بعد سلسلة من الاجتهادات التي تبلورت بأشكال مختلفة، تهدي "سارة عبيد" رسائل من الألوان بروائع أعمالها الغنية. ولأن مهنة الرسم مازالت محتفظة بألقها التاريخي، تبدع في وضع ابتكارات فنية مضافة إلى لوحاتها الخيالية ومهنتها الممزوجة بالإتقان والحرفية معاً.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "سارة عبيد" بتاريخ 16 تشرين الثاني 2018، لتتحدث عن بداية مشوارها بالرسم التصويري، حيث قالت: «منذ صغري كان لديّ اهتمام بالألوان، وأول شهادة تقدير كانت في مسابقة الرواد على مستوى محافظة "طرطوس" بعمر العاشرة، حينئذٍ أعجبتني الفكرة وقررت المتابعة بمجال الرسم والتصميم. في مرحلة دراستي بمعهد هندسة الحاسوب خصصت ساعات متواصلة لتعلّم أساسيات الفن التشكيلي، وعملت مشاريع أولية جسّدت فيها أفكاري على الورق الأبيض الخام، وعندما كنت أرغب بتكوين موضوع وأبدأ تنفيذه، أجد الجميع من حولي يشجعونني ويدعمونني للاستمرار في العمل، وهذا ما دفعني كثيراً إلى تطوير أدائي والجانب الوظيفي الذي رسمت من أجله اللوحة الفنية، وعندها قررت إنشاء ورشة لعرض وتسويق هذه التصاميم باسم "ساروشكا آرت" على مستوى "صافيتا"، ثم بدأت التصاميم تأخذ انتشاراً أوسع. بعد مدة قررت إنشاء ورشة يكون تصميم ديكور فيها بسيطاً من وحي الأعمال، والإضاءة متناغمة مع اللوحات ومن روح واحدة».

منذ البداية آمنت بفن "سارة" وعملها، وكانت البداية عام 2014 في معرض بمدينة "منسك" في "بيلاروسيا"، حيث تعاونا معاً في مجال الخياطة وتصميم الملابس وتزيينها، واستعملنا ألواناً وأدوات خاصة بملابس الأطفال، وهي تصاميم معاصرة وجذابة حسب رأي زوار المعرض، وهذا ما شجعنا أكثر لأن نقدم أعمالنا على مدار السنة، وبعدها أصبح عملنا يلامس الزبون أكثر، وأصبح بمقدوره أن يراه على الواقع ويقتنيه مباشرة

وأضافت: «بدأت الرسم والعمل في مرسمي الخاص، وحاولت أن أخرج عن التقليد من مرحلة الرسم على الخشب إلى تقنية الرسم على الملابس القطنية أو "الجينز" باستعمال ألوان ومواد خاصة بالقماش أو السطوح من دون استخدام الأكريليك، واكتشفت مع الوقت أن هذا النوع من العمل أصبح مطلوباً ومحبباً للكثيرين، ولا بد أن لكل مجتمع ثقافته و(بازاره) الخاص. ومن ناحية أخرى، من المهم الانفتاح على كل الثقافات، والهدف هنا فن تطبيقي بحت لا يشبه الفن التصويري المعروف عبر التاريخ، مع استخدام أدوات متخصصة لهذا النمط من الأزياء، وهي تحتاج إلى وقت وجهد كأي عمل، وهي بالفعل إضافة حقيقية إلى تجربتي في الرسم، في هذا الوقت أصبحت ورشتي تضمّ عدة أفكار متنوعة ومنسجمة من ناحية الشكل والألوان والملمس؛ بمساعدة رسامين محترفين يرافقونني خلال عملي لساعات طويلة، وهذا برأيي يعطي قيمة فنية أكبر لعلامة (ساروشكا آرت)».

من أحد المعارض التي شاركت فيها

أخذت لوحات "سارة" ترمز إلى الفتيات والنساء الجميلات ليتحول طموحها إلى مهنة حقيقية جسدتها في "سورية" وخارجها، وخاصة في السنوات الأخيرة، حيث قدمت العديد من المعارض بمشاركة مصممة الأزياء "إيفلين عبيد" في دولة "بيلاروسيا"، وهي تصاميم خاصة بملابس الأطفال ومعرض "فردان" المقام في "بيروت"، حيث يعدّ العرض السوري الأول من نوعه، الذي تضمّن التصميم والرسم المشترك بين الفنانتين معاً، وتابعت "سارة" تصف عملها في هذه المعارض: «أسعى دائماً إلى نقل أحاسيس النساء بكل حالاتهن وطموحهن إلى المتذوقين المتميزين في أي مكان بالعالم، لأن كل عمل أخرجه للعرض بنظري هو قصة منفردة، وحالة استثنائية إبداعية أقدمها لتعطيني مزيداً من الإلهام والقوة الفكرية في تطوير عملي.

وفي ذات الوقت حرصت أن أمثّل بلدي أجمل تمثيل بكل حضارتها وجمالها، وأدركت أنه مهما تطور الفن التشكيلي وواكب الحداثة تبقى جذوره راسخة أمام التطور والإبداع، وأنا أحب متابعة كل أنشطة ومعارض زملائي، ومواكبة كل ما هو جديد بخصوص تصميم الأزياء واقتناء كل ما هو مميز، لأضع فيه لمسة تزيينية جديدة، ومن ناحية أخرى أتابع آخر صيحات "الموضة" والفعاليات المرتبطة بأهم المصممين العالميين».

عرض أزياء مشترك مع إيفلين عبيد

وتحدثت "إيفلين عبيد" مصمّمة الأزياء، عن علاقتها بالفنانة "سارة"، قائلة: «منذ البداية آمنت بفن "سارة" وعملها، وكانت البداية عام 2014 في معرض بمدينة "منسك" في "بيلاروسيا"، حيث تعاونا معاً في مجال الخياطة وتصميم الملابس وتزيينها، واستعملنا ألواناً وأدوات خاصة بملابس الأطفال، وهي تصاميم معاصرة وجذابة حسب رأي زوار المعرض، وهذا ما شجعنا أكثر لأن نقدم أعمالنا على مدار السنة، وبعدها أصبح عملنا يلامس الزبون أكثر، وأصبح بمقدوره أن يراه على الواقع ويقتنيه مباشرة».

وفي ذات السياق تضيف الدكتورة في كلية الفنون الجميلة "رويدة كيناني" عن رأيها أكثر بالفن التشكيلي بالقول: «يجب على كل فنان الاطلاع على كل ما يدور حوله، وينفتح على كل المجتمعات، ويجرب لأنه لا غنى عن التجربة، وينتقل من الفن التصويري الزيتي أو ما يعرف بفن الطبقات المخملية إلى الفن التزييني الذي يعنى بالفئة العامة من الشعب، وهو فن قائم بحد ذاته، وله تفرعات كثيرة، وكل مرحلة لها خصوصيتها وأهميتها ووظيفتها، وأنا أشجع كل فنان يمتلك الحرفة أو الموهبة على الاستمرار فيها وتطويرها كما هي الحالة الجميلة التي تعمل بها "سارة"».

أدواتها الفنية

الجدير بالذكر، أن الفنانة "سارة عبيد" من مواليد "صافيتا" عام 1983، وتقوم مؤخراً بالعديد من الأعمال، هدفها تزيين أدراج مدينة "صافيتا" وتلوينها بإشراف مباشر من مجلس المدينة ومشاركة فريق متطوعين من الشباب.