كاتبٌ شقّ طريقه في عالم الأدب والمسرح بالكثير من الجهد والتصميم، ليحجز لنفسه مكاناً مرموقاً في ساحة تعجّ بالكتّاب والأدباء، فمن بيئته استمدّ إلهامه في الشعر المحكي، وعلى خشبة المسرح كانت له حكاية مع الإبداع.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 23 تشرين الأول 2018، الكاتب "ميسم إبراهيم" ليحدثنا عن رحلته في عالم الكتابة، حيث قال: «البداية لم تكن سوى خربشات شاب تجول في رأسه أفكار كثيرة متعددة، وقد كان وجودي في أي محفل ثقافي من أحب الأعمال إلى قلبي، ولهذا كنت دائم الحضور في الأمسيات الشعرية والعروض المسرحية وغيرها من النشاطات التي تقام في المحافظة بوجه عام، لذا أستطيع القول إنني في البداية أخذت صفة المراقب لما يقدّم أو يطرح في تلك المناسبات، وقد كانت بداياتي مع كتابة بعض أبيات الزجل التي أرددها أمام الأصدقاء، وكانت باستمرار تنال إعجابهم، ربما السبب بساطتها وعفويتها ولكونها تخرج من القلب لتدخل بسلاسة إلى قلب الآخر، لكن هناك صنف آخر من الناس لطالما استفزني كثيراً بعبارات كانوا يرددونها، مثلاً سؤالي: لمن أكتب؟ ومن سيقرأ؟ وماذا سأجني؟»

يعدّ الكاتب "ميسم إبراهيم" من الشباب الصادقين الذين يمتلكون طموحاً أدبياً معاصراً للكلمة التي يسعى من خلالها للوصول إلى النخبة الشابة، فهو دائم الاجتهاد والسعي وراء همه ومسؤوليته الأدبية، وقد أبدع في كتابة القصيدة المحكية والتفعيلة، ومن بيئته اختار عناوين قصائده ومواضيعها، كما أنه منذ بداياته لم يتردد يوماً في ترجمة أفكاره من خلال لوحات مسرحية أبدع بها نصاً وأداءً حتى ارتقت بالفكر وصورت الواقع بلغة قريبة من المتلقي بكل خصوصياته

ويضيف: «لقد كان ظهوري الأول على خشبة مسرح المركز الثقافي بمدينة "صافيتا"، حيث قدمت أول أعمالي المسرحية، الذي حمل عنوان: "العملية"، والذي يتحدث بوجه خاص عن القضية الفلسطينية، وفي هذه المرحلة كان للفنان التشكيلي "فراس بدور" الدور الأكبر في تقديم الدعم بكل أنواعه، وقد التقينا باستمرار في رابطة الشبيبة في "صافيتا"، التي تبنّت كل الأعمال المسرحية والشعرية التي قدمتها لاحقاً، فكانت الداعم والمشجع الرئيس، ومن خلالها كنت ألتقي الشعراء والموسيقيين والكتّاب والمخرجين، وكنت أصغرهم سنّاً؛ لذلك حرصت على متابعتهم والاستماع إليهم وترتيب أفكاري بانتظار اللقاء الثاني... وهكذا. أما العمل المسرحي الثاني، فقد تقدمت من خلاله إلى المسابقة الأدبية التي أجريت في العاصمة "دمشق" برعاية اتحاد شبيبة الثورة، وحصلت فيها على المركز الثاني على مستوى القطر، وهذا العمل المسرحي حمل اسم: "قضية وطن" أثناء حرب تموز 2006، ومن خلاله تكرّمت في مدينة الشباب أمام نخبة من المثقفين السوريين ذوي الخبرة والاختصاص، وهذا كان دافعاً ومشجعاً آخر للمتابعة، والحقيقة ليس هناك ملهم ثابت في حياة أي كاتب، هناك حدث متحرك قد يمر أمامه ويدفعه إلى الكتابة، ولو كان الملهم شيئاً بعينه، لكانت أعمال الكتّاب غير متنوعة ولا تحمل أي جديد أو قيمة».

