"من لا شيء ننتج شيئاً"، انطلاقاً من هذا الهدف تحدّت مصممة الجواهر التقليدية "تالين مكرويان" الحرب وتبعاتها من عدم توافر المواد الأولية اللازمة في "حلب"، وأنتجت عدداً لا يحصى من الجواهر التقليدية الشرقية والأرمنية بذوق معاصر وحديث.

مدونة وطن "eSyria" التقت المصممة "تالين مكرويان" بتاريخ 25 كانون الثاني 2018، حيث تحدثت عن بداياتها، وقالت: «بدأ شغف التصميم والتعلق بصناعة الجواهر التقليدية في السادسة عشرة من عمري حين كنت أساعد أخي في تصميم وصياغة الذهب. ومن سنة إلى أخرى ثقلت الموهبة أكثر، وكان أول عرض لأعمالي في مركز الحاسوب الخاص بنا، حيث خصصنا زاوية لعرض آخر أعمالي في سنة 2010، وحظيت بتشجيع الزوار والزبائن؛ وهذا كان دافعاً وعاملاً محفزاً لأستمر وأبتكر أفكاراً جديدة ومتميزة».

الجواهر التقليدية والمحافظة عليها كتراث نوعاً ما مهمة على عاتق الجميع، لكن "تالين" تميزت بتقديمها للجواهر بأذواق قريبة لأيامنا هذه. والأهم إعادة تدوير المواد القديمة من سجاد وصدفيات والعديد من المواد الأولية، التي لم أتوقع يوماً أنها تكون مصدراً لإبداع جديد

الحرب بكل بشاعتها ومعها الاغتراب أثّرا إيجاباً بالمسيرة الفنية لـ"تالين"؛ إذ أضافت: «الحرب كانت سبب توقف الكثير من المشاريع في أنحاء البلاد كافة. أنا وعدد كبير من سيدات "سورية" أبدينا قوة وإصراراً لإكمال ما بدأناه. لقد كافحت المرأة السورية كالرجل، وحاولت إثبات هذه الحقيقة خارج القطر. مع بداية اندلاع الحرب، انتقلنا إلى "أرمينيا" في عام 2012، حيث شاركت هناك في عدة معارض، وبعدها انتقلنا إلى "بيروت"، وشاركت هناك في عدة معارض أيضاً. بعد "بيروت" وفي أواخر 2014، قررنا العودة إلى دارنا في "حلب". شاركت في "سورية" في 15 معرضاً للأعمال اليدوية، وأهمها "معرض دمشق الدولي"».

من أعماله

وعن طبيعة منتجاتها اليدوية، أضافت "مكرويان": «أعمالي اليدوية تنقسم إلى عدة مجموعات، لكن هدف صناعتها واحد؛ وهو الحفاظ على التراث والطابع التقليدي للجواهر، لكن بأذواق معاصرة. والشيء الذي تميزت به هو دمج التراث الأرمني بالجواهر التقليدية الشرقية. شغل الإبرة (تراث أرمني)، وشغل "اللحيم" للأحجار، كانا عنواني تميز، ارتبطا باسمي وعملي. الناس معتادون رؤية شغل الإبرة، كغطاء الطاولة، لكنني قمت بتحويله إلى جزء من الجواهر، ووضعه على القلادة. إضافة إلى شغل الإبرة، لديّ تصاميم خاصة عبر الصدفيات، والأهم فكرة إعادة التدوير التي باتت تسود معظم أعمالي؛ فقمت بالاستفادة من السجادات التقليدية القديمة وتحويلها إلى جواهر ساحرة؛ وهذا أقل جهد بإمكاني تقديمه للحفاظ على تراث الجواهر الشرقية والأرمنية».

كما كل سيدات الأعمال الحلبيات "تالين" أيضاً واجهت صعوبات في عملها جراء الحرب، وأضافت بهذا الخصوص: «الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي في "حلب" من المعوقات في عملي، لكنني عددته تحدّياً، كذلك عدم توافر المواد الأولية لصنع الجواهر أو توافرها بجودة منخفضة؛ لذا كنت أضطر إلى تامين المواد الأولية من "بيروت" و"أرمينيا"، وبسبب عدم استقرار الوضع في الطريق المؤدي إلى "حلب"؛ لم أكن أعرف الوقت المحدد لوصول المواد، لكن كل هذا كان عبارة عن تحديات خضتها لإثبات أن الحرب بإمكانها أن تكون مصدراً للإبداع والابتكار، إلى جانب عدم توافر المواد الأولية، وواجهت صعوبة في إيجاد قواعد عرض الجواهر الـ"ستاند"؛ لذا قررت صنعها في المنزل باستخدام مواد خاصة، كالجبس وغيره، ثم أقوم بتغليفه بقماش خاص أيضاً».

إعادة تدوير السجاد التقليدي

المهندسة "وسام عتر"، وهي من المعجبات بأعمال "تالين"، بدورها قالت: «الجواهر التقليدية والمحافظة عليها كتراث نوعاً ما مهمة على عاتق الجميع، لكن "تالين" تميزت بتقديمها للجواهر بأذواق قريبة لأيامنا هذه. والأهم إعادة تدوير المواد القديمة من سجاد وصدفيات والعديد من المواد الأولية، التي لم أتوقع يوماً أنها تكون مصدراً لإبداع جديد».