صمّم المهندس "أسعد حداد" العديد من الابتكارات الإلكترونية نتيجة حاجة المجتمع لها، وقدمها بمواد أولية محلية وجودة عالية بغية تحقيق تنافس مع مثيلاتها إن وجدت، فقدم السخانة التحريضية، والبندقية الكهرومغناطيسية.

بمجمل ما ابتكره المهندس "أسعد حداد" حاول تبسيط تعقيدات الحياة اليومية على المحيطين به وأبناء مجتمعه بوجه عام؛ وفق ما أوضحه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 آذار 2018، وتابع حديثه: «في البداية بدأت ألاحظ وأتعقب ما يحتاج إليه الناس في حياتهم اليومية لتخفيف الضغوط النفسية عنهم، وتجلى أغلبها مع بداية الحرب الحالية، بعدم توفر الكهرباء والاعتماد على الطاقة النظيفة ووحدات التخزين لتوفيرها، لكن كان العائق عدم توفر روافع الجهد ذات العمر المديد والجودة العالية، وإن توفرت، يكون سعرها مرتفعاً وجودتها متوسطة؛ وهو ما يعني أن عمرها الافتراضي غير مرضٍ للمستهلك، وهذا دفعني إلى تصميم دارات رافعة للجهد بجودة عالية، ومصنعة يدوياً من مواد أولية محلية مئة بالمئة؛

قدمت تصميماً لأطراف صناعية ميكانيكية تعمل وفق أوامر عضلية، وهذه الفكرة والتصميم غير مطروقين في "سورية"، وسأسعى للحصول على براءة اختراع؛ لذلك لن أفصح عنه إلى حين توفر الدعم المالي لتقديمه إلى المجتمع الذي أنهكته الحرب

أي إنني استفدت من مقدرات البيئة الصناعية لصناعتها، كما أنني قدمتها بشكل مهذب وجميل صممته بنفسي، وكان السوق التجاري خير دليل على الجودة والفعالية والمناسبة للحالة الاقتصادية، حيث تمكنت من تلبية حاجته وبتسويق جيد».

أثناء العمل

ويتابع: «كما صممت مراوح تعمل على البطارية والكهرباء معاً، ولها القدرة على الفصل والوصل التلقائي من دون أي تأثيرات، وهذا غير متوفر في المراوح التي دخلت إلى البلاد مستوردة، كما أن دارتها صممت بجودة عالية من مواد أولية محلية، وكذلك حركة شفراتها كانت إلى اليمين واليسار بدل الدوران، وهذا كان تميزاً غير مسبوق.

أما فيما يخص السخانة التحريضية، فهي تعمل على مبدأ التحريض المغناطيسي بواسطة بطارية (سبعة فولت)، وتعمل عند وضع أي وعاء فوقها كإبريق الشاي، أو وعاء الطهو، وهي آمنة على الأطفال؛ فحين تولد الحقل المغناطيسي، تتولد الأمبيرات ضمن المعدن الملامس له، وبما أن الحديد مقاومته عالية تنتج منها الأمبيرات حرارة عالية تؤدي إلى عملية تسخين سريعة، وهي تجربة يمكن الحصول على براءة اختراع لها، واستهلاك الطاقة هنا بسيط وتوفيري».

المهندس أسعد حداد

وشارك المهندس "أسعد" بمبادرة "المبتكرون الصغار"، التي أقامتها "الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية" كمدرب، حيث قُدمت تصاميم ميكانيكية وإلكترونية وكهربائية تمثل حاجة المجتمع.

وأضاف: «قدمت تصميماً لأطراف صناعية ميكانيكية تعمل وفق أوامر عضلية، وهذه الفكرة والتصميم غير مطروقين في "سورية"، وسأسعى للحصول على براءة اختراع؛ لذلك لن أفصح عنه إلى حين توفر الدعم المالي لتقديمه إلى المجتمع الذي أنهكته الحرب».

