يسكن "رضوان بيشاني" منذ أربع سنوات في كوخه الخشبي الذي صنعه بطريقته الفنيّة، فقد اختاره ملاذاً لنفسه كي يوثّق واقعه بالريشة والقلم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 تشرين الأول 2017، الفنان "رضوان بيشاني" الذي تحدث عن حياته وملامح بداياته الفنيّة والشعريّة، وقال: «أمي الراحلة الباقية هي الشخص الذي كان له الأثر الأكبر في تنمية فنّي ونضجه، فقد كانت تحفظ "مواويل العتابا" والشعر المحكي والأهازيج الشعبية، وكانت تمتلك صوتاً جميلاً وفائق الحنية، زرعت بداخلي عشق الفنّ حين كانت تغني لي لأغفو، ولم تكن تتعامل مع شعري بغريزة الأمومة، بل كانت تمتحنني لأكمل "موال العتابا" أو أرسم لوحة عن فكرة معينة، وبدأت الرسم بعمر الثامنة، وكتابة الشعر بعمر 14 سنة، وهما ليستا موهبتين، بل هما بذرتان نمّيتهما بالإرادة والصبر؛ فالفن وليد الصدمات والانكسارات، وكلّ عمل فنّيّ هو محاولة للتأقلم والنهوض والتصالح مع النفس والوسط المحيط».

عرفته منذ ثلاث سنوات أثناء مشاركته بمعرض في "طرطوس"، ولفتتني لوحاته الواقعية، وهو غير تقليدي في طرح الأفكار، وعُرف بإرادته القوية وتحويل خيبات الحياة بوجه عام إلى رسم وشعر، يتميز بالملاحظة الدقيقة والتقاط الجزئيات، ويعتمد الواقع في موهبته، ولديه ذكاء بارز في الشعر ويميل إلى البساطة والسهل الشديد الامتناع مع الحفاظ على العمق، وكذلك الأمر في الرسم

ويضيف: «أعمل بمهنة الزراعة التي عشقتها وورثتها عن أبي، وتأثرت بطبيعة قريتي قبل أن تغزوها الزراعة المحمية والبيوت البلاستيكية على حساب شجر البرتقال الذي تشتهر به، وأحمل إجازتين جامعيتين في التاريخ والحقوق من جامعة "تشرين". ربما كنت في غربة عن المحيط الاجتماعي العام، ونهلت معرفتي وتبلورت شخصيتي بفضل محيطي الصغير وجوّ أسرتي المُحبّة للثقافة والقراءة، وتكوّنت علاقة مع الكتاب وأهميته في حياتنا لدرجة أن الكتاب كان ولا يزال الهدية المفضلة لنا في كل مناسبة خاصة أو إنجاز شخصي».

رضوان بيشاني وكوخه

الواقع بوصلة ريشته إلى اللوحة ومفردات قصائده، ويقول: «مكان ولادتي دمغني بعشق الأرض وجعلني متجذراً بالتراب، ومتصلاً بالواقع وبمعاناة الناس ومشاعرهم التي هي معاناتي، وأخذت أنقل الواقع عبر رسوماتي وكلماتي وأقترب حدّ الحقيقة في الرسم، وأوظف ذات الفكرة بطريقتي الرسم والشعر وما توحيه لوحة قد تردده قصيدة، أميل في الرسم إلى السريالية، وفي البدايات إلى الكلاسيكية، كما أكتب الواقع بالشعر الموزون والتفعيلة والنثر والمحكي بمختلف اللهجات العربية، وكتبت القصيدة الغنائية أيضاً، والموهبة وحدها لم تكن كافية لتنجز فنّاً، بل احتاجت إلى المتابعة والانفتاح لتأتي بجديد وتنقل الصورة بمصداقية والفكرة بأمانة، وحوّلت الواقع المحمل بالهموم إلى إصرار ونجاح بالتجريب الدائم، فكل خسارة في حياتي كانت نقطة تحول، وفشلي في دخول كلية الفنون الجميلة لمرتين متتاليتين على الرغم من نجاحي بمسابقة القبول، كان سبباً لأرسم أكثر. وشاركت بمعارض عدّة، ومعرض فردي خاص بي وأمسيات شعرية».

يقول "بيشاني" في إحدى قصائده:

إحدى لوحاته

«نفسي:

منال الضرير

نفسي ارجع طفل زغيّر

عم يركض بهالبساتين

ويركض خلف طيور الورور

تيلملم منها تلاوين

نفسي ارجع طفل زغيّر

عم يبني قلعة من طين

شبابيكا من ورق الزعتر

وبوابا من ورق التين...

نفسي ارجع المح أمي

وتغمرني بهاكي الإيدين

تغمرني تا إنسى اسمي

وبطّل اعرف أنا مين

نفسي ارجع المح أمي

واغفا بحضنا لثانيتين

وشم أنفاسا لنو شمة

الريحتها فلّ وياسمين».

المعلّمة "منال الضرير" تتحدث عنه قائلة: «عرفته منذ ثلاث سنوات أثناء مشاركته بمعرض في "طرطوس"، ولفتتني لوحاته الواقعية، وهو غير تقليدي في طرح الأفكار، وعُرف بإرادته القوية وتحويل خيبات الحياة بوجه عام إلى رسم وشعر، يتميز بالملاحظة الدقيقة والتقاط الجزئيات، ويعتمد الواقع في موهبته، ولديه ذكاء بارز في الشعر ويميل إلى البساطة والسهل الشديد الامتناع مع الحفاظ على العمق، وكذلك الأمر في الرسم».

الجدير بالذكر، أن "رضوان بيشاني" من مواليد قرية "يحمور" التابعة لمحافظة "طرطوس"، عام 1981.