أحبَّت الريشة، وتناغمت معها، فجَذَبت المهتمين بتميُّز لوحاتها، حاملةً إبداع سنواتٍ لتضعه بين جدران قلعة مدينتها الشامخة، وأصبحت مصدر إلهام وأمل للعديد من طلابها.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الفنانة التشكيلية "نرمين منصور جبيس" بتاريخ 24 تموز 2020 لتتحدث عن بداياتها وقالت: «أحببت الرسم ونمَّيتُ موهبتي بالدراسة التي بدأت منذ نشأتي، وعملت على صقلها والاهتمام بها إلى أن دخلت الجامعة، فجسدتها على أرض الواقع، شاركت في عدة معارض وفعاليات بلوحات متنوعة، وأقمت دورات لتعليم الرسم، إضافةً إلى هوايتي في التصوير؛ حيث شاركت في معرض التصوير الضوئي الذي أقامه فرع "اللاذقية" لاتحاد "شبيبة الثورة" بعد دورة اتبعتها باسم "حكاية ضوء"، فشاركت فيه بالرسم والتصوير الفوتوغرافي».

"نرمين" فنانة مبدعة من أيام الدراسة الابتدائية، ونمَّت موهبتها إلى أن وصلت إلى مكان عظيم، وإقامة معرض فني بقلعة "حلب"، حيث أبهرتنا بكمية الأحاسيس الرائعة التي جسدتها برسوماتها، ولامست كل شخص فينا

وعن مشاركاتها في الدورات والمعارض، قالت: «في عام 2014 شاركت في معرض مركزي في "دمشق" أقامته "شبيبة الثورة"، وهو مسابقة وطنية لرعاية المواهب الفنية الشابة، حصلت فيه على المركز الأول، وفي عام 2016 شاركت في معرض أُقيم في المكتبة المركزية بجامعة "تشرين" في "اللاذقية"، وهو معرض شامل يضم عدة أقسام من ضمنها الرسم المباشر (بورتريه)، حيث كانت المرة الأولى التي أرسم فيها شخصاً أمامي على جريدة، ولم يكن ذلك سهلاً لأن ملمس الجريدة ناعم وممكن أن يُخدش بسهولة، ما جذب انتباه الجمهور، ووضعني أمام تحدٍّ كبير.

من معرض "مدد حلب"

وفي العام نفسه شاركت في عمل مسرحي باسم "أوركسترا الوجع" مع المخرج "هاشم غزال" في ديكور المسرح، وهو عبارة عن رسم لوحة كاملة على عدة قصاصات لستار المسرح، تُسدَل تدريجياً إلى أن تكتمل اللوحة، وكان أسلوباً جديداً اهتممت بأدق تفاصيله، ونال إعجاب الحضور، وأيضاً في ذات العام شاركت مع "الجمعية الوطنية لإنماء السياحة" في "سورية" في ملتقى "النحت على الرمل" بـ"اللاذقية" بلوحة فنية، وتدريس طلاب لمدة ثلاثة أيام برعاية وزارة السياحة، وانتسبت لجمعية "صناع السلام" في "اللاذقية" عام 2016.

وفي عام 2018 عملت مع "الأمانة السورية للتنمية" مُدرّسة فنون، حيث استلمت فيها المرسم الخاص بمنارة "صليبة"، وكانت الفئات المستهدفة من عمر 5 سنوات حتى 45 سنة، بالإضافة لذوي الاحتياجات الخاصة وجرحى الحرب، وفي نهاية الدورة أقمت معرضاً خاصاً لطلابي، حيث شاركوا جميعاً فيه، ولاقى نجاحاً كبيراً، وفي ذات العام أيضاً شاركت في معرض بعنوان "تحية إلى تشرين" أقامته "الإدارة السياسية" بالتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين، قدَّمتُ فيه لوحة واحدة تحتوي على جنود الجيش العربي السوري، وركزت على شخصية الجندي في مقدمة اللوحة مبرزةً صلابته وثباته، حيث احتفظت الإدارة السياسية باللوحة، وكرمتني من خلال شهادة شكر وتقدير وتعويض مادي».

