على ارتفاع 950 متراً عن سطح البحر، وفد الجدّ "عمار" إلى مكان يقع على السفح الغربي لسلسلة الجبال الساحلية، ويتوسط عدة قرى ريفية، حيث استوطن فيه مؤسساً قرية "كعبية عمار" مع أبنائه الثلاثة، فتميزوا بزراعة التبغ، وأسّسوا حياة عنوانها العمل والعلم.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "كعبية عمار" بتاريخ 6 كانون الأول 2018، والتقت المدرّس "نظير معروف" من أهالي وسكان القرية، الذي تحدث عن أصولها، وقال: «يعود نسب القرية إلى جدّ واحد استوطن هنا في هذا البقعة الجغرافية من جرد "القدموس" منذ 350 عاماً، قادماً بحسب الروايات الشعبية من قرية "جلميدون" التابعة لريف مدينة "مصياف" الأقرب إلى منطقة "سهل الغاب"، وكان اسمه "عمار" ولديه من الأبناء ثلاثة هم: "أحمد"، و"إبراهيم"، و"معروف"، ومن بعده وجدت عائلات القرية بناء على هذه السلالة. وجاءت بعض العائلات بعد سكن الجدّ "عمار" في الموقع، قادمة من بعض القرى الريفية القريبة، ليكوّنوا جميعاً القرية المعروفة في وقتنا الحالي، ويمكن القول إن أكبر عائلات القرية هي: "آل إبراهيم"، و"آل معروف"، و"آل يوسف"، و"آل أحمد"، و"آل زيدان"، و"آل يوسف"».

كما يُزرع في الحقول مختلف الخضار المنزلية والأشجار المثمرة التي تحتاج إلى ساعات برد طويلة كالتفاح مثلاً

وتتربع قرية "كعبية عمار" بحسب حديث مختارها "مفيد أحمد" على السفح الغربي للجبال الساحلية، وتمتد مسافة نحو ثلاثة كيلومترات بعرض يشمل كامل سفح الجبل الواقعة عليه تقريباً، وترتفع عن سطح البحر نحو 950 متراً، وتشتهر بزراعة التبغ، حيث يصنف منتجها بين الأصناف الجيدة جداً بالنسبة لبقية مزروعات القرى المحيطة بنا، ويضيف: «كما يُزرع في الحقول مختلف الخضار المنزلية والأشجار المثمرة التي تحتاج إلى ساعات برد طويلة كالتفاح مثلاً».

نظير معروف

وبالنسبة للحدود الجغرافية قال "نظير": «يحدّ القرية من الجهة الشمالية مشروع "إنعاش الريف" وقريتا "الفروخية" و"التون الجرد"، ومن الجهة الغربية قرية "العليقة" وقلعتها، ومن الجهة الجنوبية قرية "الدي"، أما من الجهة الشرقية، فتحدها قريتا "النواطيف" و"بدوقة".

وتبعد القرية عن مدينة "القدموس" نحو اثني عشر كيلومتراً، وعن مدينة "بانياس" نحو خمسة وثلاثين كيلومتراً، وعن مدينة "طرطوس" نحو خمسة وسبعين كيلومتراً».

جانب من القرية

وفيما يخص العادات والطقوس قال: «تمتاز القرية حتى الوقت الراهن بطبيعة الأعراس التي تقام فيها، حيث ما تزال الصبغة الشعبية لها موجودة وحاضرة بالأغاني والزغاريد واجتماع الأهالي شعبياً، ليساهموا بالعرس ويقيموا حلقات الدبكة التي يشارك فيها الجميع دون استثناء، وهذا شجع بعض الشباب والرجال على تأسيس فرقة دبكة شعبية عرفت باسم القرية، تقدم الطقوس الشعبية الريفية للعرس الريفي في مختلف المهرجانات والمناسبات على مستوى المحافظة.

وتوجد أيضاً في القرية حالة اجتماعية جميلة متفردة على مستوى المنطقة؛ وهي الملعب الرياضي الكبير الذي يجمع آلاف الرياضيين والمهتمين بالرياضة خلال الدوريات الرياضية التي تقام باستمرار؛ وهذا ساهم بعملية التقارب والتآخي بين القرى القريبة والبعيدة؛ فالكرة تجمع الناس دائماً.

قرية كعبية عمار على الخريطة

كل هذه التفاصيل في حياة أبناء القرية أبقت ميزة البساطة هي الغالبة على طبيعة الناس وحياتهم، واستمروا على الرغم من العمل الوظيفي بالعمل الزراعي المنتج، وأهم ما زرعوه بعد التبغ عرائش العنب والتين».

وبالنسبة لتسمية القرية قال "ممدوح معروف" من أهالي وسكان القرية: «يروى وفي الأحاديث الشعبية المتناقلة بالتواتر من دون أي براهين على صحتها أو نكرانها، أن جدّنا "عمار" كان يملك فرساً أحبه كثيراً، وكان يقوم برعيه يومياً في بيدر واسع، ويقضي فيه جلّ وقته، وعرف البيدر بكعب الفرس لوجود آثاره فيه بشكل منفرد دون غيره، ومع التداول المستمر حرف إلى "كعبية عمار".

وفيما يخص السكان، فيبلغ عددهم نحو 1900 نسمة اتجهوا في السنوات العشر الأخيرة نحو التحصيل العلمي العالي، حيث توجد لدينا شهادات جامعية كثيرة، ويعزى ذلك إلى تنوع وجود المدارس، واهتمام الأهالي بالعلم، حيث يبلغ عدد الطلاب فيها نحو 210 طلاب».

وعن خدمات القرية قال "يوشع معروف" من أبناء القرية: «تعدّ القرية آخر القرى التابعة لمدينة "القدموس"، وهذا انعكس على جودة عملية النقل الجماعي منها وإليها سلباً، كما تحتاج القرية إلى قرار إحداث ثانوية نظراً إلى توفر الكادر التدريسي والبناء المدرسي، وأيضاً يوجد حيّ في القرية لا يتوفر فيه الصرف الصحي».