من ابتكاراته

الابتكار الأكثر احترافية هو بندقية متطورة جداً، قال عنها: «قمت بتجربة صناعة بندقية صيد تعمل بالتحريض المغناطيسي عبر وشيعة تستجمع الطاقة التحريضية العالية "الكهرومغناطيسية" باستخدام بطاريات ومكثفات، وتسمح بمرور الطاقة بسرعة كبيرة خلال التفريغ لتتسبب بإخراج قطعة معدنية موضوعة في مقدمة البندقية، وقد نجحت التجربة، لكن أداءها كان ضعيفاً؛ أي إنها قابلة للتطوير والتعديل، وكذلك صنعت بندقية صيد أسماك تحت الماء؛ مصنعة يدوياً من مواد أولية متوفرة لدي، وقد نجحت في صناعتها، وتمكنت من استخدامها لصيد الأسماك».

وبالعودة إلى البدايات وأهمية تشجيع الأسرة لتنمية مهارات الأطفال، قال: «في عمر ست سنوات كانت أول تجربة لي بمجال الإلكترونيات، وحينئذٍ صنعت دارة مصباح يعمل على البطارية بمفردي بعد عدة استشارات من والدي، وكانت نقطة انطلاق تجاه الشغف والتعلق بهذه الصناعة، وربما كان عمل والدي بإصلاح الأجهزة الإلكترونية وتوفر التجهيزات الأولية والمعدات أمامي ومتابعتي له سبباً أساسياً لتعلقي بهذا المجال، وقد حاولت التخصص الأكاديمي به، ولكن -يا للأسف- كان التخصص في الهندسة الميكانيكية، قسم التصميم والإنتاج».

وتابع بتوضيح كيف أتقن صناعة الإلكترونيات، فقال: «الفك والتركيب والتجريب المستمر سبيل جيد للتعلم وإتقان التعلم كخبرة لها ديمومتها، وعلى سبيل الإيضاح، حين اختبرت إبحار قارب يعمل على البطارية صممته بنفسي، شعرت بسعادة كبيرة ما تزال نشوتها في داخلي حتى الآن، ولم أتخيل العواقب التي يمكن حصولها، ومنها حالة الغرق وحصول ماس كهربائي نتيجة تدفق المياه إلى داخل القارب لو وقعت، وأيضاً أهمية التصميم القابل للعوم، هذا ما يمكن القول عنه مراحل الإتقان».

كثيرة هي المواقف الطريفة التي حدثت معه، مع أن بعضها خطر، لكنها تبقى ذكرى بعد الحصول على النتائج الإيجابية، ومنها على حد قوله: «تعرضت لضربة كهرباء عدة مرات، ومنها ما أثرت بكهرباء المنزل وفصلها بالكامل، حتى إنها أحرقت جزءاً من الشبكة المنزلية، وفي إحدى المرات وضعت مسماراً معدنياً على طرف لمبة، ومسماراً آخر على الطرف المقابل، ووضعتهما في مأخذ كهربائي تسبب لي بضربة كهرباء وقطع الكهرباء عن كامل المنزل؛ وهذا أدى إلى ضرب القاطع التفاضلي، وحتى اللحظة لم يعلم أهلي بهذه الحادثة».

وفي لقاء مع "أحمد الجسري" أحد المستفيدين من خبرة المهندس "أسعد" قال: «خلال المشاركة بمبادرة المبتكرون الصغار الذي أقامته "الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية" عرضت لأول مرة السخانة التحريضية التي طرح فكرتها المهندس المشرف "أسعد" بكونها فكرة جديدة وملبية للحاجة وفق الظروف الحالية، وهذا يدل على تميز إبداعاته وأفكاره، إضافة إلى ذلك كان المهندس "أسعد" بالنسبة لي محرض للأفكار عبر تقديم خيارات متعددة لتخطي الصعوبات بالعمل، ناهيك عن أنه يحاول تجاوز المشاكل بابتكارات يصممها وفق الحاجة لها، وبأدوات ومكونات بسيطة قد لا يخطر على بال أحد الاستفادة منا أو توظيفها بعكسه تماماً».

وفي لقاء مع المهندس "خليل محمود" قال: «يعمل المهندس "أسعد" رغم أنه مهندس ميكانيك، في مجال الإلكترونيات بما ملكه من طموح وأفكار جميلة بحب وشغف، وهذا مكنه من تعلم الأردوينو بسرعة كبيرة، فقدم ابتكارات جيدة تخدم الحياة الواقعية في الوقت الحالي، وأعرفه عن قرب شاب طموح لا يعرف الملل».

يشار إلى أن المهندس "أسعد خليل حداد" من مواليد "بانياس"، عام 1991.