قدمت الأديبة "ألوان عبد الهادي" سيرتها الذاتية وعلاقتها بالبيئة التي تنتمي إليها شعراً وقصصاً، حيث تماهت بعض شخوصها برمزية، وبعضها الآخر بواقعية أحبتها، لكن السيرة الأكمل بالنسبة لها تأسيسها لمهرجان "أم الربيعين" المستمر منذ ثمانية عشر عاماً.

قرضت الشعر باكراً جداً، فالمخزون الفكري بالنسبة لها مشبع من المجالس الأدبية لوالدها الشاعر والصحفي "إبراهيم عبد الهادي"، إلا أن أول نصوصها المطبوعة كانت القصص التي جاءت حالة الطباعة بالمصادفة بالنسبة لها كما قالت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 كانون الأول 2018. وتابعت عن ذلك المشوار: «بداياتي مع الشعر منذ الصغر؛ حيث كتبت قصائد عن الطبيعة بقلم الرصاص لانجذابي لهذا اللون كثيراً، وكانت لشخصية والدي الشاعر والصحفي "إبراهيم عبد الهادي" دور كبير في ذلك، وأيضاً لطبيعتنا البيئية في قرية "بيت الشيخ يونس" وجمالها وعفويتها، التي أسماها والدي "أم الربيعين"، فأخذتني إلى عوالم لم أكن بواردها، وهذا تجلى في مواضيع التعبير التي أعدها لمادة اللغة العربية، وحفزني على المتابعة التشجيع الذي نلته في تلك المرحلة من مدرّس مادة اللغة العربية. كتبت الشعر الوطني الذي يميل إلى الوجداني، وبقيت تلك القصائد معي طويلاً، لكن هذه الحالة لم تستمر بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي مررنا بها، وتقاعد والدي من العمل، حيث وجدت نفسي لكوني أكبر أشقائي معنية بالمساعدة بأي طريقة؛ فأخذتني الحياة ومتاعبها ولم أدرك حتى حياة الأنثى وهي في مقتبل الشباب والعطاء، وذلك في ثمانينات القرن الماضي، حيث كانت وظيفتي في "دمشق" خلال دراستي للحقوق.

كتابة القصة القصيرة متعبة جداً، لأنها تحمل الكثير من المزايا والمقومات التي تحتاج إلى عمق في توظيف المفردات، وكذلك القصة الرمزية صعبة التناول لكون الشخصيات الرمزية تحمل أموراً غير مباشرة، وتحتاج إلى وقت وجهد لدقة التوظيف، وهما جنسان خضت في غمارهما كثيراً وأحببتهما، لكن استهواني الأسلوب الرمزي أكثر في الشعر والقصة من الأسلوب المباشر

لكن وفاة والدي عام 1999 كانت نقطة تحول كبيرة في حياتي، وبدأت توظيف طاقاتي واستعادة قدراتي وملكاتي الأدبية، وأسست مهرجان "أم الربيعين" كذكرى عن روح والدي عام 2001، وما يزال مستمراً حتى الآن من دون انقطاع، حيث جذب الكثيرين من الشعراء والأدباء والمثقفين من عدة محافظات، وهي محاولة فردية لترسيخ حالة ثقافية وجدانية رحمها المبادرة في العطاء الأدبي من قبل الجميع».

من مجموعاتها القصصية

لقد حاولت الأديبة تقديم مهرجانها الأدبي في كتيبات تعريفية بهدف نشر وعي جمعي حول الملتقى، وخلال عمليات الطباعة؛ طبعت مصادفة مجموعتين قصصيتين؛ الأولى حملت عنوان: "الروح الثانية"، والثانية: "مع إشراقة كل ربيع"، وأضافت: «مجموعتي القصصية الأولى هي الأساسية في مجال القصة، وتتحدث عن التفاني والتضحية من أجل الآخر، كتبتها على مراحل زمنية متباعدة كثيراً، ويظهر فيها وجع كبير وعنفوان أكبر، وشملت ثلاثة أجناس من القصص؛ السردي، والكلاسيكي، والرمزي، وهذا ما يعدّ قدرة عالية في طريقة توظيف الأفكار وصبها بواقعية شملت مثلاً تفكيري خلال السير في الشارع، وخلال تناولي للطعام، وتأمل الطبيعة وذكرى والدي.

أما مجموعتي الثانية "مع إشراقة كل ربيع"، فيظهر فيها تطور أدواتي كثيراً، وحالة التوظيف للشعور الإنساني عبر المخيلة والذائقة الفكرية التي اكتنزت بالقراءة المعمقة لمختلف الكتب الأدبية والفكرية والثقافية».

مهرجان أم الربيعين

وتتابع: «كتابة القصة القصيرة متعبة جداً، لأنها تحمل الكثير من المزايا والمقومات التي تحتاج إلى عمق في توظيف المفردات، وكذلك القصة الرمزية صعبة التناول لكون الشخصيات الرمزية تحمل أموراً غير مباشرة، وتحتاج إلى وقت وجهد لدقة التوظيف، وهما جنسان خضت في غمارهما كثيراً وأحببتهما، لكن استهواني الأسلوب الرمزي أكثر في الشعر والقصة من الأسلوب المباشر».

وفي قصيدتها "باشقة الهدب" جاء فيها:

المحامية الأديبة ألوان عبد الهادي

"باشقة الهدب الناعس كالعشق

يخضب اخضرار القلب

المسكون سهوب حرائق ولهه

تنبته أمواجاً في أنساغ الشجر

فتصهل شماريخ الزبد

وتذوب أجياد تتقافز في شهب الهامك..

ويحار الحور والدردار في التقاط نسائمه

من معطرة هيامك.."

وفي لقاء مع التشكيلي "فيصل إبراهيم" المطلع على أعمال الأديبة "ألوان"، قال: «كتابتها تشبهها كثيراً، ففيها تتضح طيبتها وصبرها وتميزها، فهي خلاقة بتقديم أفكارها المقتنعة بحجمها الطبيعي، فلا تضخمها بأسلوب صاخب وكاذب، بل تقدمها بأسلوب بسيط.

وبالنسبة لمهرجان "أم الربيعين"، فقد كانت حريصة دائماً من خلاله على أن تكون فاعلة بالشأن الثقافي، ومنتجة لحالة ثقافية اجتماعية راقية.

قرأت لها قصتها "صحن ملاقط"، حيث دخلت إلى عالم النفس ومتاهاته الدقيقة، وغاصت في المتاهات الداخلية والذهنية، وبرأيي من يكتب بهذا الأسلوب فهو حكماً خاض تجربة نفسية مهمة، واكتسب درجة معرفية لمضامين الذات، حيث استطاعت تحويل تهيؤاتها النفسية إلى نص أدبي».

يشار إلى أن المحامية الأديبة "ألوان إبراهيم عبد الهادي" من مواليد قرية "بيت الشيخ يونس"، عام 1965.