حبه للموسيقا وإصراره على أن يتعلم العزف على آلة "الطمبور" جعلاه يصل إلى ما هو عليه اليوم، ويحتل مكاناً في الساحة الموسيقية في منطقة "عفرين".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 نيسان 2019، الفنان "جمو سعيد" بمنزله في "شيخ مقصود" "حلب"، وتحدث عن البدايات قائلاً: «عندما تعود بنا الذاكرة إلى نهايات السبعينات من القرن الماضي، حيث نادراً ما كنت تجد آلة "الطنبور" في كل بيت كما هو الحال في أيامنا هذه، وأتذكر حين كنت في التاسعة من عمري كان ابن عمي أول من اشترى هذه الآلة التي استهوتني كثيراً، وأخذت أتردد باستمرار إلى ذلك البيت وأنتظر دوري في العزف، حتى أذكر مرة تسللت من نافذة البيت المقفول لأصل إلى "الطمبور" وأعزف بحرية، لكن هذا لم يكن حلاً، فقررت أن أصنع الآلة بيدي، ونجحت في ذلك إلى حد ما، وكان يزداد تعلقي يوماً بعد يوم بهذه الآلة حتى تمكنت من شرائها، وتابعت مشواري الفني مع فرقة "نوجين" الغنائية ودخلت مجال التلحين والتوزيع الموسيقي، كما طورت نفسي من خلال دخولي معهد "حلب للموسيقا" لتعلم النوتة الموسيقية والمقامات وأصول العزف».

من يكون أنيقاً مع آلته سيكون أنيقاً مع مستمعيه ومع من حوله بأخلاقه أيضاً

يجيد "سعيد" العزف الدقيق وصفاء الجملة اللحنية، ويمتلك حساً عالياً، ناهيك عن التكنيك والبراعة، ربما لأنه اختار الصحيح منذ بداياته من ناحية الاستماع، حيث يقول: «تعلمت العزف بطريقة سماعية، وأظن أن حرصي الشديد على سماع الموسيقا بدقة عالية ثم تعلمي للنوتة الموسيقية أنقذتني من مطب العزف العشوائي، وهنا أرى أنه لا بد من التعلم على العزف بطريقة علمية مدروسة، وبكل الأحوال الأذن الموسيقية هي الأساس في تعلم العزف، هذا بالنسبة لتعلم أي آلة موسيقية. أما بالنسبة لآلة "الطمبور"، فلها خصوصية تشبه باقي الآلات الوترية، حيث تحتاج إلى تمارين شاقة لحركة الأصابع الخمسة لتنتقل بسلاسة على زند الآلة بالتناغم مع حركة اليد التي تمسك بالريشة لتضرب على الأوتار وفق إيقاعات متنوعة، والأهم من كل ذلك قوة الأحاسيس والمشاعر ليكون للعزف معنى».

جمو سعيد في دار الأوبرا

يجذبه التراث ويقدمه دائماً بأسلوب لائق على مختلف المسارح، حيث قدم الكثير من الأشياء الجميلة للتراث الموسيقي في منطقة "عفرين" من ناحية العزف والتلحين أيضاً، وهنا يقول: «بعد أن امتلكت أساسيات العزف، وخاصة أن المادة التي كنت أعزفها في معظمها أغنيات تراثية من الفلكلور الكردي وتعمقت في وجداني، فهي كل ذاكرتي الجميلة في طفولتي وشبابي؛ فمن الطبيعي أن أتعلق بهذا التراث الجميل الحضاري. ليس هذا فحسب، بل اكتشفت أن بإمكاني العمل على تطويره، وفعلاً أخذت على عاتقي البحث في التراث وتطويره لتكون رسالتي الفنية الأساسية، وكان لي الشرف على سبيل المثال إنجاز العمل الملحمي التراثي "ممي آلان" بصوت الفنانة "خناف سعيد" والفنان الراحل "بافي صلاح"، وهناك أعمال تراثية عديدة أحلم بإنجازها».

"عبد الستار العلي"، موسيقي وعازف على آلة "العود"، قال: «بديهي جداً أن تسمع بعازف أو فنان قبل أن تراه أو تلتقيه، الفنان "جمو سعيد" قبل أن ألتقيه سمعت عنه الكثير، وكان لي شرف اللقاء به في الملتقى السابع لآلة "البزق" في "دار الأسد" للثقافة والفنون بـ"دمشق"، "دار الأوبرا"، ومن خلال عزفه عرفت عنه أكثر وأنه مهتم بالتراث الكردي الأصيل إلى حد الإشباع، كما توسّع بالتقاسيم، وهذا دليل أن له ذخيرة سمعية كبيرة وثقافة موسيقية واطلاع واسع».

بداياته مع فرقة نوجين

أضاف: «من يكون أنيقاً مع آلته سيكون أنيقاً مع مستمعيه ومع من حوله بأخلاقه أيضاً».

يذكر أن "جمو سعيد" من مواليد "عفرين" عام 1970، بدأ من مؤسسي فرقة "نوجين" لموسيقا والغناء عام 1987 التي أصدرت ثلاثة ألبومات غنائية أغلب محتوياتها من ألحانه وتوزيعه، شارك في العديد من الحفلات والمناسبات في "حلب" وما حولها، تابع نشاطه من خلال تأسيس استديو لإنتاج الأعمال الغنائية، كما أقام العديد من الحفلات في "دمشق" منها في دار "الأوبرا" و "مجمع دمر الثقافي" ضمن مهرجان آلة "البزق" ومع فرقة "آشتي" للتراث الكردي.

عبد الستار العلي