من طفل عاشق للألعاب القتالية، إلى بطل شقّ طريقاً صعباً في رحلة السعي لتحقيق الهدف، لم يتلقّ أي تعليم أكاديمي في مجال الرياضة، لكنه أبهر كل من عرفه بطاقاته الجبارة ومهاراته التي اكتسبها بالتدريب المتواصل، والإرادة منقطعة النظير، حتى أصبح بحق طفرة رياضية قلّ مثيلها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 آذار 2019، بطل الفنون القتالية المختلطة، بطل "سورية" والعرب في القوة البدنية "علي منصور" ليحدثنا عن مسيرته الرياضية، فقال: «نشأت في قرية "خربة الأكراد"، وهي قرية حدودية، تبعد عن مركز مدينة "طرطوس" أربعين كيلو متراً، تميزها طبيعتها وأهلها الطيبون، وفي ربوعها كنت طفلاً شقياً، امتلكت منذ مراحل مبكرة من طفولتي روح القتال والعنف، ومع هذا كنت محبوباً من قبل الجميع ممن هم أكبر وأصغر مني في السن، وفي عمر الثماني سنوات، تعلقت بمشاهدة أفلام "بروسلي" و"جاكيشان" و"محمد علي كلاي"، وكنت بعد انتهاء الفيلم، أخرج إلى الطبيعة لأعيد ممارسة ما شاهدته من حركات قتالية، سواء بمفردي أو مع بعض الأصدقاء، أما دخولي الفعلي في هذا المجال، فكان بعد انتهاء دراستي الإعدادية، حيث توجهت إلى "بيروت" بقصد العمل، وفي منطقة "جونيه" بدأت التدرب في أحد النوادي الرياضية على يد مدرب ياباني، وقد تفاجأ بما رآه عندي من موهبة، وأذهلته قدراتي الهائلة، والفنون والقوة التي أمتلكها، وهناك بقيت أتدرب لمدة ثلاث سنوات، عدت بعدها إلى بلدي للالتحاق بخدمة العلم، التي أمضيتها في "دير الزور"، تلك المدينة الجميلة بفراتها وناسها، وعلى الفور التحقت بأحد النوادي الرياضية في المدينة، وبعد أن رأى المدرب "ملهم خطاب" قدراتي بدأت التدرب على يده، وهناك بدأت مشاركاتي في مختلف الفعاليات والمناسبات الوطنية والقومية، أديت خلالها عروضاً مذهلةً، أدهشت الناس الذين كانوا في كل مرة يشعرون وكأنهم يتابعون فيلماً سينمائياً، وفي تلك المرحلة أيضاً كنت بطل "دير الزور" حتى انتهاء خدمتي الإلزامية، وعودتي إلى مدينتي "طرطوس"».

قدمت إلي عروض مختلفة للسفر إلى "لبنان" و"فرنسا" و"أميركا"، شرط أن أمثّل تلك الدول في البطولات، لكنني رفضت، فلن أحمل علماً سوى علم بلادي، ولدينا في "سورية" أبطال وخامات لن يعيدها التاريخ، وهم رفاق الدرب وأصحاب التشجيع والدعم الحقيقي لي، منهم: "نبيل"، و"باسل ملحم"، و"وسام اسماعيل"، و"علي خضرة"، و"حسن العبد"، و"عادل فياض" البالغ من العمر 73 عاماً، أبطال تركوا بصمة كبيرة، لكن من دون دعم يذكر، وهنا أوجه دعوتي للجهات المعنية لأنها أنقذت هذه الرياضة ممن يتعدى على حرمتها، كي نعيد إلى أبطالنا مكانهم وألقهم

ويتابع: «منذ بداياتي احترفت جميع أنواع الفنون القتالية؛ "التايكواندو" و"الكيك بوكسينغ" و"المصارعة" و"الجودو" والآيكيدو"، وجميعها تندرج تحت مسمى الألعاب القتالية المختلطة، وهنا أود الإشارة إلى أنه من النادر جداً أن يوجد لاعب يمتلك موهبة كهذه، ويمارس جميع هذه الفنون في آن واحد، هذا إضافة إلى احترافي لعبة القوة البدنية رفع الأثقال.

