تعد "المدرسة الشعبانية" إحدى أهم وأكبر المدارس التي قدمت على مر السنين العلم والمعرفة لأبناء مدينة "حلب" وما زالت، كما تتميز بطابعها المعماري والهندسي الجميل.

حول المدرسة وأهميتها في حياة الحلبيين يقول السيد "يوسف أحمد" من حي "الخالدية" لموقع eAleppo: «أنا مهتم كثيراً بعمارة مدينة "حلب" القديمة وأطلع كثيراً على المراجع والمصادر التي تتحدث عنها ولي زيارات متكررة لمعالمها المختلفة من مساجد وأسواق ومدارس وغيرها.

يبلغ عدد الطلاب المنتسبين للمعهد هذا العام بحدود 240 طالباً، كما تخرّج فيه المئات في السنوات السابقة

بالنسبة للمدرسة الشعبانية هي مدرسة مبنية بحسب معلوماتي خلال العهد العثماني في "حلب" وتمثل مرحلة متقدمة من مراحل التعليم فبعد أن كان التعليم قبل بناء هذه المدارس يتم بأسلوب الكتاتيب أي الدراسة عند الشيوخ ضمن المساجد والجوامع انتقلت لاحقاً ولا أعرف تاريخ ذلك بالضبط إلى مرحلة التعليم في المدارس الرسمية التي افتتح العثمانيون العديد منها في مدينة "حلب" ومنها "المدرسة الشعبانية" التي تعد من الصروح العلمية والحضارية في المدينة وقد خرّجت خلال تاريخها الآلاف من أبناء المدينة ولقنتهم مختلف أنواع العلوم وفي مقدمتها العلوم الشرعية وما زالت إلى اليوم».

الزخارف في واجة القبلية

السيد "جميل علي" من حي "الأشرفية" قال: «"المدرسة الشعبانية" من أهم المعالم التاريخية والعلمية في "حلب القديمة" لما قدمته من خدمات للطلبة على مر تاريخها، واليوم فهي تشكل إرثاً تاريخياً مهماً لمدينة "حلب" وتشكل قبلة الباحثين والدارسين والسياح من مختلف المناطق والبلدان للتعرّف على عمارتها وحضورها في حياة الناس.

لقد بنيت المدرسة بحسب معلوماتي في القرن 17 م من قبل "تحصيل دار" وهي مهنة تعني بالعربية محصّل الضرائب والأموال من الناس وكان اسمه "شعبان آغا" وذلك بهدف تقديم العلوم والمعارف لطلاب المدينة وقد أدت وظيفتها على أكمل وجه فتخرج منها المئات بل الآلاف من الطلبة».

حديقة في باحة المدرسة

وحول تاريخ المدرسة وطابعها العمراني أوردت الدكتورة المهندسة "نجوى عثمان"* في كتابها "الآثار والأوابد التاريخية في حلب وكلس وغازي عنتاب" ما يلي: «تقع "المدرسة الشعبانية" في محلة "الفرافرة" وقد أنشأها في العام 1085 هجرية 1674 ميلادية "شعبان آغا بن أحمد آغا" محصل الأموال الأميرية في مدينة "حلب"».

وتضيف: «تقع القبلية جنوبي الصحن وهي مسقّفة بقبة فوق المحراب وعلى جانبيها قبوان متقاطعان ومحرابها بسيط يمتد أعلى واجهته شريط من المقرنصات البسيطة أما المنبر فهو خشبي تقليدي مزخرف بزخارف هندسية جميلة والسدة خشبية تتوضع فوق الباب الأوسط للقبلية.

الشيخ الدكتور محمد نجيب سراج الدين -مدير المعهد

أنشأ الحاج "أحمد بن محمد حسين الططري" حجازية شرقي القبلية في العام 1945م بحسب نقيشة فوق نافذة في واجهة الحجازية على الصحن، لقد سُقفت الحجازية بأقبية متقاطعة وجُعل محرابها من الحجر المنحوت وتملأ طاسته المقرنصات وفوقه زخارف هندسية جميلة وكذلك نرى زخارف نباتية جميلة فوق الباب والنوافذ التي تصل الحجازية بالقبلية، وفي غربي القبلية غرفة كبيرة فيها أضرحة عثمانية وفيها أيضاً ضريح الشيخ "عبد الله سراج الدين" رحمهم الله جميعاً».

وتختم: «أهم ما يميز هذه المدرسة واجهة القبلية فهي غنية بالمقرنصات والزخارف الهندسية والنباتية وبتناوب الأبيض والأسود في أكتاف النوافذ والباب كما يتناوب الحجر بألوانه الأبيض والأسود والأصفر في المزررات التي تعلو النافذتين جانبي القبلية».

الواقع الحالي للمدرسة

في بداية الستينيات من القرن الماضي أُنشأ ضمن "المدرسة الشعبانية" مدرسة هي "مدرسة التعليم الشرعي" حالياً "معهد التعليم الشرعي" الذي ما زال إلى اليوم يقدم لطلابه العلم والمعرفة، ولمعرفة المزيد حول الواقع الحالي للمدرسة الشعبانية زار موقع eAleppo الموقع بتاريخ 27/9/2011 والتقى مدير "معهد التعليم الشرعي" الدكتور الشيخ "محمد نجيب سراج الدين" الذي قال: «تأسس المعهد على يدي والدي فضيلة الشيخ العلامة "عبد الله سراج الدين الحسيني" وذلك في العام 1962 م ثم أسندت إدارته لي.

يقوم المعهد بتدريس العلوم الشرعية والعربية والكونية للطلاب المنتسبين إليه على شكل مرحلتين /الإعدادية والثانوية/ كما يقدم لهم كل ما يحتاجونه أثناء الدراسة من اللباس الخاص بنظام المدرسة والمناسب لطلاب العلم الشرعي والكتب والرواتب الشهرية التي تتناسب مع حاجات الطلاب كما يقدم المعهد لهم مكافآت شهرية مادية تشجيعاً للمتفوقين ودعماً خاصاً /معنوياً ومادياً/ للطلاب الأيتام ورعاية المتخرجين وتقديم الدعم المادي لهم لإتمام المرحلة الجامعية في "الأزهر"».

وختم: «يبلغ عدد الطلاب المنتسبين للمعهد هذا العام بحدود 240 طالباً، كما تخرّج فيه المئات في السنوات السابقة».

  • الدكتورة المهندسة "نجوى عثمان": ماجستير في تاريخ العلوم عند العرب 1991 من معهد التراث العلمي بحلب.