أربع حارات على ثلاثة تلال مرتفعة عن سطح البحر ما يزيد على 750 متراً، شكلت فيما يعرف الاستيطان البشري الحديث لقرية "المرانة" المنحدرة من ثلاث عائلات أسستها ليزيد عدد سكانها حالياً على 2400 نسمة.

تضاربت الأحاديث حول العمر الافتراضي لقرية "المرانة" التابعة لناحية "العنازة" في ريف مدينة "بانياس"، لكنها أجمعت على التاريخ الغارق في القدم، بحسب حديث المختار "ياسين حبيب عاقل" الذي أكد لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 آب 2018، أنه حصل على ختم معدني قديم نقش عليه الاسم والتاريخ، وهنا قال: «وجد أحد الأشخاص منذ عدة سنوات ختماً معدنياً قديماً، أحضره لي لأعاينه وأطلع عليه لكوني مختار القرية، وقد كتب عليه: "محمد مختار مرانة 326"، من دون وضوح إن كان هذا الرقم للتاريخ السنوي الهجري أو الميلادي، وبناء عليه أقدر عمر القرية بأكثر من 1000 عام، علماً أن أول خانة لأهالي القرية مسجلة في عام 1860 في دائرة الأحوال الشخصية، ولا يمكن ربطه بتاريخ القرية؛ لأنه في السابق لم يكن تسجيل الأولاد شيئاً أساسياً ومهماً.

من أهم الأشجار البرية في القرية شجرة "المران" المعروفة بقساوة أغصانها واستقامتها، حيث استخدمت هذه الأغصان في صناعة الرماح، وبحسب الروايات المتناقلة كانت هذه الشجرة السبب الأساسي في تسمية القرية بـ"المرانة"

بينما بعض الدارسين في القرية أكدوا أن عمر القرية يتجاوز 300 عام من دون الإشارة إلى دلائل أثرية أو ما يوازيها، وقد يكون هذا الكلام صحيحاً بمقاربة بسيطة مع الاستيطان البشري الحديث فيها».

المختار ياسين عاقل وإلى يساره المعمر محمود المروح

وقد اشتهرت القرية بحسب حديث المختار بوفرة المياه فيها بوجه دائم، وتابع: «في القرية عدة ينابيع، منها الدائم ومنها الموسمي، وبعضها ما يزال الاعتماد عليه بوجه أساسي في حياة أهالي القرية، ومن هذه الينابيع نبع "الضيعة" الذي سحبت مياهه نحو 100 متر لحمايته، علماً أنه خلال التوسع في القرية والحفر بجانب مصدر المياه وجدت قنوات فخارية ممتدة بين مختلف الحارات.

وكذلك يوجد نبع "عين الكبيرة" ونبع "الحصان" العالي، والآخر السفلي، ومن أحدهما تصدر فوارة فوق الأرض في أوقات محددة من السنة بغزارة كبيرة ضمن جرف صخري، وترتفع المياه عن الفوهة عدة أمتار نحو الأعلى.

بجانب نبع القرية

كما اشتهرت بزراعة الجوز والتبغ والزيتون، حيث تنتج كميات كبيرة من الجوز تضاهي كميات إنتاج عدة قرى، وذلك نتيجة التعداد الشجري الكبير وطبيعة الوديان التي تنمو فيها؛ وهو ما أثر إيجاباً بجودة ونوعية الثمار.

وتميزت القرية أيضاً بالعمل الشعبي والتعاوني بين سكانها منذ ثلاثينات القرن الماضي، فشقوا الطرق للقرية ووصولاً ومروراً بالقرى المجاورة، وبنوا أول مدرسة على مستوى القرى المحيطة عام 1936، ونشطت فيها حركة التجارة والتعليم».

قرية المرانة وفق غوغل إيرث

وفي لقاء مع المدرّس المتقاعد "محمود المروح" المهتم بتاريخ القرية وجذورها، تحدث عن نسب وأصول عائلاتها، فقال: «أساس القرية ثلاثة أفراد فقط، هم: "عاقل" القادم من مدينة "جبلة"، و"ديوب الهدبة" القادم من مدينة "القرداحة"، و"محمود هنيدي" القادم من "وادي السرامطة" المتاخم لقرية "وادي القلع" شمال القرية، سكنوا على عدة هضاب جبلية لوفرة المياه بكميات كبيرة وخصوبة التربة، وبعد الموقع عن أعين الاحتلال التركي في تلك الفترة».

في القرية عدة حارات، منها: "القصر"، و"الدوره"، و"المدرسة"، و"الضهر"، وفق حديث "محمود"، الذي تابع قائلاً: «توزع الأجداد الثلاثة على الهضاب الجبلية المرتفعة جداً، وتحيط بها من الجهة الغربية قرية "نعمو الجرد"، ومن الجنوبية ناحية "العنازة" ومزرعة "المشيرفة"، أما من الجهة الشرقية، فلازمتها قرية "الدردارة"، ومن الجهة الشمالية قريتا "وادي القلع" و"وادي البركة"».

وفيما يخص تسمية القرية، قال: «من أهم الأشجار البرية في القرية شجرة "المران" المعروفة بقساوة أغصانها واستقامتها، حيث استخدمت هذه الأغصان في صناعة الرماح، وبحسب الروايات المتناقلة كانت هذه الشجرة السبب الأساسي في تسمية القرية بـ"المرانة"».