نجحت زراعة فاكهة التنين الاستوائية والمعروفة بـ"الدراكون" في "الساحل السوري" ضمن ظروف عناية خاصة جداً، فأنتجت ثماراً بأوزان قياسية، وتميزت بطعمها اللذيذ والمرغوب لدى الكثيرين، حيث يمكن أن تدخل في الوجبات المختلفة من سلطات الفواكه.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 10 شباط 2018، المزارع "حسن محمد" الذي قام بزراعة فاكهة "الدراكون" والترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقال: «تجربة زراعة "الدراكون" ناجحة جداً ومتميزة كتجربة سورية، وهذا وفق عدة مقاييس، منها أن الوزن المعروف للثمرة لا يتجاوز 200 غرام، بينما في تجربتي وصل وزنها إلى 700 غرام، وهذا يعزز ثمن الثمرة الواحدة المرتفع أساساً، الذي يصل إلى 3000 ليرة سورية بالجملة.

ما قدمه "حسن" في مجال زراعة "الدراكون" متميز، وساعد على نشر ثقافة زراعتها وتناولها، فهي غنية بالفوائد الغذائية والمعادن، كما أنها أصبحت جزءاً من زراعاتنا المستقبلية بفضله

وفيما يخص لونها وشكلها، فهي من الخارج ذات لون أحمر يتداخل معه وبخجل اللون الأصفر، أما من الداخل، فلونها أحمر جميل، ويتداخل معه اللونان البنفسجي والأبيض، وأظن أن هذا كان له دور كبير في تسميتها بفاكهة "التنين". وبالنسبة للشتول، فيتوضع عليها بعض الأشواك، أما الثمرة، فهي خالية منها».

حسن محمد

جمال الثمرة من جمال الزهرة؛ وهذا خلق بعض المشكلات، منها بحسب "حسن" انجذاب النمل لها، وتابع: «يمكن مكافحة النمل بالمبيدات الحشرية كمكافحة البندورة وكذلك النبات الأم يمكن محافحة كل ما ينجذب له، علماً أنه يمكن تغذيته بالبوتاس والفوسفات وبقية المعادن أيضاً لتمنحه القوة؛ وهذا دفعني لأطلق عليها فاكهة الدلال بالعناية والإنتاج».

زراعة "الدراكون" كتجربة في البداية احتاجت إلى الكثير من العناية، وهنا قال "حسن": «استحضرت النبات الأم من مشتل في "اللاذقية"، وكان وضعه سيئاً جداً يختلف عما شاهدته وتابعته عبر المواقع التخصصية على شبكة الإنترنت، اشتريتها بسعر مرتفع جداً؛ وهذا نتيجة تميز هذا النبات الاستوائي وقلة معرفة وخبرة أصحاب المشاتل والمهتمين بالفاكهة الاستوائية بها؛ أي ليس لها شعبية بين المهتمين، ففكرت في البداية بتحسينها وإنبات كميات منها على سبيل التجربة، وكانت مغامرة غير محسوبة النتائج، وعملية الإنبات كانت بالاعتماد على ما اختزنته من معرفة سابقة من المواقع التخصصية.

ثمرة الدراكون

طول الشتلة التي اشتريتها بـ3000 ليرة سورية لا يزيد على ثلاثين سنتيمتراً، فقررت تقطيعها إلى قطع ومحاولة إنباتها ضمن مناخنا الأساسي، وزرعتها في الرمل ضمن ظروف صعبة جداً، فالمناخ شتوي وغير مناسب؛ نتيجة الرطوبة والبرد الذي ينعكس على بنيتها النباتية.

بعد زراعتها تابعتها لأشهر طويلة، وشاهدت بأم العين كيف أن القسم الكبير منها يموت، فحاولت المحافظة على ما تبقى بشتى الوسائل، علماً أن أغلب من يزرعها لا يعلم ماهيتها أو حتى اسمها وفق تجربتي معهم».

سلطة فواكه تدخل فيها الدراكون

ويتابع: «في شهر أيار نقلت الشتول المتبقية إلى أكياس زراعية أكبر حجماً، وهنا بدأت العناية الصعبة والحقيقية لها للمحافظة عليها وفق الطرائق التي تعلمتها من المواقع الإلكترونية التايلاندية والفيتنامية والصينية، فنمت جيداً وبسرعة، وبطول نحو عشرين سنتيمتراً شهرياً، وبعد عدة أشهر كان نموها مكتملاً وعمرها جاهزاً للإثمار، وهذا أثار إعجاب رواد مقهى "المغارة الاستوائية" وشجعهم فيما بعد على تناول ثمارها والطلب بأن تكون وجبة أساسية لهم».

