كثيرةٌ هي القصص التي كنا نسمعها من أجدادنا ومن الأشخاص الأكبر منا سناً عن نهرٍ كان يمر بحلب وفي فترة من الفترات كان يفيض فيها

وكيف أنه خلال الغزو الصليبي لسورية فاض النهر خلال محاصرتهم لمدينة حلب فأغرق خيامهم وشتت شملهم، وكثيرةٌ هي الصور التي كانت توثق مدينة حلب في تلك الفترة أثناء فترة الفيضانات.

كنا نجلس نستمع لهذه القصص ونحن متباهين بنهرٍ زال ليحل مكانه مستنقع تتجمع فيه النفايات هنا وهناك، فنمر من جانبه ونحن نسد أنوفنا من الرائحة الواخزة الصادرة عنه، وفي نفس الوقت نبتسم للذكريات التي كنا نسمعها، والتي تحكي عن هذا الذي كان يحضر حبيبته ليقفا بجانب النهر وآخر يتأهب للاستحمام فيه.

وبمبادرة كريمة قام السيد الرئيس بشار الأسد بتدشين المشروع وهذا إن عبَّر على شيء فهو يعبر عن الاهتمام الكبيرة التي تشهده سورية وهذا المشروع يعبر عن استمرارية العمل ضمن خطة التطوير والتحديث التي يقودها الرئيس الأسد، حيث حضر الافتتاح أيضاً المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء ووزيرا الإدارة المحلية والبيئة والري وأمين فرع الحزب بحلب ومحافظ حلب ومديرو الشركات المساهمة في التنفيذ وهى الشركة العامة للدراسات المائية والمؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي ومؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية والشركة العامة للصرف الصحي بحلب.

أما بالنسبة للنهر فيعود اسمه حسب أحد المؤرخين والذي كان يطلق عليه بابن الشحنة: رأيت هذا النهر ينبع من قرية يقال لها «ارقيق» بين حلب وعنتاب, ويقال سمي «بقواق» نسبة إلى الحور الذي كان يزرع على جانبيه ولكثرة الزرع عليه, كما سمي «شالوس» و «سيغا/ اوسيكويم / وبيلوس» وسماه كزانفون اليوناني بـ/رخالس/ وهو نهر صغير فيه أنواع من السمك والسوريون كانوا لا يسمحون لأحد أن يصيده ولا يجوز تعكير مائه.

مجرى نهر قويق عام 1934

فهذا المشروع الحيوي والهام والذي تكاتفت لأجله الجهود بدعم من الحكومة حقق الهدف الذي يصبو إليه, فبلمحة عن المشروع نرى أنه يبدأ من منشأة المأخذ على القناة الرئيسية لمشروع مسكنة غرب التي تتغذى من بحيرة الأسد قرب قرية تل حاصل مروراً بقرى مير الحصين /تيارة, نقارين، الشيخ زيات, العويجة/ حيث يذهب 1م3/ثا إلى المدينة الصناعية في الشيخ نجار ويصب الباقي البالغ 3م3/ثا ضمن مجرى نهر قويق شمالي مدينة حلب وشرق مخيم حندرات.‏

وبقي أن نذكر بأنَّ هذا المشروع الهام قد كلَّف ما يقارب المليار ومئة مليون ليرة سورية أما بالنسبة لما سيخدمه النهر فهو يهدف إلى تحسين البيئة وذلك بتنظيف مجرى النهر، والتخلص من المخلفات الموجودة فيه، والروائح التي تنتشر على كامل مساره ضمن مدينة حلب، إضافة لتجميل النهر وانتشار المتنزهات وتحسين السوية الاجتماعية للمناطق التي تطل عليه. وتأمين احتياج المنطقة الصناعية، واستعمال مياه ذات خواص جيدة للري مما يحقق فائدة اقتصادية كبيرة، ويقلل من نسبة إهدار المياه الصالحة للشرب.