بناء مشابه لكاتدرائية "طرطوس"، بمساحة ثمانين متراً مربعاً، أسس بحجر رملي أسمر نذراً لمولود، وتوقف حزناً لوفاته، فوضع زنار حجري أسود، لكنه استمر بقدوم الذكر الآخر، ليطلق عليه اسم القديس شفيع الأب.

في قرية "الروضة"، أو كما يطلق عليها تراثياً "بزاق" كنيسة أثرية تعدّ ثاني أقدم كنيسة قائمة في محافظة "طرطوس"، بنيت نذراً بأيدي أمهر البنائين المختصين وبمساعدة أهالي القرية؛ كما قال المعمر "جرجس كراز" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 28 حزيران 2017، وأضاف: «تركز الجهد الأهلي من سكان القرية بعمليات نقل الحجارة على ظهر المواشي من سهل "مرقية"؛ الاسم الشعبي لكامل المنطقة ومن ضمنها قرية "الخراب"؛ وهذا ما جعلها مكاناً للصلاة والعمل الأهلي المجتمعي منذ الانتهاء من بنائها وحتى الآن.

نتيجة عراقة الكنيسة وقدمها والقصة التي دارت حول عملية بنائها؛ تستقطب مختلف الأعمال الاجتماعية التي يقوم بها الأهالي، ومنها استضافة الأيتام في نشاطاتهم الاجتماعية من مختلف المناطق والمحافظات، وتسجيل أكبر قرص شنكليش في "موسوعة غينيس" للأرقام القياسية، كان ضمن باحتها

تقع الكنيسة في منتصف القرية، وتبعد عن البحر نحو 1.5 كيلومتر، وترتفع عنه نحو 187 متراً، ويحدها من الجهة الجنوبية نهر "مرقية"، ومن الجهة الشمالية قرية "الجنينة"، ومن الجهة الشرقية قرية "ضهر صفرا"، ومن الجنوب الشرقي قريتا "صايا" و"بديرة"، وتعدّ من أبرز المعالم الأثرية على مستوى الساحل؛ لقدمها وعراقتها وقصة بنائها».

المدرّس طوني أبو عيسى

"غسان بشارة" من أهالي وسكان القرية قال: «نتيجة عراقة الكنيسة وقدمها والقصة التي دارت حول عملية بنائها؛ تستقطب مختلف الأعمال الاجتماعية التي يقوم بها الأهالي، ومنها استضافة الأيتام في نشاطاتهم الاجتماعية من مختلف المناطق والمحافظات، وتسجيل أكبر قرص شنكليش في "موسوعة غينيس" للأرقام القياسية، كان ضمن باحتها».

المدرّس "طوني أبو عيسى" تحدث عن قصة بناء الكنيسة، فقال: «الكنيسة تتبع إلى أبرشية "اللاذقية"، ومساحتها نحو ثمانين متراً مربعاً، وجدرانها بثخانة مترين تقريباً، وقد أسس بناؤها نذراً بحسب محفوظات الكنيسة القديمة الموجودة منذ 162 عاماً، وأيضاً الزنار الحجري الأسود فيها له قصته، حيث تبدأ القصة عام 1855 بحضور الخواجة "جورج فيتالي" وزوجته من "اللاذقية" إلى قرية "بزاق" "الروضة" لأخذ بركة الخوري "يوسف"، والخواجة "جورج" وزوجته قد مضى على زواجهما أكثر من عشر سنوات ولم يرزقا بمولود.

الكنيسة من الخارج

وعندما وصلا إلى القرية، وجدا الخوري "يوسف" في كنيسة "شاما" "كنيسة الملكية" يقيم القداس، فقصداه لمعالجة أمرهما ببركته، فصلّى عليهما، وقبل أن يعودا إلى "اللاذقية" أعلن "جورج" نذراً أمام الكاهن بقوله: "نذراً عليَّ وعلى زوجتي إذا استجاب الله تعالى لدعائك أيها الأب القديس وأنجبنا ولداً، سأبني لك كنيسة بالقرب من بيتك، وأخصص مكان ضريح لك فيها».

ويتابع: «تحققت أمنية "جورج فيتالي"، وحملت زوجته وأنجبت ولداً، فأسرع "جورج" ببناء الكنيسة، وسميت باسم القديس "جاورجيوس" شفيعه، ولما وصل البناء إلى المدماك ما قبل الأسود الموجود ضمن كتلتها البنائية الحالية، توفي الطفل، وتوقفت أعمال البناء بعد أن وضع المدماك الأخير بالحجر الأسود حزناً على وفاة الطفل، وفي ذات الوقت كانت الزوجة حاملاً بجنين جديد، وهنا قال "جورج" للكاهن "يوسف": "إذا الله أطعمنا ولداً ذكراً، فسأتمم بناء الكنيسة فوق المدماك الأسود"، وبقدرة الله أنجبت الزوجة ذكراً، فأتمّ الخواجة "جورج" وزوجته عمليات بناء كنيسة "جاورجيوس" ما بعد المدماك الأسود، أو كما أصبح يطلق عليه الزنار الحجري، وعندما انتقل الخوري "يوسف" إلى رحمة ربه تعالى عام 1907 ميلادي، دفن في المكان الذي أُعدّ له داخل الكنيسة، وبذلك تكون قصة بناء الكنيسة لها وقع وصدى عند أهالي القرية، وتحظى ببركة أعمالهم الخيرية والاجتماعية».

باحة كنيسة جاورجيوس