ويضيف: «نقلت الشتول الأم من الأكياس الزراعية إلى التربة، وهذا تطلب عناية مختلفة تماماً عما سبق، وأدى إلى فشل ذريع في قسم كبير منها، نتيجة أمراض فطرية متعددة، وأيضاً احتاجت إلى ري وتربة ومناخ خاص؛ وهو ما دفعني إلى تبديل أسلوب العناية والتربية، ومحاولة خلق أجواء نمو مختلفة عن السابقة؛ وهذا تطلب جهداً كبيراً، لكنه لم يذهب سدى، فنجى نحو خمس عشرة نبتة، وأخذت شكل المظلة على هيكل معدني صُنِع لها، وبعمر العام ونصف العام واكتمال النمو بدأت تزهر».

وعن تفاصيل الأزهار، قال: «أزهارها جميلة جداً، ورائحتها جذابة، وطولها نحو ثلاثين سنتيمتراً، وقطرها نحو عشرين سنتيمتراً، ويبدأ تفتح الأزهار في ساعات الليل الأولى، وتموت مع بداية الصباح؛ وهو ما يعني أن عملية التلقيح يجب أن تكون خلال هذه المدة القصيرة جداً، فأشعلت لها أضواء لتجذب الحشرات وتقوم بعملية التلقيح».

ويتابع: «بعد أسبوع بدأت الثمرة تظهر، نتيجة نجاح عملية التلقيح، وبعد أسبوع آخر اقترب نمو الحبة من الاكتمال، وبعد أسبوع آخر نضجت الثمرة وبدأت زهرة أخرى تظهر، وهذه العملية بدأت من أواخر حزيران، واستمرت حتى كانون الأول».

إنتاج وفير يؤكد نجاح التجربة السورية في زراعة "الدراكون" بحسب حديث "حسن": «قد يصل إنتاج النبتة في ذروة عطائها إلى 150 ثمرة؛ وهو ما يعني أن استثمارها يلبي الطموح، وهنا بدأت حملة تعريف بهذه النبتة والثمار عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وصفحة "المغارة الاستوائية"، وقدمت هدايا كثيرة من الشتول والثمار بهدف التعريف بها ونشر ثقافتها، فبدأ زوار المقهى التوافد لتذوقها، وبعت الكثير منها لـ"سهل عكار" ومدينة "طرطوس" و"بانياس"، وغيرها من المناطق؛ أي إنني بدأت مرحلة الاستثمار الجيدة ونشر هذه الثقافة، لكونها منتجاً محلياً».

ويضيف: «هي نبتة صبارية لا تحتاج إلى الكثير من المياه وفق البيئة الساحلية، وحتى الري يجب أن يكون بعيداً عن جذعها بنحو أربعين سنتيمتراً، وهي تحتاج خلال زراعتها إلى كمية كبيرة من السماد العضوي "السواد العربي"؛ يوضع بشكل قببي مرتفع عن سطح التربة نحو أربعين سنتيمتراً ويغطى بالنايلون ليمنح النبتة رطوبة دائمة بدل إغراقها بالماء».

وفي لقاء مع المدرّسة "فاتن فرحة" التي تذوقت "الدراكون"، قالت: «ثمرة لذيذة ومتفردة بلذتها، وحتى عصيرها أيضاً، تناولتها كسلطة فواكه فأضفت طعماً متميزاً على بقية الفاكهة الاستوائية، وتجربة زراعتها في الساحل تجربة متفردة وتستحق التقدير، فبدلاً من استيرادها، أصبحت تنتج هنا، وحتى الترويج لها كان ناجحاً جداً».

"فؤاد رمضان" صاحب "مشتل الربيع" قال: «ما قدمه "حسن" في مجال زراعة "الدراكون" متميز، وساعد على نشر ثقافة زراعتها وتناولها، فهي غنية بالفوائد الغذائية والمعادن، كما أنها أصبحت جزءاً من زراعاتنا المستقبلية بفضله».