بإحساسٍ كبيرٍ بالمسؤولية تجاه اللغة العربية، استطاعت الدكتورة "دانية صغير" نشر العديد من الأبحاث العلمية التي تربط فيها اللغة العربية بالذكاء الصنعي في مجلات محلية وعالمية محكمة تساهم من خلالها في إغناء المحتوى الرقمي العربي.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتورة "دانية صغير" بتاريخ 9 كانون الثاني 2020 للحديث عن تحصيلها الأكاديمي فقالت: «حصلت على الشهادة الثانوية الفرع العلمي من ثانوية "النيل" عام 2007، ثم على الإجازة في الهندسة المعلوماتية من جامعة "حلب" عام 2012، ونلت درجة الماجستير في "الذكاء الصنعي" عام 2016، ثم حصلت على درجة الدكتوراه في "الذكاء الصنعي" في كلية الهندسة المعلوماتية عام 2019 بإشراف الدكتور "محمد فاضل سكر"، واخترت دراسة هذا المجال لأنّ العالم أصبح بحاجة لتقنيات تخدم الإنسان وتسهّل أداء مهامه باستراتيجيات وأسلوب يحاكي ذكاء الإنسان وأسلوبه في حلّ المشكلات».

تعبر اللغة عن هوية وثقافة الشعوب، حيث ترتبط الحضارة باللغة، ومن هذا المفهوم أشعر بالمسؤولية تجاه لغتنا العربية، وأبحث دائماً عن الآلية التي يستطيع الإنسان بها قراءة النص المكتوب وتحليله وتقسيمه إلى كلمات، وكيفية معرفة أصل هذه الكلمات ومعانيها، ثم أدرس وأبحث في علوم الذكاء الصنعي عن التقانات التي تحاكي طريقة تفكير الإنسان كالنظم الخبيرة والشبكات العصبونية الصنعية، وبذلك أصل إلى برامج حاسوبية قادرة على فهم النص المكتوب

وعن ربط الذكاء الصنعي باللغة العربية تقول: «تعبر اللغة عن هوية وثقافة الشعوب، حيث ترتبط الحضارة باللغة، ومن هذا المفهوم أشعر بالمسؤولية تجاه لغتنا العربية، وأبحث دائماً عن الآلية التي يستطيع الإنسان بها قراءة النص المكتوب وتحليله وتقسيمه إلى كلمات، وكيفية معرفة أصل هذه الكلمات ومعانيها، ثم أدرس وأبحث في علوم الذكاء الصنعي عن التقانات التي تحاكي طريقة تفكير الإنسان كالنظم الخبيرة والشبكات العصبونية الصنعية، وبذلك أصل إلى برامج حاسوبية قادرة على فهم النص المكتوب».

شهادة الدكتوراه

وعن الأبحاث المنشورة لها تتابع قائلةً: «نشرت البحث الأول في مجلة "بحوث جامعة حلب" عام 2016 بعنوان: "منظومة لتلخيص النص العربي" استخدمت بها شبكات (بيتري) لتعمل معاً كنظام خبير لتمثيل قواعد اللغة العربية بالنظرية التحويلية التي قرأت عنها في كتب اللغة العربية، وهي نظرية تضع قواعد اللغة العربية بطريقة دلالية، وبذلك تساعدني على إيجاد ملخص للغة العربية، كما نشرت البحث الثاني في مجلة "بحوث جامعة حلب" عام 2016 بعنوان "التلخيص التجريدي للنص العربي باستخدام الأنتولوجيا الذكية"، حيث قمت ببناء أنتولوجيا للغة العربية في مجال الاقتصاد والاستعانة بخوارزميات ذكية تمكنت من إيجاد خلاصة تجريدية للنص العربي.

أما البحث الثالث فكان بعنوان "منظومة هجينة من الأنتولوجيا الترجيحية وبيتري الخبيرة للتلخيص التجريدي للنص العربي" عام 2016، استطعت اتخاذ القرار باختيار الجمل الأكثر أهمية من خلال تطبيق المنطق الترجيحي على الجمل المنشأة باستخدام الأنتولوجيا، وبحثي الرابع نشرته في مجلة "International Journal of Computer Applications" عام 2017 اعتمدت به على قواعد المعرفة لإيجاد الخلاصة التجريدية للنص العربي».

استلامها جائزة مسابقة المحتوى الرقمي العربي

وتتابع: «في عام 2018 استخدمت أحدث تقانات الذكاء الصنعي، (التعلم العميق) فبنيت شبكة عصبونية تعتمد على جداء الطي وذلك لتصنيف النصوص العربية إلى مواضيعها، ونشرت هذا البحث في مجلة عالمية محكمة.

كما تمكنت من فهم النص آلياً باستخدام تقانات حل المشاكل، والاستنتاج المعتمد على قاعدة الحالات (CBR) ثم نشرت بحثاً بعنوان "معالجة النصوص العربية الوصفية باستخدام تقانة الاستنتاج المعتمد على قاعدة الحالات" في مجلة "بحوث جامعة حلب" في عام 2018.

ونشرت آخر بالاعتماد على قوالب النص التي تحوي كلمات وظيفية تعبر عن المعنى الموجود في النصوص في مجال أسعار النفط، وفي عام 2019 نشرت بحثاً في مجلة "بحوث جامعة حلب" لاكتشاف النصوص الزائفة بعنوان "اكتشاف النصوص العربية الزائفة باستخدام التعلم العميق"، بنيت فيه شبكة الطي العصبونية واستخدمت تقانة لتحويل الكلمات إلى أرقام تدعى (FastText) وهي التقانة المستخدمة في موقع "Facebook"، إضافةً إلى أبحاث أخرى».