لوحة "لحمة وطنية"

وعن معرض "مدد حلب" التي تفردت به "نرمين"، وأُقيم في قاعة "العرش" ضمن "قلعة حلب" تقول: «كان لي فقرة يومية على قناة "أوغاريت" الأرضية في برنامج "صباح الخير"، أُقَدِّم من خلالها رسومات مباشرة على الهواء كل يوم جمعة، حيث قدمت عدة أعمال، وإحدى الرسومات أسميتها "لُحمة سورية" جمعت فيها عدة معالم أثرية على جريدة، وقمت بنشرها على صفحتي الشخصية في موقع "فيسبوك"، فتواصل معي مدير إحدى الشركات المختصة بتنظيم الاحتفاليات والمعارض، وسألني عن اللوحة وطلب اقتناءها، وعرض علي فكرة إقامة معرض في "حلب"، وكان الاختيار ضمن قلعتها بتاريخ 21 أيلول 2019 الذي يصادف "يوم السلام العالمي"، وجاءت التسمية "مدد حلب" لأن كلمة مدد هي كلمة صوفية؛ تعني طلب العون من الله، حيث ضم المعرض 25 لوحة، وهو عمري آنذاك، وقد قَدَّمتُ في لوحاتي الأمل، فَشَمَلَت ماضي "حلب"، وبصيص أمل للمستقبل».

الدكتور "عبد الحكيم الحسيني" المحاضر في جامعة "تشرين"، كلية الفنون قال عنها: «إن ما يميز أعمال "نيرمين" هو أسلوبية لونية وخطية تجعلنا نعرف إبداعها أينما وجد، فهي متميزة ببصمة خاصة تشبه التوقيع على اللوحة، لن يفوتني ما تتمتع به من ثقافة واسعة ومواهب مختلفة امتدت من التصوير بالألوان الزيتية إلى الفوتوغراف كمجال واسع للإبداع وتحسس هموم المجتمع، إنها تمزج الأخلاق والثقافة والإحساس الإنساني في خلق لوحة تعيش في الحاضر والمستقبل».

على قناة "أوغاريت"

يقول عنها "أحمد حمصي" أحد طلابها في مرسم "الأمانة السورية" وهو جريح حرب: «تعرفت على المدرسة "نرمين" في منارة "الصليبة"، وقد ترددت بداية الدورة في الدخول إلى المرسم والمشاركة في المعرض، لكنها طلبت مني أن أشارك مع أني أخبرتها بعدم معرفتي بالرسم، ولم أرسم في حياتي، ومع ذلك شجعتني وقالت إن الرسم سهل، فقط يجب أن أضع مشاعري باللوحة وأن أملك الشغف، وفعلاً بدأت الالتزام بالدروس، وأنجزت لوحة بمساعدتها، وقد ونالت إعجاب الجميع، وبدأت أحب الرسم وأدرك أننا نستطيع أن نُعَبِّر عن مشاعرنا بلون ورسمة».

وتقول "رغد الحايك" طالبة دراسات عليا في قسم الفيزياء والكيمياء، من متابعيها: «"نرمين" فنانة مبدعة من أيام الدراسة الابتدائية، ونمَّت موهبتها إلى أن وصلت إلى مكان عظيم، وإقامة معرض فني بقلعة "حلب"، حيث أبهرتنا بكمية الأحاسيس الرائعة التي جسدتها برسوماتها، ولامست كل شخص فينا».

الجدير بالذكر أنّ "نرمين منصور جبيس" من مواليد مدينة "حلب"، حي "الإذاعة" عام 1995، خريجة جامعة "تشرين" في "اللاذقية" كلية الفنون الجميلة اختصاص رسم وتصوير، وقد انتسبت لاتحاد الفنانين التشكيليين في "اللاذقية" عام 2018.