«يا سامعين ذكر النبي، على المصطفى صلوا.... فلولاك يا محمد ما انبنى جامع ولا منبر ولا مصلو

والمشركين يا رسول الله من هيبتك ولوا.... راحوا حفايا عرايا لا انقالوا ولا اندلوا»

في الواقع لم يعد أحد يلبس اللباس القديم، حتى أنا لم أعد ألبسه ولم أعد أحمل معي الفانوس، لأن الأحياء مضاءة بالكامل، لكننا نلبس اللباس القديم في آخر أيام رمضان وفي أول أيامه احتفالاً به وتوديعاً له

بهذه الكلمات اللطيفة يبدأ المسحر "زهير النن" رحلة السحور وبنفس الكلمات هذه يستقبل رمضان "زهير النن" أو "أبو ماهر" كما يحب أن ينادونه، تجاوز عمره السبعين عاماً وما زال يقوم بإيقاظ الناس إلى السحور.

eDamascus رافق المسحر "أبو ماهر" في رحلة السحور، والتقى به في منزله بتاريخ 19/9/2008، وأجرى معه الحوار التالي.

يقول "أبو ماهر": «أنا أقوم بهذا العمل من أكثر من /40/ عاماً، وقد ورثته عن أخي وأخي ورثه عن أبي وأبي عن جدي وهكذا، فمهنة المسحر ليست مهنة عادية بل هي مهنة عريقة لها أصولها وهي مهنة متوارثة، فأنا لدي "حجة" ورثتها عن أجدادي تثبت أنني مسحر أنا وأخي الأصغر مني وابني الكبير، ونحن الثلاثة نقوم بإيقاظ الناس في أكثر من حي من أحياء مدينة "دمشق"، أما أنا فأعمل في حي "الشاغور" وفي الأحياء المجاورة».

ثم يضيف "أبو ماهر": «اليوم لم يعد هناك مسحر حقيقي، فهناك أشعار ومدائح خاصة بالسحور ولها أوقات خاصة تختلف حسب أيام رمضان يجب على المسحر قولها، إلا أن المسحراتية الجدد لا يقولونها بل يكتفون بالدق على الطبلة وقول كلمة "يا نايم وحد الدايم" فقط وهذا أمر خاطئ، كما يجب أن يكون صوت المسحر جميلاً حتى يستمتع الناس بسماعه وبالاستيقاظ عليه».

  • ما هي المهنة التي تمتهنها في الأيام العادية، وكيف تستطيع تخصيص وقت لها ولعملك كمسحر ؟
  • ** «في الأيام العادية وفي النهار أو في خارج أيام رمضان لكل واحد منا عمله الخاص، فأنا موظف متقاعد، وابني يعمل في الطباعة، وأخي لديه محل تجاري، وبكل الأحوال عملنا كمسحراتية في الليل، ولا يؤثر على أعمالنا العادية، رغم بعض المصاعب التي نعانيها نتيجة السهر الطويل».

  • عن كيفية توزيع الأحياء بين المسحرين قال:
  • ** «على أساس "الحجة" التي نمتلكها يخصص لكل مسحر مجموعة أحياء، ومن واجبه إيقاظ أهلها، وفي حال دخل مسحر آخر إلى حي ما ولم يكن لديه "حجة" أو إذا لم يتفق مع أهل الحي فإن أهالي الحي سوف يطردونه لأنهم يعتمدون على مسحر معين، وهو وحده مخول بإيقاظهم، ولكن بكل الأحوال الأحياء موزعة بشكل مدروس بين المسحراتية وكل واحد منا يعرف منطقته ولا يدخل غيرها».

  • أما عن اللباس الذي يجب على المسحر ارتداءه أجاب:
  • ** «في الواقع لم يعد أحد يلبس اللباس القديم، حتى أنا لم أعد ألبسه ولم أعد أحمل معي الفانوس، لأن الأحياء مضاءة بالكامل، لكننا نلبس اللباس القديم في آخر أيام رمضان وفي أول أيامه احتفالاً به وتوديعاً له».

    * كيف تحصل على أجرك ؟

    ** في آخر أيام رمضان وفي أول أيام العيد نجول على البيوت التي قمنا بإيقاظ أهلها، وهم يقدمون لنا ما تيسر لهم من المال، وفي حال لم يدفعوا لنا شيئاً لن نواجه أي مشكلات، لأن مهنتنا بالأساس لا تهدف إلى المال، بل هي مهنة نحبها ونبذل كل ما نستطيع للحفاظ عليها، لأنها مهنة مباركة

  • ما هي الكلمات التي يجب على المسحر قولها ؟
  • ** «في أول رمضان نقول الأبيات التي ذكرتها في بداية اللقاء، وفي الرابع والعشرين منه نقول:

    رمضان مضى ومضت أيامه.... عزم على الرحيل وهدى خيامه

    يا هنا من صامه... وصلى وزكى صيامه

    يا هنا من صام ثلاثين يوما بالتمام.... لا أوحش الله منك يا شهر الصيام

    لا أوحش الله منك يا شهر التوبة والغفران..... والتوبة التوبة يا ربي وحسن الختام

    ونقول أيضاً:

    يا راحلاً إلى منى في قيادي.... هل يستوى يوم الرحيل فؤادي

    لبسوا ثياب البيض نثرات الرضا.... وأنا الفقير لقد لبست سوادي

    ضحوا ضحاياهم وأسالوا دمائهم.... وأنا الفقير لقد نحرت فؤادي

    يا راحلاً إلى منى في قيادي

    هذه الأبيات تسمى بالترحيل ويوجد غيرها أيضاً، أما في آخر يوم من رمضان نقول:

    ودعوه ثم قولوا له

    شهر الصيام شهر الهنا راحت الحجاج إلى عرفات ومنى

    يا هنا من زار مقام نبينا ودار وطاف حول المقام

    فودعوه وقولوا له يا شهرنا ودعتنا يا شهرنا أوحشتنا منا عليك السلام».