انتهت أعمال إعادة وترميم البلاط الأثري الحلبي في القسم الأول من برج "باب النصر" في "حلب" أمام مقام "الخضر- مار جرجس"، وتكمن الفرادة في هذا العمل في كون الآلية والأدوات في الترميم تعود إلى أكثر من ألف عام، وهي متوارثة أبّاً عن جدّ.

وقد تمت جميع هذه الأعمال بمبادرات فردية تطوعية أهلية، وعلى نفقة "أصدقاء باب النصر" بعدما قدمت مديرية المدينة القديمة أحجار البلاط الأصلية القديمة.

العمل مستمر على قدم وساق في ترميم "باب النصر" بفضل جهود أصدقاء الباب التاريخي، حيث تم الكشف عن باب سري يصل برج "باب النصر" بسور المدينة الشمالي، وظهرت في 28 آب فتحة باب سري مغلقة منذ زمن غير محدد تصل ما بين برج "باب النصر" والسور الشمالي لمدينة "حلب" القديمة، ويتم الوصول عبره إلى خندق المدينة الأثري. "باب النصر" تعرّض للكثير من التخريب خلال الأزمة، ونحاول جاهدين إعادته إلى ألقه المعهود، وهو بحاجة إلى جهود كبيرة

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 20 تشرين الثاني 2017، مع المحامي المتطوع لإعادة ترميم "باب النصر" الأثري "علاء السيد"، الذي تحدث عن مراحل الترميم بالحجر الحلبي القديم، فقال: «تحت إشراف مديرية آثار "حلب" تم التبليط بذات الطريقة التاريخية التي كانت متبعة منذ مئات السنين، بمواد تقليدية لم يدخل فيها أي مواد حديثة، كالإسمنت وغيره.

باب النصر الفريد

وقد تمت إعادة تصنيع مادة "القصر مل" التقليدية المكونة من الكلس والرماد العضوي ونحاتة الحجر الكلسي الحلبي فقط من دون إضافة أي مواد أخرى، كالإسمنت الأبيض أو غيره، وتم تكحيل البلاط بها لتثبيته بصورة نهائية بعدما تماسكت الخلطة وتصلبت على البلاط، علماً أنه تم التبليط بالتراب الحلبي والماء فقط؛ أي ما يسمى تاريخياً "الطينة"».

وأضاف عن المراحل اللاحقة لعملية الترميم بالقول: «العمل مستمر على قدم وساق في ترميم "باب النصر" بفضل جهود أصدقاء الباب التاريخي، حيث تم الكشف عن باب سري يصل برج "باب النصر" بسور المدينة الشمالي، وظهرت في 28 آب فتحة باب سري مغلقة منذ زمن غير محدد تصل ما بين برج "باب النصر" والسور الشمالي لمدينة "حلب" القديمة، ويتم الوصول عبره إلى خندق المدينة الأثري. "باب النصر" تعرّض للكثير من التخريب خلال الأزمة، ونحاول جاهدين إعادته إلى ألقه المعهود، وهو بحاجة إلى جهود كبيرة».

قبل الترميم

العامل الفني في البلاط الأثري "عبد العزيز خزمر" المولود في منطقة "الكلاسة"، الذي ورث المهنة من أجداده، قال: «مهنتي مبلط منذ 43 سنة، أقوم بترميم مدخل باب النصر من أمام "الخضر" بالحجر القديم نفسه، حيث أقوم بفرش التراب المكون من ذات محتويات الحجر؛ نقوم بـ"فلش" التراب أولاً، ثم نقوم بجبله مع الماء من دون إسمنت أو مواد مثبتة أخرى؛ لكي نضع طبقة ثانية قبل أن نثبت الحجر باعتماد الدق. والترميم يعتمد على تكملة ما بُدِئ به قبل 800 عام؛ أي المحافظة على النهج القديم بذات الطريقة والأدوات.

تعلمت مهنتي من عائلتي منذ عام 1985 عندما رممنا عدداً من الأسواق القديمة في مدينة "حلب"، مثل: "سوق الشام"، و"سوق الحميد" بهذه الطريقة، وبالتفصيل نضع تحت الحجر التراب الحلبي الذي لا يحتوي التراب الأحمر، ونأتي بالحجر الحلبي وندقه فوق التراب الناشف حتى يأخذ مكانه الحقيقي، ثم نقوم بجبل التراب مع الماء والكلس الحلبي حتى يتماسك، ونصبه في الجورة التي أخذت شكلها من الدق، ونثبتها جيداً، ونضع باقي المجبول حول الحجر لكي نمنع الهواء من الدخول؛ فيحافظ على عمره الطويل.

المحامي "علاء السيد" داخل حلب القديمة

وأخذت منطقة "الكلاسة" من الكلس الطري الذي يطحن ويغلى بالماء حتى يتحول إلى بودرة، وتعدّ "الكلاسة" أول منطقة مسكونة في "حلب". بعد عملية الدق وتثبيت الحجر، نقوم بتنظيف التراب الكلسي من بين الحجارة عن طريق الدق أيضاً، لتأتي المرحلة الأخيرة التي نطلق عليها (الكحلة) أو الروبة، وهي تتم بنفس المواد التراب مع الكلس، وعندما تقسو الروبة يصبح الحجر المبلط منذ مئات السنين كالحجر المرمّم».