لم يأتِ تفوّقه الدراسي في بلده الأم من فراغ؛ فقد استطاع طبيب الأسنان "زياد سيجري" بإتقانه ودقته لعمله أن يكون واحداً من الشباب المغتربين الطموحين، الذين مثّلوا "سورية" في المحافل العلمية والعالمية، وحقق جائزة أفضل حالة جراحية في المؤتمر الثامن عشر لجراحة اللثة وزراعة الأسنان في "إيطاليا".

مدونة وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتور "زياد سيجري" المقيم في مدينة "تورينو" الإيطالية بتاريخ 19 نيسان 2017، وحدثنا عن مسيرة حياته قائلاً: «ولدت في مدينة "حلب"، ونشأت في بيئة أكاديمية مثقفة، وترعرعت في مدينة "مكة" المكرمة، ومنها انتقلت إلى "جدّة"، حيث درست مراحل التعليم الأساسية هناك، أكملت دراستي الجامعية في جامعة "القلمون"، وحصلت على إجازة في "طب الأسنان" بدرجة جيد جداً، وبعدها انتقلت إلى "إيطاليا" لدراسة الاختصاص، وحصلت على ماجستير في اللثة بدرجة الشرف، وماجستير في زراعة الأسنان بدرجة الشرف أيضاً».

كان من الطلاب المهتمين دائماً بكل معلومة، ويكون في الصف الأول في المختبر، ولديه تركيز عالٍ. يتابع من أول لحظة حتى النهاية، ويستفسر بأدب عن أي تفصيل، يتمتع بأخلاقيات عالية، فالابتسامة التي لا تفارق وجهه جعلته قريباً من الأساتذة والطلاب؛ لذلك لم يكن عندي شك في نيله جائزة أفضل حالة جراحية في "إيطاليا"

وأضاف: «السبب الرئيس لدخولي فرع طب الأسنان هو مقدرتي وحبي الشديد منذ الطفولة في التعامل مع الأشياء الصغيرة والدقيقة، وإمكانية إصلاحها، وكنت أجلس لساعات طويلة من دون كلل أو ملل، وأهتم كثيراً بأسناني؛ لدرجة أنني لم أزر طبيب أسنان قط إلا من أجل الفحص السنوي للأسنان، وكان أول ما يلفت انتباهي عند مقابلتي لشخص ما هو أسنانه.

أثناء الاختبار العلني

وبعد معرفتي أن طب الأسنان يحتاج إلى الصبر والقدرة على التعامل مع الأشياء الصغيرة والدقة في العمل، أدركت أن هذا الفرع يناسب قدراتي وطموحي، فطب الأسنان هو فن وعلم في ذات الوقت.

السنوات الخمس التي أمضيتها في "سورية" كانت كالحلم الجميل بكل ما فيها من تعب وسهر وجدّ، لكن سرعان ما انتهى هذا الحلم، وبدأ الكابوس، ودخلت "سورية" في أزمتها، وكنت في السنة الأخيرة (سنة التخرج)».

يتسلم الجائزة من الجمعية الإيطالية

وحول تخصصه في أمراض وجراحة اللثة، أضاف: «من خلال دراستي الأكاديمية أحببت مجال دراسة اللثة؛ لأنني رأيت أن لها أهمية كبيرة في صحة وسلامة الفم والأسنان، وأعدّها الأساس في طب الأسنان، لكن -يا للأسف- لم تأخذ حقها في مجتمعاتنا؛ فأغلبهم يهتمون بجمال الأسنان والابتسامة البيضاء من دون إدراك مدى خطورة عدم الاهتمام بالأساس، حيث إن اللثة تمثل التربة التي تحتاج إليها النباتات لكي تبقى على قيد الحياة.

ومن هذا المنطلق اخترت الاختصاص في مجال اللثة وزراعة الأسنان، واخترت "إيطاليا"؛ لأنها تعدّ من أقوى دول العالم في مجال اللثة وتجميل الأسنان، ومعظم عظماء اللثة إيطاليون، وبهذا أكون قد جمعت بين الفن والعلم».

