تمكنت "مياسة حسن" من توظيفِ البيئةِ المحيطة بها لإنتاجِ إكسسواراتٍ تزيينيةٍ مصنوعةٍ من مادة "الريزين"، فحفظت الأزهارَ وما تحمله من ذكرياتٍ لأصحابها وأوراق النباتات الصغيرة والعطرية ضمنَ قلائدَ لها خصوصيتها اليدويّة التي تحمل بصمتَها الخاصة، حتى غدت حرفتَها وشغفَها الأنثوي.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت الحرفية "مياسة حسن" طالبة الأدب الإنكليزي في منزلها بمدينة "الدريكيش" لتحدثنا عن بداياتها مع هذا العمل الذي أصبح حرفتها الخاصة، حيث قالت: «عملت بمختلف الحرف اليدوية منذ الصف التاسع، كالكروشيه والإكسسوارات المنزلية والشخصية والتطريز وشكّ الخرز، ولكن استقريت بالعمل على "الريزين" منذ حوالي ثلاث سنوات.

لقد تمكنت "مياسة" من وضع بصمتها الخاصة في العمل الذي استهوى زبائن وتجار من عدة محافظات وعدة دول عربية وأجنبية، ويمكن القول أنّ هذه البصمة تنطلق من العمل اليدوي مئة بالمئة، وما تشوبه من عيوب أضحت فوارق تزيينية، بخلاف القطع المنتجة في "الصين" بواسطة معامل تخصصية، وهي في الأغلب من الزجاج وليس "الريزين"

أوصلني إلى هذا العالم حبُّ التميّز بالعمل، والاختلاف عن بقية الأعمال اليدوية المعروفة بالنسبة للأنثى، وكانت الانطلاقة من عمل لصديقة معيدة في الكلية، طلبت مني حفظ زهرتين أحضرتهما من الهند بأي طريقة، وكان الخيار الوحيد أمامي والذي شكل بالنسبة لي تحديّاً خاصاً لإتمام صناعة المنتج هو "الريزين"، حيث بحثت عبر الإنترنت عن أفضل الطرق لحفظها بطريقة جميلة وذات ديمومة، وكيف يمكن التعامل مع هذه المواد الكيمياوية ذات الخطورة الدائمة خلال التعامل معها، فكانت التجربة بطريقة خلط المواد الأولية لتشكيل المادة المتجانسة والتجريب للوصول إلى أفضل طرق الصبّ والصقل، وكانت التجربة جيدة ومحفزة للاستمرار، عدا عن أني شعرت بأنّ هذه المادة تشبهني من جوانب عدة، فقررت التخصص بها وجعلها عملي الأساسي».

من مشغولاتها

العمل في البداية بحرفة "الريزين" لم يكن سهلاً وبسيطاً كما توقعت، بل شابه الكثير من الخطورة والمعاناة، وأضافت: «عانيت بدايةً من سوء المواد الأولية الداخلة في تشكيل الخلطة التي يجب أن أتعامل معها لتجسد المنتج الأولي ما قبل التدخل فيه، ونحته وتشكيله يدوياً في أغلب الأحيان، كما أنّ الروائح الناتجة عنها كانت غير مستحبة ومؤذية للجهاز التنفسي، ما أوجب استخدام مساعدات الأمان كالقفازات وواقي الأنف والفم.

وبعد عدة تجارب توصلت إلى مواد أولية أكثر أماناً، ويمكن التشكيل بها بطريقة أسلس، وقابلة للتطويع وفق الأشكال التي أرغب بها، ووظفت فيها أفكاري بطريقة مختلفة عما هو جاهز في الأسواق.

خلال العمل

كما أني أحب الطبيعة جداً وأشعر بعلاقة قوية تربطني بها، فأينما ذهبت أحصل على أفكار ومواد مساعدة في العمل، كأوراق النباتات والأزهار والعطريات وغيرها، وخلال التعامل معها أشعر بحالة فصل تام بيني وبين المحيط والزمن، نتيجة الشغف الكبير لها.

وكنوع من التطوير وإدخال الجديد بشكل مستمر للأعمال، أدخلت الحجارة البحرية لعمل "الريزين"، فلدي قطع أساساها الحجر البحري، وهذا شيء غير مطروق سابقاً، وأيضاً أدخلت الألوان للكثير من الأعمال ووضعها خلفيات تزيينية».

قلائد الريزين المصنوعة يدوياً

وتابعت: «بالنسبة لي هذا العمل مهنة أحبها كثيراً، ولكني لا أحب التجارة مادياً بها، لذلك اقتصر عملي على الإنتاج وتقديم الأفكار المتجددة، وتكفل بعض الأصدقاء بتسويقها ومنهم "نينار" ضمن معرضها الخاص "نينورتا"، الذي تعرض فيه منتجات غير تقليدية لحوالي ثلاثة وثلاثين عارض دائم، كونها مؤمنة بأهمية وحرفية أعمالي وتميزها، وكذلك ساعدني الصديق "محمد يوسف" المهتم بتسويق المنتجات ضمن معرض "الغصن العتيق" في "السويداء".

وبالنسبة لمشغلي الخاص فهو جزء من صالون المنزل، تم اقتطاعه منه لتحقيق استقلالية تمنحني الهدوء والتركيز والتفرغ، وخاصة أنّ العمل بالنسبة لي هو تحدي إثبات للذات».

للحرفية "مياسة حسن" أسواق تصريف في عدة دول منها "الأردن" و"لبنان" وبعض الدول الأوروبية، وفق ما قاله المهتم بعملية التسويق لها "محمد يوسف"، وتابع: «لقد تمكنت "مياسة" من وضع بصمتها الخاصة في العمل الذي استهوى زبائن وتجار من عدة محافظات وعدة دول عربية وأجنبية، ويمكن القول أنّ هذه البصمة تنطلق من العمل اليدوي مئة بالمئة، وما تشوبه من عيوب أضحت فوارق تزيينية، بخلاف القطع المنتجة في "الصين" بواسطة معامل تخصصية، وهي في الأغلب من الزجاج وليس "الريزين"».

وفي حديثٍ مع "هبة عيسى" قالت: «تعرفتُ على "مياسة" من خلال صديقةٍ لي كانت تشتري من منتجاتها اليدوية، وقد أعجبت بها كثيراً لما تحتويه من حرفية في العمل وأفكار جديدة تقدمها على صعيد الإكسسوارات التزيينية، فهي شابة موهوبة جداً وتصنع يدويّاً كل ما أطلبه منها، حتى إنّ أعمالها تعدُّ متفردةً لتداخل "الريزين" بالمواد الطبيعية، فهي تحفظ من خلالها الذكريات الخاصة، كما تقدم الأفكار الجديدة في كلِّ عمل تنتجه يدويّاً، وخاصةً الأزهار الطبيعية التي تضعها ضمن القلائد»

يشار إلى أنّ "مياسة حسن" من مواليد "ليبيا" عام 1992، وهي مقيمة في مدينة "الدريكيش" في "طرطوس".