عاش طفولته في الريف، وأحبَّ الطبيعة وعشق تفاصيلها؛ فامتزج سحرها بدواة ألوانه، وأطلقت العنان لموهبة عانقت السماء، فبدأت من الريف السوري، واستقرت عند حدود العالمية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الفنان التشكيلي "غطفان حسين حبيب" بتاريخ 12 نيسان 2019، ليحدثنا عن بداياته مع الرسم، فحدثنا قائلاً: «كل إنسان بطبيعة الحال يتأثر بمحيطه كمكان أو محيط اجتماعي، ولكوني ولدت في بيئة ريفية جميلة؛ فقد أضاف هذا الشيء إلى الفطرة قيمة جمالية مشتقة من كنف الطبيعة ومصبوغة بألوانها المفعمة بالحياة والحب، إضافة إلى عمل والدي بالخط العربي الذي لا ينفصل عن الفن، فكونت هذه العوامل أساس موهبتي، وقد اكتسبت هذه الموهبة إطارها الأكاديمي من خلال التحاقي بكلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق"».

لا سقف للطموح، لأن أعلى ما نصل إليه سيتحول إلى قيمة عادية إن لم نرفده بأفكار جديدة تحمل الإبداع والغرابة، والبحث في هذا المجال لا حدود له

وعن تحصيله العلمي، قال الدكتور "غطفان": «بالنسبة للتحصيل العلمي، فقد شدتني رغبتي العارمة بتعميق اختصاصي وإكمال دراسة الماجستير في الفنون الجميلة عام 2009 بموضوع "رسوم ما قبل التاريخ في سورية"، ثم إكمال درجة الدكتوراه عام 2015 بموضوع "تحول الرسوم والرموز القديمة إلى أول أشكال الكتابة الصورية الحضارات الرافدية القديمة". ورغبة مني في التنويع المعرفي؛ التحقت بالجامعة الافتراضية السورية، وحصلت منها على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، إضافة إلى درجة دبلوم التأهيل التربوي من كلية التربية في جامعة "دمشق"».

من لوحات الفنان

وبالحديث معه عن المعارض التي أقامها في "سورية" وخارجها والجوائز التي حصل عليها، قال: «أقمت العديد من المعارض الفنية داخل وخارج "سورية"، منها مشاركتي في معارض في "روسيا، وأوكرانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وكندا، وتايلاند، وكمبوديا، ولبنان"، إضافة إلى العديد من المعارض المحلية في "دمشق"، وحصلت على العديد من الجوائز من نادي "محافظة دمشق" والإدارة السياسية، إضافة إلى دبلوم "الإمبراطورة كاترين الثانية" من "أوكرانيا"».

وأضاف الفنان: «أدرّس الآن في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق"، ودرّست سابقاً في الجامعة الدولية الخاصة للعلوم والتكنولوجيا، ومستمر بالتدريس في المركز التربوي للفنون التشكيلية بـ"دمشق".

مع الطلاب

أنا أجعل من طلابي أصدقاءً لي قبل أن يكونوا طلاباً، كي أستطيع أن أدخل المعلومة الصحيحة بالحب والودّ وليس بطريقة التلقين، وأتمنى من كل منهم أن يتبع إحساسه وقلبه قبل أن يتبع رغبته ونصيحة غيره؛ فالفن لغة بصرية ورسالة عالمية، ودورنا نقل هذه الرسالة».

وعن كتابة الأول الذي صدر مطلع هذا الشهر، قال: «من تجربتي الطويلة في البحث في موضوع فنون ما قبل التاريخ، رأيت أن أدخل مجال الكتابة، وقمت بتأليف كتابي الأول بعنوان: "رسوم ما قبل التّاريخ في سورية"، وقد صدر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، وما زلت أكمل تجربة الكتابة في إعداد كتب إضافية تبحث في ذات الموضوع».

غلاف الكتاب

وفي ختام اللقاء، قال عن مفهوم الطموح: «لا سقف للطموح، لأن أعلى ما نصل إليه سيتحول إلى قيمة عادية إن لم نرفده بأفكار جديدة تحمل الإبداع والغرابة، والبحث في هذا المجال لا حدود له».

المتدربة في المركز التربوي للفنون التشكيلية في "دمشق" "ريم دلباني" تحدثت عن تجربتها قائلة: «التحقت بالمركز وبدأت التدريب على يد الدكتور "غطفان"، هذا الفنان الذي يعطي كل ما يملك من معلومات بدون تذمر، يؤمن بالمواهب يساند ويساعد المتدربين في كل خطوة، يكتشف فيهم مواهب ويمرنهم ويساعدهم على إخراج طاقاتهم المدفونة، والملفت في الدكتور "غطفان" أنه صاحب فكر متجدد لا يعرف الجمود في الأداء يطور من ذاته ومن طلبته بشكل مستمر وبطرق جديدة، ويعود الفضل له في صقل موهبتي بالرسم، والوصول إلى هذه المرحلة المتطورة، وأحببت الرسم أكثر بعد تدريبه لي فهو يمتلك أسلوباً وطريقة رائعة في إيصال الأفكار للمتلقي، وكان الدكتور "غطفان" هو الصديق والأخ، قبل أن يكون المدرس والمدرب»

الدكتورة "عتاب ناعم" مدرّسة في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق"، وزوجة الدكتور "غطفان"، قالت عنه: «استطاع "غطفان" أن يكون بين طلابه الأستاذ المحبوب الذي يمنح معرفته بصدق وإخلاص للجميع وبغير تمييز. وبوجه دائم تراهم يتنافسون لكسب ثقته ومحبته، ويرسلون رسائل الشكر له لدعمه لهم لمتابعة رحلة تحقيق حلم في عالم الفن. ولأنه دائم الانشغال بهمه الإبداعي، فقد كانت علاقاته مقتصرة على قلة تشاركه شغفه في الفن، وكذلك العمل في أبحاثه النظرية، لكنه احتفظ بمزاجه الخاص وظل يتناول لحظات يومه بمرح وعفوية، ويتعامل مع تفاصيل الحياة وفق رؤيته الإبداعية التي يعبّر عنها بألوانه وكلماته».

الجدير بالذكر، أن الفنان "غطفان حبيب" من مواليد "طرطوس"، عام 1976.