الدكتور أيسر القدسي

وتابع عن مشواره مع العلم: «بدايتي في "إيطاليا" لم تكن بهذه السهولة؛ لأنني كنت وحيداً في بلد لا أتحدث لغته، ولا أعرف أحداً فيه، فبدأت تعلّم اللغة والبحث عن الجامعات للحصول على قبول في اختصاص اللثة، لكن دائماً كان هناك مقاعد محدودة جداً للأجانب، وكانت المنافسة قوية جداً لدرجة أنني كنت سأفقد الأمل، لكن التوفيق حالفني، وحصلت على مقعد من أصل اثنين فقط مخصصين للأجانب في إحدى أقوى جامعات "إيطاليا"، وبدأت أول خطوة في المشوار الطويل لتحقيق ما أحلم به».

وحول تكريمه في جائزة أفضل حالة جراحية في المؤتمر العالمي الثامن عشر للجمعية الإيطالية لجراحة اللثة وزراعة الأسنان، قال: «هذا المؤتمر العالمي يقام مرة واحدة في السنة لمدة ثلاثة أيام، وتقوم به "الجمعية الإيطالية لجراحة اللثة وزراعة الأسنان"، ويحضره العديد من الأساتذة والأطباء من مختلف الدول، لمتابعة كل ما هو جديد في علم اللثة والزراعة، ومن ضمن هذا المؤتمر يوجد عدة جوائز منها لأفضل حالة جراحية، وأفضل بحث علمي، وأفضل مشروع تخرج.

شاركت في مسابقة أفضل حالة جراحية باسم جامعتي "جامعة تورينو"، وكان عدد المشاركين عشرين طبيباً من دول مختلفة من بينها "إيطاليا، وإسبانيا، ولتوانيا، وألمانيا، وروسيا".

كل طبيب يقوم بعرض الحالة أمام لجنة الحكم والحضور، ويتم توجيه عدة أسئلة عن الحالة، وتوضع النتائج وفقاً لمعايير اللجنة، ويعرض اسم الفائز في آخر يوم من المؤتمر، ويقوم الفائز بعرض حالته أمام جميع المشاركين في المؤتمر، وكان عدد المشاركين بحدود 2500 أستاذ وطبيب، وقد تم اختيار حالتي كأفضل حالة جراحية لهذا العام، وحصلت على الكثير من الثناءات من أساتذة كنت أحلم بالوقوف إلى جانبهم يوماً ما.

وكان أكثر شيء أسعدني هو قدرتي على الإثبات للجميع أننا على الرغم من الظروف التي يمر بها بلدنا الغالي، إلا أننا نستطيع أن نتفوق ونرفع اسم "سورية" عالياً، وكل ما نحتاج إليه هو التهيئة والبيئة المناسبة، وهناك أمثلة كثيرة لأسماء سوريّة لمعت في المغترب، فنحن بلد الحضارة والعراقة».

الدكتور "أيسر القدسي" اختصاصي في تعويضات سنية ومدرّس سابق في "جامعة القلمون، والجامعة السورية الدولية للعلوم والتكنولوجيا"، يقول: «كان من الطلاب المهتمين دائماً بكل معلومة، ويكون في الصف الأول في المختبر، ولديه تركيز عالٍ. يتابع من أول لحظة حتى النهاية، ويستفسر بأدب عن أي تفصيل، يتمتع بأخلاقيات عالية، فالابتسامة التي لا تفارق وجهه جعلته قريباً من الأساتذة والطلاب؛ لذلك لم يكن عندي شك في نيله جائزة أفضل حالة جراحية في "إيطاليا"».

يذكر أنّ "سيجري" من مواليد 1989، ويعمل معيداً في جامعة "تورينو" الإيطالية، وهو حاصل على العضوية في الجمعية الإيطالية لجراحة اللثة والزراعة.