من أحد التكريمات

وبعد أن عدت إلى محافظتي، واجهتني العديد من المصاعب أثناء مواصلة تدريبي، منها بعد قريتي عن المركز المدينة؛ وهو ما اضطرني إلى النوم في النادي والعمل في المرفأ لتأمين متطلباتي، ومع هذا كله تمكنت من المشاركة في جميع البطولات، والحصول على المراكز الأولى، باعتمادي الكلي على نفسي، وجهودي المبذولة في السعي لتحقيق هدفي، وأثناء تلك المدة تعرفت إلى المدرب "محمود أحمد"، رئيس اللجنة الفرعية للقوة البدنية في المحافظة، وقد أبهرته الأوزان الكبيرة التي تمكنت من حملها، فأدخلني في بطولة "سورية" للقوة البدنية، بعد أن علمني قوانين اللعبة في مدة لم تتجاوز خمسة عشر يوماً فقط، لأحصل بعدها مباشرةً على المركز الأول على مستوى المحافظة، وبعد شهر من ذلك حصلت على المركز الأول في البطولة التي أقيمت في "دير الزور" على مستوى الجمهورية، وكان ذلك في نهاية عام 2003».

ويكمل: «في عام 2004، شاركت ببطولة العرب التي أقيمت في صالة "الفيحاء" في "دمشق"، وأحرزت المركز الثالث، وكانت من أجمل البطولات والدافع والمحفز لي للمتابعة في هذه اللعبة، وبين عامي 2005 و2008، خضت الكثير من البطولات على مستوى الجمهورية، وكنت دائماً أحصل على المركزين الأول والثاني. أما البطولة الأخيرة، فقد كانت عام 2011 التي أقيمت في مدينة "حلب"، وهي البطولة الأجمل على الإطلاق، خضتها على مستوى أندية الجمهورية بعد انقطاع عن اللعب، ولم أحضّر لها إلا قبل عشرين يوماً فقط من انطلاقها، واستطعت بعد أسبوع واحد من التدريب أن أحقق أرقاماً هائلةً، فاجأت من خلالها المدربين الذين شهدوا بأنها أرقام يمكن أن تؤهلني لأكون بطل "آسيا"، وبالفعل خلال البطولة نافست 16 لاعباً من وزن 82 كيلو غراماً، خرجوا واحداً تلو الآخر، ولم يبقَ إلا منافس تغلبت عليه عند الرقم 270 كيلو غراماً، وضغط الصدر 165 كيلوغراماً، وفي حركة "التقبين" حملت الوزن 270 كيلو غراماً، وعدت إلى محافظتي حاملاً شهادة تكريمي في المركز الأول، وميدالية وكأس بطولة الجمهورية، لألتحق بعدها مباشرةً بصفوف الجيش العربي السوري كمدرب للقوات الرديفة فيه. أما حالياً، فأحضّر لبطولة "آسيا" التي ستقام بعد عدة أشهر».

البطل علاء فهد

ويختم بالقول: «قدمت إلي عروض مختلفة للسفر إلى "لبنان" و"فرنسا" و"أميركا"، شرط أن أمثّل تلك الدول في البطولات، لكنني رفضت، فلن أحمل علماً سوى علم بلادي، ولدينا في "سورية" أبطال وخامات لن يعيدها التاريخ، وهم رفاق الدرب وأصحاب التشجيع والدعم الحقيقي لي، منهم: "نبيل"، و"باسل ملحم"، و"وسام اسماعيل"، و"علي خضرة"، و"حسن العبد"، و"عادل فياض" البالغ من العمر 73 عاماً، أبطال تركوا بصمة كبيرة، لكن من دون دعم يذكر، وهنا أوجه دعوتي للجهات المعنية لأنها أنقذت هذه الرياضة ممن يتعدى على حرمتها، كي نعيد إلى أبطالنا مكانهم وألقهم».

بطل الملاكمة ومدرب لعبة كمال الأجسام "علاء فهد" قال: «إنه بحق ومن دون أي مبالغة خليفة "بروسلي"، في البداية أدهشنا بقدراته الهائلة أثناء تدربه في النادي، وبالأوزان التي حققها، حينئذٍ كانت رياضة القوة البدنية لا تزال فتية على مستوى المحافظة، وقد اختار "علي" أن يمشي في هذا الطريق ليحقق أرقاماً كبيرةً في عدة بطولات على مستوى الجمهورية، ورقم "تقبين" ظل مسجلاً باسمه على مستوى العرب، أرقام تؤهله ليكون بطل "آسيا" والعالم، وهو حاصل على الحزام الأسود من الدرجة الثانية "دان" في لعبة "الكيك بوكسينغ"، وحصل أيضاً على شهادتي تدريب وتحكيم، إلا أنه اختار أن يبقى لاعباً، إنه بطلٌ لم يتخرج في مدرسة رياضية، إنما شق طريقه بمعاناة وصبر طويل، ولا نستطيع إلا أن نشهد له بأنه طفرة رياضية قل مثيلها على الأقل على مستوى "سورية"».

يذكر، أن بطل الفنون القتالية المختلطة والقوة البدنية "علي منصور" من مواليد "خربة الأكراد" في "طرطوس"، عام 1975.