متنفس حقيقي في الطبيعة.

لم نبخل يوماً بجهدنا للمساهمة بحماية هذا الموقع، حيث عملنا خلال مراحل العمل يداً واحدة؛ لأنه مشروع وفكرة حضارية تعيدنا إلى بساطة الحياة وتمنحنا متعة للنفس

وكانت لنا عدة مبادرات تطوعية لحمايتها والعناية بها وتوثيق علاقة الناس فيها، ومنها مبادرة "بعطيك اسمي"، وهي حملة تشجير بأيدي وأسماء الأطفال المغتربين، تمت في الصيف الماضي، وهي من أهم المبادرات الهادفة إلى ربط الطفل ببلده، حيث بدأت المبادرة بعشرة أطفال واليوم وصلت إلى 200 طفل وطفلة شاركوا بغرس الشجيرات بأيديهم، ووضع أسمائهم المكتوبة على أوراق ظاهرة عليها، مع ترقيمها بأرقام تسلسلية تسهل عملية رعاية الأطفال لها، وهذه الفكرة انطلقت مني مع بعض المغتربين الحالمين بربط أبنائهم بتراب الوطن، حيث يكون لأطفالهم ولو شجرة في "جبل المشتى"، وهذا كان شرارة انطلاق حملة التشجير».

موقع رحم الغابة

ويتابع: «أنشأنا مجموعات خاصة بكل مبادرة على صفحات التواصل الاجتماعي، ليتابع المغتربون وأبناؤهم جميع التطورات على الغابة، ليبقوا على تواصل مباشر بالمتعة والهدف الذي سعوا إليه منذ البداية».

أما الشاب "سامي حنا" أحد المشاركين بالمبادرات الهادفة إلى حماية ورعاية غابة "جبل المشتى"، فيقول: «جمعنا كشباب فكرة حماية الطبيعة، لتكون ملاذنا في أوقات الراحة التي ننشد، وقد كانت مشاركتي بمبادرة "رحم الغابة" جيدة وفعالة من حيث الإنجاز الذي تم في النهاية، حيث قمنا بتشذيب الموقع بوجه عام، وإنشاء جلسة شعبية قوامها مكونات الطبيعة بصخورها وبقايا أشجارها، أطلق عليها المحامي "وائل صباغ" اسم "رحم الغابة" تيمناً بأكثر الأماكن التي يشعر فيها الإنسان بالأمن والأمان والراحة والطمأنينة وهو "رحم أمه"، وهذا كان هدفنا منذ البداية عدم إدخال أي شيء إلى مكونات الطبيعة والتعامل معها وفقاً لمقوماتها، وهذا ناهيك عن لمّ شمل أبناء "المشتى" في عمل تطوعي هادف».

المهندس وليد الزهير

في حين قال "وئام طنوس" أحد الشباب المتطوعين للعمل: «رأيت أن حماية الغابة وموقع الرحم فيها أمراً مهماً لاستمرار قدوم الزوار إليها، خاصة أنها أصبحت مقصدنا في مختلف المناسبات ومنها "صيام المرفع"، ورحلات المسير الدورية التي نقيمها، لذلك أطلقت فكرتين؛ الأولى هي "درب الوئام"، والثانية "مكافحة حشرة الجادوب".

فيما يخصّ الأولى وهو خط مسير ضمن الغابة وصولاً إلى الرحم، أقمت ما يشبه الجدران والحواجز على جانبي خط المسير ببقايا الأغصان والأشجار المتكسرة، لتضفي جمالية خاصة على خط المسير، فيشعر المرتاد وكأنه يعيش بساطة أيام زمان، كما أن هذه الحواجز تمنع من ليس له عمل من تجاوز منطقة الزيارة، فنحمي بذلك أشجار الغابة ونباتاتها البرية العشبية والغذائية، فتنمو وتتكاثر بحماية طبيعية.

المحامي وائل صباغ ومبادرة "بعطيك اسمي"

أما بخصوص مكافحة حشرة الجادوب، فاستجمعنا طاقات الشباب والمبادرين من أهالي "المشتى" والمغتربين، لشراء الأدوية الخاصة بالمكافحة، وقمنا برش هذه الحشرة للقضاء عليها والمحافظة على أشجار الصنوبر وثمارها، محققين بذلك ديمومة الأشجار وارتباط الأهالي بالموقع».

في "جبل المشتى" أعلى نقطة جغرافية في ناحية "مشتى الحلو" دأب الأهالي متمثلين بالشباب على العناية والراعية بالغابة الحراجية الطبيعية، لتكون متنفساً لهم بعيداً عن ضجيج الحياة اليومية والجدران الإسمنتية، ولتكون موسيقا الأشجار والطبيعة بمكوناتها الصوت الأهم، يقول المهندس "وليد الزهير" أحد مرتادي الجبل: «لم نبخل يوماً بجهدنا للمساهمة بحماية هذا الموقع، حيث عملنا خلال مراحل العمل يداً واحدة؛ لأنه مشروع وفكرة حضارية تعيدنا إلى بساطة الحياة وتمنحنا متعة للنفس».