من وحي البيئة الريفية الجَميلة في "سهل عكار" تمكّن الفنَان "صالح قرميد" من صناعة منحوتاته المتنوعة، وإيصال فنّه إلى مختلف أنحاء الوطن من خلال مشاركته في أكثر من 100 معرضٍ مشتركٍ، استطاع فيها إظهار مقدرات فنّية متنوّعة لم تقتصر على النحت فقط بل شملت أيضا الرسمَ التَشكيلي.

مدونةُ وطن "eSyria" بتاريخ 29 تموز 2019 التقت الفنان "صالح قرميد" ليحدثنا عن بداياته مع فنّ النَحت فقال: «أعتقد أنّ البيئة الريفية التي ترعرعت فيها كان لها الدور الأكبر في تنمية موهبة الفن التي تولد مع الإنسان في طبيعة الحال، ولعلّ النظرة الفنّية التي يمتلكها الفنان منذ الصغر تساعده في النّظر إلى المحيط الذي يعيش فيه على أنه لوحةٌ فنّيةٌ وعليه أن يخرج منه أجمل اللوحات التي تعكس إحساسه وما يدور في داخله، ومن هنا كانت انطلاقتي مع النَحت عندما بدأت باستثمار الطّبيعة المحيطة، فقد كنت أساعد عائلتي في تقليم الأشجار المحيطة في المنزل وأنتقي من أعوادها ما يلفت انتباهي وأراه بطريقة مختلفة لأقوم بنحته واستخراج الشّكل الفني منه، هذا ما لفت أنظار عائلتي والمدرسين في مدرستي وبدأ الدعم من قبلهم لإيصال المنحوتات إلى النّاس من خلال مشاركاتي في المعارض المدرسيّة، وهذا ما ساهم أيضاً في مشاركتي في عدة معارض محليّة في المراكز الثقافية، ومن هنا كانت انطلاقتي مع النّحت الذي رأيت فيه التعبير الصحيح والمناسب عما يدور في داخلي من تصوّرات للحياة».

"صالح" رفيق الطفولة وهو إنسان نشيط لا يعرف الكسل، مهووس بالفن بكل أشكاله من نحت ورسم، شاركني في العديد من المعارض في أماكن مختلفة من "طرطوس"، منحوتاته فيها شيء كبير من الإبداع، تراها وكأنّها تتكلم، يعطيها من روحه وإحساسه ما يجعل من أعماله قطعاً فنّيةً متميزةً، وأتوقع له مستقبل مملوء بالنجاح

وأضاف "صالح" بالحديث عن النّحت وكيفيّة صناعة المنحوتات: «لا أحبّ الانطباعيّة في النّحت ولا يستهويني التقليد وأبرز أنواع الأخشاب التي أستخدمها من (الجوز والكينا والتوت)، وأغلب المنحوتات والأشكال التي أجسدها من وحي الخيال، وأكثر الأعمال التي أحبّها هي منحوتة قمت بصناعتها منذ مدة كانت تحاكي وجه إنسان لكن على جسد أفعى، وقد لاقت رواجاً كبيراً لما فيها معاني تجسد الكثير من الشخصيات في الواقع الحالي، وفي واقع الأمر أعتقد أنني في النّحت أمارس الهروب من ضغوط الحياة اليومية، فأقوم بتفريغ الطاقة السلبية من خلال هذا الفن، وأحوّل الفوضى المتكدّسة في داخلي إلى منحوتات أعبر من خلالها عن الواقع اليومي الذي يعترضني، فكما يقول الفنان "نيكوس" من لديه القدرة على مشاهدة الجمال لا ييأس أبداً فالفن دائماً يحمل المنحى الإيجابي».

خليل بلال

وبالحديث معه عن أهم المعارض التي شارك فيها خلال المرحلة الفنّية التي قطعها حتى الآن قال: «لقد شاركت في الكثير من المعارض وكان أبرزها بالنسبة لي المعارض الشبيبيّة التي كنا نقيمها في "الصفصافة" يعود السّبب في ذلك إلى المجهود الكبير الذي كنا نبذله أثناء التَحضيرات، وهناك أيضاً المعارض التابعة لنقابة المعلمين والعديد منها في صالة "طرطوس" القديمة، إضافة لأكثر من 20 معرضاً في المركز الثقافي في "طرطوس" وكذلك في المركز الثقافي في "صافيتا" كان آخرها الشهر الفائت بحضور السفير البولندي في "سورية"، وكان هناك عدة مشاركات فنّية أخرى لي في مدينة "حمص"، وفي عام 2015 كان لي مساهمة في إنجاز خارطة "سورية" التي جسدناها بأجسام الطّلبة في ساحة كلية الآداب في جامعة "طرطوس" مع الفنّان "شوكت عاصي"، ومعارض في المركز الثقافي في بانياس».

وعن مواهبه المتعددة وأهمية الفن في حياته حدثنا "صالح" قائلاً: «النّحت فن جميل يظهر النّظرة الفنّية للنّحات، فالمنحوتة هي قطعة فنّية يمكن أن تطلق عليها ثلاثيّة الأبعاد فعندما تنظر لها من كل اتجاه فأنت تشاهد شيئاً جديداً ومختلفاً، وهنا يكمن إبداع النّحات، وفي الحقيقة لم أتوقف عند النحت وحده فأنا أيضاً أرسم البورتريه وأرسم بالألوان المائية والزيتية والإكرليك أيضاً، ولعلّ عملي في التّصميم الدّاخلي كان له دور كبير في إعطائي خبرة في استخدام الألوان بطريقة صحيحة فالتصميم يعطيك القدرة على معرفة تطبيق الألوان الزيتية والمائية، والألوان بطبيعة الحال هي شيء أساسي في الرسم والنحت وحتى في مجال عملي اليومي بالتّصميم الدّاخلي، وقد كان للنّحت دور كبير في تطوير عملي في التصاميم فقد عملت على إدخال هذا الفن إلى العديد من الأعمال والديكورات التي قمت بتصميمها».

من أعمال الفنان صالح قرميد

وفي لقاء مع الفنان "شوكت عاصي" زميله في العديد من المعارض المشتركة قال: «"صالح" رفيق الطفولة وهو إنسان نشيط لا يعرف الكسل، مهووس بالفن بكل أشكاله من نحت ورسم، شاركني في العديد من المعارض في أماكن مختلفة من "طرطوس"، منحوتاته فيها شيء كبير من الإبداع، تراها وكأنّها تتكلم، يعطيها من روحه وإحساسه ما يجعل من أعماله قطعاً فنّيةً متميزةً، وأتوقع له مستقبل مملوء بالنجاح».

وتابع الفنان "خليل بلال" الحديث عن "صالح قرميد" بالقول: «لم تنصف السّاحة الفنّية "صالح" كما ينبغي، لقد كان له دور كبير في دخول خارطة "سورية" التي جسدت بأجسام الطلبة موسوعة "غينيس" العالميّة، كما أنّ أعماله لم تقتصر على النحت فهو شاب موهوب، وفنّه يظهر جلياً حتى في أعمال التصميم الداخلي التي ينفذها، يحاكي الواقع في تصاميم من وحي الخيال، تعطي انطباعه الشخصي عن مجريات الحياة اليومية التي يمر بها».

شوكت عاصي

يذكر أنّ "صالح قرميد" مواليد "طرطوس الغمقة" عام 1987.