سطع نجمه بسرعة في "حلب" كطبيبٍ وجراحٍ بارع في اختصاص الجراحة العامة واستئصال الأورام المختلفة والمتنوّعة، بالتزامن مع تقديمه المساعدة المتنوعة للمحتاجين وأصحاب الدخل المحدود، وتسهيل إجراء عملياتهم الجراحية بالمشافي الحكومية، وعلى نفقة الجمعيات الخيرية إن أمكن.

مدوّنةُ وطن "eSyria" زارت بتاريخ 29 تموز 2020 الدكتور الجراح "سامر أديب نسطة" في حي "التلل"، واستمعت منه لسيرة حياته الطبية والإنسانية، وملخص عمله في المشافي العامة، فقال: «منذ صغري كنت شغوفاً ومحباً لدراسة الطب البشري، ومتابعة كلّ الأخبار العلمية والطبية المتعلقة بهذا الاختصاص، وكنت أقوم بتسجيل الحالات المرضية البسيطة بدفترٍ خاصٍ بي، مثل أسباب ارتفاع درجات الحرارة لدى الإنسان، الإسهال، الأمراض المعدية، وطرق العلاج. كل ذلك سهّل من مهمتي في تحديد الهدف الذي أسعى اليه، وهو دراسة الطب، وتطابقت أحلامي وأهدافي مع بعضها عندما حصلت في امتحانات الثانوية على مجموع 237 درجة، ومع ذلك تشابكت أحلام الشباب لي في لحظة معينة، وبإغراءات ما تمّ الإعلان عنه للتقدم لمفاضلة دراسة الطاقة الذرية، ونجحت فيها، ونلت المرتبة الاولى، ونظراً لتوقف سفر البعثات الدراسية وقتها خارج القطر، عدت من جديد لاستثمار وتفعيل فرصتي المتاحة لدراسة الطب البشري في عام 1986، وتخرجت بعد ست سنوات من الكلية كطبيب عام، وقمت بعدها مباشرة بمتابعة التسجيل في اختصاص دراسات عليا (جراحة عامة) بمشفى "حلب" الجامعي، وتخرجت كطبيب جراح في عام 1996، والتحقت بعدها بخدمة العلم لمدة عامين، وبعد تسريحي فتحت عيادتي الخاصة بمدنية "منبج" مدة عشر سنوات واكتسبت بتلك الفترة المزيد من الخبرة والعلوم الجراحية، وعدت في عام 2005 إلى مدنية "حلب" لدراسة الدكتوراه في اختصاص جراحة الأورام لمدة ثلاث سنوات».

عملت لمدة خمسة عشر عاماً مع الدكتور "سامر نسطة" في مختلف المشافي العامة والخاصة بمدنية "حلب"، فهو طبيب وجراح مهني بارع، يلقى محبة واحترام الجميع من مرضاه بما يقدمه لهم من مساعدات وخدمات طبية

وتابع: «بعد حصولي على درجة الدكتوراه عينت كرئيس لقسم الجراحة العامة في مشفى "ابن رشد"، وتابعت بحثي العلمي من خلال حصولي على دبلوم اختصاص الثدي بالتعاون الطبي ما بين جامعة "نانسي" الفرنسية وجامعة "حلب"، وبعد هذه المرحلة من الدراسة المعمقة والطويلة في مختلف أنواع البحوث الجراحية انطلق وتوسع مجال عملي أكثر، وفي مختلف الأماكن الطبية والمشافي العامة والخاصة، والتعاقد مع الجمعيات الخيرية مثل "كارتاس"، "غوبا"، و"المتألمة".

في مؤتمر عن الأمراض السرطانية

وللأمانة والمصداقية لعبت هذه الجمعيات دوراً إيجابياً وفعالاً خلال فترة الأزمة بمدنية "حلب" من خلال تقديم خدماتها والمساعدة بدفع جزء كبير من نفقات العمليات الجراحية للمحتاجين وأصحاب الدخل المحدود».