خلال أحد التكريمات

ويتابع: «قرأت باستمرار للكاتب السوري "محمد الماغوط"، وأول كتبه التي قرأتها كان: "سأخون وطني"، وقد أذهلني هذا الكاتب الشقي والمشاغب والطفولي في أحيان كثيرة، والحقيقة كان له كبير الأثر في أسلوبي الكتابي على الرغم من اطلاعي على الكثير من التجارب الأدبية سواء في الشعر أو المسرح، وفي كل مرة كنت أعود إلى فكر "الماغوط" البسيط العفوي الذي يشعرك بأنك على تماس مباشر مع قضايا الناس ومشكلاتهم، وقد أعددت نصاً مسرحياً بعنوان: "صرخة" عن نص لذلك الكاتب الرائع، وقمت بإخراجه أيضاً، وكان من أجمل الأعمال التي قدمتها في عرض مدته ساعتين، وقد لاقى تفاعلاً مذهلاً من قبل الجمهور، أيضاً من خلاله كوّنت فرقتي المسرحية المؤلفة من مجموعة من الشباب الموهوبين، وأسميتها فرقة "شوك" المسرحية».

وعن علاقته مع الشعر، قال: «في الشعر كنت ابن بيئتي، وقد كتبت القصيدة العامية أو ما يسمى الشعر المحكي، فمن خلاله أشعر بأنني أستطيع مخاطبة أي شيء من دون استثناء أو حواجز، والقصيدة المحكية لا تحتاج إلى تعقيدات اللغة، لكن هذا لا يعني أنها لا تحتاج إلى ضوابط أو إيقاع ووزن وموسيقا، وكانت لي العديد من المشاركات في الأمسيات الشعرية في مختلف المراكز الثقافية وبعض المهرجانات أيضاً، وقد وصلت بي القصيدة لأن أكون شخصاً مختلفاً، لكن بوجه عام مشاركاتي قليلة، والسبب رغبتي في ذلك، والحقيقة أكثر ما يحزنني موضوع الإصدارات الشعرية، على الرغم من أن لدي قصائد تكفي لديوان، إلى جانب عدد من (الاسكتشات) المسرحية الجاهزة للطباعة، إلا أن القدرة المادية تقف عائقاً، وكم هو أمر قاسٍ ومحزن بالنسبة لي ولشريحة كبيرة من الكتّاب والشعراء الذين يمتلكون موهبةً مذهلة، الأمر الذي دفعني إلى الابتعاد قليلاً عن المشاركات الشعرية والتفرغ للأعمال المسرحية، وهنا لا أدّعي أنني من المسرحيين الكبار، بل أعدّ نفسي مازلت في مرحلة المحاولة، وأذكر أنه عندما نال نصي "انكسارات" المركز الثاني على مستوى "سورية"، كان هناك (اسكتش) بعنوان: "بعد الموت"، وقد سألني أحد أعضاء لجنة التحكيم وهو مسرحي معروف، ماذا ستكتب بعد الموت؟ فأجبته كي نعيش يجب أن نموت قليلاً».

عنه قالت الكاتبة والشاعرة "ريما محمود": «يعدّ الكاتب "ميسم إبراهيم" من الشباب الصادقين الذين يمتلكون طموحاً أدبياً معاصراً للكلمة التي يسعى من خلالها للوصول إلى النخبة الشابة، فهو دائم الاجتهاد والسعي وراء همه ومسؤوليته الأدبية، وقد أبدع في كتابة القصيدة المحكية والتفعيلة، ومن بيئته اختار عناوين قصائده ومواضيعها، كما أنه منذ بداياته لم يتردد يوماً في ترجمة أفكاره من خلال لوحات مسرحية أبدع بها نصاً وأداءً حتى ارتقت بالفكر وصورت الواقع بلغة قريبة من المتلقي بكل خصوصياته».

يذكر أن الكاتب "ميسم إبراهيم" من مواليد قرية "بسدقين" في "صافيتا" عام 1979، ومدير فرقة "شوك" المسرحية، كاتب لعدد من المقالات في الصحف السورية منذ عام 2005، وحاصل على المراكز الأولى وعدة تكريمات وشهادات تقدير عن عدد كبير من مقالاته وأعماله المسرحية والأدبية المتنوعة.