الطبيعة البكر غير المستثمرة ومرور نهر طبيعي دائم الجريان ترفده مجموعة كبيرة من الينابيع العذبة؛ كانت السبب في التفكير باستثمار هذه الطبيعة بمكوناتها منذ خمسينات القرن الماضي لتصبح مصدر رزق للكثير من العائلات، وتؤدي إلى حركة سياحية نشطة ومستمرة.

وجود النهر المسمى بـ"قيس وليلى" نسبة إلى العلاقة الحميمية بين الطبيعة الخضراء والنهر، كان سبباً أساسياً للاستثمار وإقامة المطاعم بمستوى (النجمتين) والمقاصف الشعبية، فجذب الكثيرين من الناس ومن مختلف المناطق والمحافظات للتمتع بأجواء سياحية مختلفة عما هو معهود؛ كما يقول الدكتور "مضر حسن" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 20 أيلول 2018، ويتابع: «سمعنا كثيراً بالمناخ الطبيعي والطبيعة الخضراء هنا ووفرة المياه، فقصدنا المكان لتغيير الأجواء التي اعتدناها، وهي في الأغلب جبلية، ناهيك عن أن وفرة المياه هنا ووجود المسابح الطبيعية والصناعية كانت عاملاً أساسياً لقدومنا، فالأجواء أمتعت الأطفال كثيراً، وشجعتني على تعليمهم السباحة.

أظنّ أن الناس هنا جديرون بالاحترام كثيراً؛ لأنهم وظّفوا الطبيعة التوظيف الصحيح، وأسسوا سياحة شعبية جميلة ومريحة قد تكون منافسة لأي سياحة خارجية مع تأمين المزيد من الخدمات الحكومية السياحية، ومنها النظافة مثلاً

علاوة على ذلك السباحة بالمياه الحلوة تختلف عن السباحة في المياه البحرية التي اعتدناها، فهي أكثر متعة، إضافة إلى أن خدمات الإطعام جيدة ومناسبة من ناحية التكاليف المادية، وهو أمر ضروري بالنسبة لي ليتناسب وقدرتي المادية».

مضر حسن

ربّة المنزل "رزان محمد" من المصطافين على نهر "قيس وليلى"، قالت: «لم تغادر ابنتي مياه المسبح وقد أتقنت السباحة كثيراً، وأذهلني الكمّ الكبير من الناس القاصدين الجلسات الشعبية للسباحة، حيث تتوفر مختلف وسائل المساعدة في المطاعم والمقاصف الشعبية لمن يرغب بتعلّم السباحة.

أتينا مع أصدقائنا من مدينة "بانياس"، وكانت التكاليف بسيطة مقارنة مع أي رحلة سياحة شعبية إلى أي مكان جبلي في مناطقنا، وما سرّني كربّة منزل توفر كل شيء هنا، ولي حرية الاختيار بالاعتماد على المطعم الذي أرتاده في طلب مختلف حاجيات رحلتي، أو بالاعتماد على خبرتي كربّة منزل وإحضار ما يلزمني من حاجيات زيارتي السياحية، واللافت أن حجم السياحة الشعبية هنا كبير بموارد ذاتية وخبرات محلية».

مقصف ومسبح

وفي لقاء مع "غيث حسين" مدير أحد المطاعم جانب نهر "قيس وليلى"، قال: «يبدأ النهر السيلان من نبع مغارة "بيت الوادي"، ويرفده نبع "بمحصر" وعدة ينابيع قوية وغزيرة دائمة الجريان، ومنها: "الدلبة"، و"الهني"، و"العيدون"، وينابيع صغيرة أخرى أيضاً دائمة الجريان صيفاً وشتاءً، ومجموع هذه الينابيع التي شكلت النهر كانت سبباً أساسياً للتشجيع على استثمار الطبيعة الخضراء بالمقاصف والمطاعم الشعبية، فأصبحت مصدر رزق للكثيرين من الأهالي المجاورين بأراضيهم لمجرى النهر».

ويتابع: «استثمار الطبيعة الخضراء بجلسات مخدمة بكوادر بشرية تملك الخبرة الجيدة في مجال الإطعام، كان لافتاً هنا عن بقية المناطق والمواقع على النهر، كما أن هذا الاستثمار أمّن فرص عمل كبيرة للشباب خلال فصل الصيف.

نهر قيس وليلى

موقع المقاصف والمطاعم قريب من مركز مدينة "طرطوس"، حيث تبعد نحو خمسة وعشرين كيلومتراً فقط، وتتوفر فيه أشجار الدلب والصفصاف على طول جانبي النهر، وهنا يمكن القول إن عدد المطاعم والمقاصف خارج هذه المنطقة يقلّ، وربما يلعب الدور الأساسي هنا الوعي المجتمعي بأهمية الاستثمار السياحي».

"أمجد أحمد" من زوار الموقع أكد أنه استمتع برؤية الناس يسبحون في المسابح، وآخرون يسبحون في مياه النهر ويصطادون الأسماك، وتابع: «أظنّ أن الناس هنا جديرون بالاحترام كثيراً؛ لأنهم وظّفوا الطبيعة التوظيف الصحيح، وأسسوا سياحة شعبية جميلة ومريحة قد تكون منافسة لأي سياحة خارجية مع تأمين المزيد من الخدمات الحكومية السياحية، ومنها النظافة مثلاً».