وعن علاقته والدور الذي يقوم به في مساعدة المرضى لتسهيل قبولهم في الحصول على مساعدة هذه الجمعيات، وفي عيادته الخاصة قال: «منذ بدأت دراسة الطب البشري أقسمت على نفسي مساعدة المرضى والمحتاجين بعيداً عن أيّ شهرة أو إعلان أستثمره لذاتي، وأعدُّ هذا واجباً وحقاً مقدساً عليّ وعلى كل طبيب وإنسان مقتدر بدفع ما يستطيع، واتبعت ذلك بقراري الخاص برفض كل مغريات السفر التي توافرت أمامي وهي كثيرة خلال فترة الأزمة ولمختلف دول العالم، فكان قراري البقاء بالبلد مهما كانت الظروف، ومساعدة أهلي وناسي لتقديم كل الخدمات الطبية لهم، وطريقة عملي تتلخص بأنّه عندما يراجعني مريض في عيادتي ويكون بحاجة لإجراء عمل جراحي مكلف بأحد المشافي العامة أو الخاصة أقوم بإرشاده ومساعدته بالبداية بالمشافي العامة، وإن لم يكن ذلك متاحاً نأخذ الخيار الثاني نحو المشافي الخاصة التي تمولها الجمعيات الخيرية، والتي تطلب من كل مريض إملاء استمارة قبول أولية، وأقوم بمتابعة الموضوع، ومعرفة القيمة التي ستقوم الجمعية بتغطيتها والنسبة المترتبة على كاهل المريض، وقد يعتذر ويتراجع صاحب الشأن عن إجراء العمل الجراحي في آخر لحظة لعدم قدرته على سداد المبلغ المترتب عليه، وهنا أتدخل وألعب دور الوسيط بين المشفى والجمعية والمريض، وأطلب منه الاستمرار والعودة ولو على حساب تنزيل وحسم أتعابي من أجور تلك العمليات مهما بلغت، فلا يجوز أن نقف عائقاً في وجه من ضاقت بهم الحاجة، وتقطعت بهم السبل عن متابعة علاجهم، وعلى سبيل المثال ومنذ بدء عملي بالجمعيات الخيرية، في عام 2015، قمت بإجراء أكثر من أربع عمليات شهرياً، وأحياناً كنا نصل لإجراء مئة عملية جراحية بالعام، وبالنسبة لأجور معاينة مرضاي في عيادتي الخاصة هي بالحد الأدنى، وأي مبلغ يدفعه المريض مقبول، وحتى ولو لم يكن لديه شيء فيذهب معززاً مكرماً لأنّ الطب وجد لعلاج وتخفيف وجع الناس وليس إرهاقهم، انطلاقاً من مسؤوليتنا وفهمنا للظروف المالية الصعبة التي يعيشها مجتمعنا، إضافة لمساعدتنا لهم بتأمين جزء من الأدوية إن أمكن».

وفي الختام قال: «أنا ابن قرية بريف سوري جميل تقع على ضفاف بحيرة "قطينة" بـ"حمص"، كل ذلك طبع في مخيلتي بساطة مجتمعنا وكرمهم وحبهم لبعض عند المحن، وبذات الوقت يحافظون على كبريائهم وشموخهم عند الصعاب، وجمال قريتنا الخلابة فتح لدي مدارك الخيال والإبداع لدراسة وتحليل عوامل الطبيعة ومعرفة أسبابها ونتائجها، ووالدي كان موظفاً عادياً بشركة المياه حرص على تربيتي وتعليمي بعيداً عن أي مظاهر بذخ لا داع لها، وأنا أعشق الآثار والقلاع والأماكن التاريخية في بلادي، وقد زرت أغلبها وتفحصت معالمها وقرأت عنها وعن نشأتها، ولو لم أكن طبيباً لكنت حتماً باحثاً في التاريخ».

الدكتور "عبد المسيح عايدة" أخصائي نسائية قال: «تربطني علاقة وثيقة بالدكتور "سامر"، فهو بارع ومتمكن باختصاص جراحة الأورام دخلنا معاً في أكثر من عملية جراحية مشتركة كتب لها النجاح، إضافة لحسن أخلاقه وتعامله بأريحية مع المرضى بعيداً عن أي هواجس مادية مبالغ فيها، ويبقى أستاذنا الذي تعلمنا منه الكثير».

الممرض "جورج يتيم" المقيم في "ألمانيا" قال: «عملت لمدة خمسة عشر عاماً مع الدكتور "سامر نسطة" في مختلف المشافي العامة والخاصة بمدنية "حلب"، فهو طبيب وجراح مهني بارع، يلقى محبة واحترام الجميع من مرضاه بما يقدمه لهم من مساعدات وخدمات طبية».

بقي أن نذكر أنّ الدكتور "سامر أديب نسطة" من مواليد 1969 بقرية "قطينة" بمحافظة "حمص"، ويعيش في مدينة "حلب".