برودة مياه نبع "عين المشمشة" والأملاح المعدنية العالية فيه، منحته قيمة عالية، ويظنّ الناس أنه قادر على التخلص من حصى الكلى. وكذلك موقعه الطبيعي الذي جعله مقصد الأهالي في مختلف أوقات الصيف لقضاء أوقات استجمام بعيداً عن صخب الحياة اليومية.

في قرية "بحوي" أو "بيت الحواء" وفق تسميتها السريانية القديمة، والتابعة إدارياً إلى بلدة "خربة الفرس" في منطقة "نهر الخوابي"، التي تربو على هضبة متوسطة الارتفاع يحيط بها جبلان مرتفعان، التي تعلو عن سطح البحر نحو 400 متر، تفجر على كتف جبلها الشرقي نبع "عين المشمشة" الغني بالأملاح المعدنية، كما قال الأديب "علي الجندي" من أهالي القرية وسكانها، وكانت له خصوصيته الفريدة التي أدركها أبناء القرية ووظفوها في حياتهم اليومية، علماً أن في القرية ثلاثة عشر نبعاً منتشرة في أنحائها، وتابع في حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 نيسان 2018، فقال: «نبع "عين المشمشة" قديم، وعمره من عمر الاستيطان البشري هنا، وهذا ما أدركناه من حديث الأجداد القدامى. تميز ببرودة مياهه في فصل الصيف نتيجة موقعه الجغرافي بكتف الجبل الذي يبعد نحو 2.5 كيلو متر عن مركز القرية، ونحو 150 متراً عن أقرب طريق له؛ وهذا حافظ على طبيعته ونظافته باستمرار».

سمي النبع بهذا الاسم نتيجة وجود شجرة مشمش قديمة جداً متوضعة إلى جانبه، وقد تهالكت نتيجة قدمها وعمرها، كما يوجد بجواره حالياً العديد من الأشجار المثمرة، كالعنب والمشمش والزيتون والحمضيات

وأضاف: «تميزت مياهه بغناها بالأملاح المعدنية المفيدة للصحة العامة، وخاصة لمن يعانون من حصى الكلى والرمل، فأنا شخصياً جربت هذه المياه كعلاج على مدار عدة أشهر، وكانت النتيجة إيجابية جداً، كما أن الكثيرين من الأهالي جربوا تلك المياه، وكانت النتائج أيضاً إيجابية؛ وهو ما دفع الجميع إلى المحافظة على طبيعته ونظافة محيطه».

الأديب علي الجندي

النبع وعلى الرغم من أهميته مهمل من حيث الطرق الواصلة إليه، وهنا قال مختار القرية "رعد محي الدين عثمان": «موقعه في منتصف الجبل جعل وصول الطريق إليه صعباً جداً، لكنه غير مستحيل، وكذلك ساهم بالمحافظة على طبيعته البكر من دون تدخل الفعل البشري فيه.

وقيمته تتجلى أيضاً ببرودة مياهه صيفاً ودفئها شتاء، حيث يكون احتمالها على الأسنان صعباً نوعاً ما، كما أن قيمة الأملاح المعدنية العالية الموجودة فيه وظفت لتطهير اليدين من أي دسم عالق عليها من دون استخدام الصابون، وهذا خلال رحلات الاستجمام والتنزه بجواره».

نبع عين المشمشة

وعن أصل تسميته، يضيف: «سمي النبع بهذا الاسم نتيجة وجود شجرة مشمش قديمة جداً متوضعة إلى جانبه، وقد تهالكت نتيجة قدمها وعمرها، كما يوجد بجواره حالياً العديد من الأشجار المثمرة، كالعنب والمشمش والزيتون والحمضيات».

لأهالي قرية "بحوي" الكثير من الذكريات بجوار هذا النبع بحسب حديث "حسين عيزوقي" من أهالي وسكان القرية، حيث قال: «لكل فرد من أهالي القرية ذكرياته الخاصة مع هذا النبع، وأغلبها تتجلى بالسيران والسياحة الشعبية بجانبه، حيث كنا نصطاد السمك من النهر القريب منه، ونقصده لتناول السمك والتمتع بجمالية الطبيعة وغسل اليدين من بقايا الدسم.

حسين عيزوقي

وكذلك موقعه المرتفع على كتف الجبل الشرقي في القرية ميز الجلسة الصيفية، حتى إن هناك من كان يقصده للدراسة لأجوائه الهادئة، وبالنسبة لي أشرب من مياهه باستمرار، وقد ساهم بشفائي من حصى الكلى».

ويتابع: «جميع الأراضي الواقعة تحت النبع، هي لخمسة ورثة من عائلات القرية، تروى من مياهه، حيث كانت في السابق تروى وفق نظام أربعة وعشرين ساعة لكل عائلة، وكانوا يستغلون هذا الوقت بجلسات شعبية ترفيهية، تتخللها طقوس تراثية أبرزها عمليات تحضير الطعام بمياهه الخفيفة التي تساعد على الهضم بسرعة، فلا يشبع المرء مهما تناول من طعام».