إضافة إلى الموقع الجغرافي للنبع، الذي يتميز بتضاريسه وغطائه النباتي والمناخ اللطيف، والموقع المتوسط لعدة قرى تتبع لريفي "بانياس" و"القدموس"، يمثّل نبع "الشيخ إبراهيم" عاملاً أساسياً يضفي على المنطقة المزيد من القيمة، ويجعلها مزاراً لمحبي الطبيعة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 تشرين الأول 2018، "عليا صيوح" من سكان قرية "تعنيتا" لتتحدث عن النبع وأهميته، حيث قالت: «يعدّ من الينابيع الدائمة الجريان في كل الفصول، وهو ينبع من السفح الجبلي لقرية صغيرة قريبة تجاور قريتنا، وتسمى "الجران"، وقد سمي النبع بهذا الاسم لوجوده بالقرب من أحد المقامات الدينية المعروفة في المنطقة؛ وهو مقام الشيخ "إبراهيم الحكيم"، كما تقع بالقرب منه غابةً من أشجار السنديان والبلوط والغار، وبعض أنواع الشجيرات، وقد مثّل قرب الغابة من النبع دافعاً أساسياً ليس فقط لأهالي قريتنا، إنما لأهالي القرى المجاورة لزيارة المنطقة بهدف الاستمتاع بهدوء الطبيعة وجمالها والتنزه في أحضانها، كما أنه مكان مفضّل لمحبي المسير الجبلي وهواة التصوير، وغير ذلك».

طبيعة عملي كسائق تفرض عليّ المرور من هنا يومياً، وبما أن القرية التي أعيش فيها تقع في منطقة مرتفعة والمياه فيها تشحّ صيفاً، فقد اعتدت أن أتزوّد من مياه هذا النبع مرتين أسبوعياً لتأمين احتياجات المنزل من مياه الشرب والطهو وغيرها من الاستخدامات المنزلية، ومثلي الكثيرون من أرباب الأسر الذين يجدون في مياه النبع منقذاً لهم ولعائلاتهم في فصل الجفاف

وتتابع: «مؤخراً قام أهالي القرية بمساعدة أهالي القرى المجاورة بعمل أهلي تعاوني اشترك فيه الجميع، فقاموا بإجراء تحسينات على مجرى النبع، كما عملوا على بناء خزانات الهدف منها تجميع مياهه بدلاً من هدرها، إضافة إلى تركيب صنابير للمياه لتخديم من يقوم بزيارة الغابة، كما تم مد خط مياه يخدّم الطريق المتجه إلى قرية "تعنيتا"، هذا الخط الذي استفاد منه الكثيرون من عابري الطريق وآخرون من أصحاب الصهاريج الذين يتزودون بالمياه باستمرار بوساطته كل حسب احتياجاته، وأيضاً استفاد منه الأهالي في سقاية المزروعات ضمن الحقول والأراضي الزراعية القريبة وحتى البعيدة منها، حيث ينقلون المياه من منطقة النبع إلى أراضيهم بطرائق متعددة، منها الآليات ومدّ الأنابيب».

أحد خزانات التجميع

وفيما يخص جغرافية النبع والمنطقة المحيطة به، قال المهتم بالبحوث الجغرافية المدرّس "سامي حسن": «يقع النبع على أطراف نهر "الشيخ إبراهيم" في أسفل سفح جبلي، حيث يتصف بشدة انحداره، تعلوه ثخانات كبيرة من الحجر الكلسي الذي يتميز بتخزينه للمياه، ومن المرجح أن الحت النهري القديم في العصور السابقة كان السبب وراء انكشاف وخروج مياه النبع، ومع أن هذا النوع من الينابيع يعدّ من الينابيع قليلة الغزارة بوجه عام، إلا أن وجود الثخانات الكبيرة للصخور الخازنة من جهة، ووقوعه في منطقة غزيرة الأمطار من جهة ثانية، جعلت منه نبعاً ذات غزارة كبيرة دفعت الناس إلى قصده في موسم الصيف للاستفادة من مياهه والتزود بها، خاصةً أنها ذات خصائص جيدة لنقائها وعذوبتها، كما أن كثافة الغطاء النباتي قلّل من الجريانات السطحية، وزاد من فرصة تسرب المياه عبر الشقوق الصخرية، فتتجمع المياه في قنوات باطنية لا تجد مخرجاً لها إلا عدة منافذ؛ أهمها في منطقة نبع "الشيخ إبراهيم"».

إذاً، وجود النبع في وادٍ عميق، وإشراف السفوح والجروف الصخرية الشديدة الانحدار، وتميز المنطقة بوجه عام بغطائها النباتي الكثيف، الذي أضفى المزيد السحر والجمال على المنطقة، هذه جميعها عوامل ساهمت في جعله قبلة السياح من محبي الطبيعة الجبلية والمسير وهواة التصوير، وأيضاً محطة استراحة لعابري الطرق، ومنهم السائق "إبراهيم أحمد" أحد أهالي ريف "القدموس"، الذي قال: «طبيعة عملي كسائق تفرض عليّ المرور من هنا يومياً، وبما أن القرية التي أعيش فيها تقع في منطقة مرتفعة والمياه فيها تشحّ صيفاً، فقد اعتدت أن أتزوّد من مياه هذا النبع مرتين أسبوعياً لتأمين احتياجات المنزل من مياه الشرب والطهو وغيرها من الاستخدامات المنزلية، ومثلي الكثيرون من أرباب الأسر الذين يجدون في مياه النبع منقذاً لهم ولعائلاتهم في فصل الجفاف».

تعبئة السيارات العابرة بالمياه
عليا صيوح