وعن الهدف من الأبحاث ودوافعها للمشاركة في مسابقة "المحتوى الرقمي العربي" تقول: «الهدف من هذه الأبحاث أن أضع نواة بحثية لتطبيقات معالجة اللغة العربية وتحليلها، وعند نشر الأبحاث المنشورة في مجلة أجنبية أستطيع نشر هذا العلم بلغة عالمية تصل إلى جميع العالم، وتعبر عن وجود السوريين وأعمالهم في ساحة البحث العلمي، فقد غمرني شعور بالفخر عندما رأيت بحثي مرجعاً لبحث أجنبي في مؤتمر (IEEE) وغيرها، ولأنّ اللغة العربية باتت دفينة الكتب المطبوعة ولم تأخذ حقها في الانتشار الرقمي على صفحات الإنترنت وبرامج الحاسوب وتطبيقات الموبايل، شاركت في مسابقة "المحتوى الرقمي العربي" التي تهدف إلى زيادة المحتوى الرقمي المكتوب باللغة العربية، ودعم تطبيقاتها الحاسوبية، وفزت بالمرتبة السادسة، وكان شعوري لا يوصف بأن أجد من يدعم ويهتم بمواضيع ربط اللغة العربية بالتكنولوجيا شعرت وكأن أحلامي ترى النور، وكلي أمل وهمة بأن أكمل مشروع "الملخص الآلي" الذي شاركت به، والذي يهدف إلى إيجاد خلاصة تجريدية معبرة عن المعنى الموجود في النص الأصلي، ليوفر الوقت والجهد على القراء والباحثين».

وفيما يتعلق برسالة الدكتوراه البحثية تقول: «عنوان الرسالة "منظومة لمعالجة النصوص العربية الوصفية باستخدام تقانات الذكاء الصنعي" ويقدم البحث منظومة متكاملة لإدخال النص العربي الوصفي ومعالجته وفهم مشكلته، وتتألف المنظومة من أنظمة جزئية تتكامل مع بعضها لتحقيق الهدف المطلوب، فيبدأ العمل ببناء منظومة اكتشاف النصوص العربية الزائفة، ومنظومة تصنيف النصوص إلى موضوعاتها، ومنظومة التعرف على (الكيانات المسماة) ثم منظومة (تصميم القوالب) وأخيراً منظومة (فهم مشكلة النص العربي الوصفي) وتتناول النصوص المدروسة مشكلة أسعار النفط واتفاق المنظمات العالمية على زيادة أو خفض إنتاج النفط».

وعن عملها كمدربة تقول: «أعمل مدربة روبوتيك للأطفال واليافعين في نادي الروبوتيك في "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" فرع "حلب"، أدربهم على تركيب وبرمجة روبوتات (lego) إصدار (ev3)، حيث قام المهندس "سامر علايا" مدير النادي بإرسالي مع المهندسة "سوسن اسجيع" إلى "دمشق" وحضرنا في مقر "الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية" بـ "دمشق" دورة مدرب روبوتيك ليغو، وكنا أول من أدخل الروبوتيك إلى محافظة "حلب"، ومن خلال الروبوتيك نرى إبداع الأطفال واليافعين وتميزهم، ونحاول إشباع رغبتهم في استخدام التكنولوجيا من خلال تدريبهم على تركيب أشكال مختلفة من الروبوتات وبرمجتها، و يحصل المتدرب على آلية التفكير الهندسي من خلال استخدام الخوارزميات في حل تحديات الروبوت، ويتعلم العمل الجماعي حيث يكون العمل على شكل فرق يتألف كل فريق من ثلاثة متدربين، ومؤخراً تطوعت للعمل مع "الجمعية السورية للبحث العلمي" فريق "الترجمة"».

من جهتها المدربة "سنا حواصلي" تقول: «أثبتت الدكتورة "دانية" نفسها في وقت قياسي رغم صغر سنها، حيث استطاعت الحصول على شهادات عالية في مجال جديد على النساء؛ ولا سيّما في محافظة "حلب"، حيث يعتبر تخصص الدكتوراه في الذكاء الصنعي إحدى صيحات التكنولوجيا الحديثة، وهي تتميز بالتنظيم والالتزام والقدرة على الإنجاز، إضافةً إلى الانضباط الذاتي الواضح في عملها، ومشروعها الملخص الآلي هام جداً ولا سيّما مع وجود المحتويات على الإنترنت، وأصبحنا بحاجة للحصول على لمحة لنقرر مدى مناسبتها لنا ومن الضروري توفرها باللغة العربية، ومن خلال اطلاعي على مشروعها عرفت أنها تعمل أيضاً على الحيادية الخاصة بالنص، وهو موضوع جديد لم يتطرق له أحد».

وتتابع: «استطاعت أن تنشر أبحاثها في مجلات محكمة وعالمية، وتحويل بحثها الأكاديمي من دون خبرة سابقة في عالم الأعمال إلى نموذج عمل في مجال الأعمال، وتفوّق على المشاريع الأخرى التسعة عشرة المشاركة خلال فترة قصيرة، وبذلت جهوداً تستحق الدعم، وهي شخص مثابر قادر على العطاء بإخلاص في مجال البحث العلمي. تعرفت إليها في بداية عام 2018 خلال تدريب في "حلب" يخص الأطفال على مشروع "دارتي" وكانت من أبرز المدربين الذين يعملون مع الأطفال على الروبوتيك، وتوطدت علاقتي بها عندما شاركنا ببرنامج تدريبي مع فريق "ويكولوجيا هاكاثون" حيث كانت مشرفة على المشاريع والشباب المشاركين بمسار "تعلم الآلة وعلم المعطيات" وكانت محلاً للثقة».

يذكر أنّ الباحثة والدكتورة "دانية صغير" من مواليد محافظة "حلب" عام 1990.