لعل جدلية الحوار وثقافته تكمن في النتائج، ولكن المقومات الأساسية لنجاحه تكمن في تحقيق أهدافه، مع مراعاة جيل الشباب الذي يعيش إشكالية بعلاقته مع المجتمع، فما الحل؟...

وحول موقع الحوار في تجسيد المواطنة، بين الباحث المهندس "أسامة جناد" لموقع eSyria بتاريخ 7/1/2012 قائلاً: «يمكن اعتبار الحوار أحد الأركان الرئيسية في مفهوم المواطنة الحقة الذي يفترض أن الكل متساوون كأسنان المشط تحت سقف الوطن وقوانينه الناظمة، ولا فرق بين أحد منهم والآخر إلا بالمسؤوليات والواجبات الملقاة عليه تبعاً لقدراته وموقع عمله. أما من حيث الحقوق فالجميع متساوون فيها، ولأي مواطن الحق التعبير عن آرائه، ضمن أجواء وآليات ناظمة للحوار، بين جميع أركان المجتمع وفئاته، فالحوار الناضج يكون بين المواطن والمسؤول وبين المواطنين أنفسهم، وهو دلالة الإرادة والإصلاح في المجتمع، إذ مهما تغنينا بشعارات الديموقراطية والمواطنة والحرية البراقة تبقى الكلمات الكبيرة مجردة بلا قيمة حقيقية ما لم تدعمها الأفعال. فأصغر الأفعال أكبر من أكبر الكلمات. من هنا تأتي أهمية الحوار وضرورة معرفة هذه الأهمية!. بالحوار الحقيقي الجاد نحو الفعل الإصلاحي باعتباره أولى خطوات رحلة الألف ميل إلى المواطنة الحقة التي ننشدها كسوريين».

المجتمع مكون من أفراد وهؤلاء الأفراد مختلفون في عقولهم وانتماءاتهم سواء الدينية أو الاجتماعية أو السياسية، وكل يدافع عن مفهومه، ولكن من أجل الوصول إلى هدف واحد، لابد من التواصل بين أفراد هذا المجتمع، وهذا التواصل ينحصر في الحوار، فمن خلال هذا الحوار فقط نصل إلى فرد ينتمي بحق إلى هذا المجتمع، فالحوار أساسي في تجسيد المواطنة وترسيخها بكل شموليتها لأن المواطنة لا تعني انتماء للوطن فقط

وعن اعتبار الحوار غاية أم وسيلة؟ أوضح المهندس "أسامة جناد" بالقول: «إن ما نعنيه بالحوار الحقيقي الجاد هو ذلك الحوار الذي يؤدي للتفاهم واستخلاص النتائج والعبر التي يستفاد منها، وتطبيقها على أرض الواقع لتقريب المسافات الشاسعة بين كافة فئات المجتمع وتضييق الهوة العريضة بين المواطن والمسؤول، بهذا الشكل يكون الحوار سياج أمان للوطن وجسراً قوياً للتواصل فيما بيننا ومعبراً حقيقياً يوصلنا جميعنا نحو سورية الجديدة الحاملة للإصلاح الحقيقي والمستقبل الزاهر. أما الحوار لأجل الحوار، فهو هدر للوقت والطاقة ولن يؤدي إلا إلى مزيد من تعقيد، وبالتالي فعلى من ينادي بالحوار من أي طرف سوري كان، أن يتمثل مقومات الحوار ومبادئه. ومن أولى إجراءاته احترام الآخر، والاستماع إلى وجعه وآلامه والعمل على وضع حلول توافقية تكون المخرج وبالتالي يكون الحوار غاية لإقامته، وهدفاً لعدم إلغاء الآخر، ووسيلة للإصلاح».

المهندس أسامة جناد

وتابع المهندس "أسامة جناد" حديثه حول بعد الحوار، وماذا يعني حوار بلا مصالحة بقوله: «الحوار بمقوماته يعني نكران الذات أمام هدف أسمى من الذات، فكيف إذا كان الوطن وأبناؤه هم المتحاورين، لأن السوريين مهما بعدت بينهم المسافات تجمعهم رائحة تراب الوطن، والتاريخ أثبت ذلك في صفحاته، ولهذا فإن أولى نتائج الحوار الوطني المصالحة والتقارب بين جميع أطياف المجتمع، وما لم يتحقق ذلك نصبح كالجزر المنعزلة عن بعضها بعضاً التي تتواصل عبر الآخر، الآخر يعني من غير السوريين بكافة أنواعهم وتصنيفاتهم ونواياهم السرية والمكشوفة، ومآربهم، المضمر منها والمعلن، وهؤلاء الأغيار مهما حسنت نواياهم تجاهنا فلن يكون منطلقها إلا مصالحهم الخاصة ومقدار الفائدة التي يتوقعون أن يجنوها منا وعلى حسابنا، ونبقى في حوار طرشان لا يسمع أحدنا حقيقة الآخر إلا تمثيلاً ووهماً، وتلبية لأغراض ومآرب الآخرين».

أما عن موقع الشباب في الحوار، وكيفية إنهاء حالة تهميشهم فبين المهندس "أسامة جناد" بالقول: «إن الشباب هم العنصر الهام الغائب في الحوار، وقد يكون تهميشهم أمراً يفرضه واقع معيش من عادات وتقاليد، خاضعين تحت سلطة تلك العادات فارضين على الشباب الصمت والإنصات لأوامر وأحكام ونواهي من هم الأكبر سناً، ولهذا فقد خسر المجتمع أحد أعظم وأنبل طاقاته، وهم الفئة الذين أثبتوا على مر الأيام والسنين وعبر عقود من الزمن أنهم الأكثر عطاء وتنمية وأن الوطن يكبر بهم وصمودهم عبر تاريخ المحن كان دائماً فرس الرهان السابق في أي اختبار فرضته الأيام "وما تزال" على سورية، ولهذا أي حوار بلا الشباب يعني موت الحوار الطامح للمستقبل، ولهذا أصبح من ضرورات استمرار الحياة والتنمية إنهاء حالة تهميشهم والعمل على تفعيل صوتهم كي لا يكون الحوار مجرد ظاهرة صوتية أو صرخة في برية، من خلال مؤسسات ونقابات ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات النقابية والأحزاب، لمنح شباب الوطن كامل الدعم والثقة بقدرتهم ووضعهم في خانة المسؤولية وتعبئته على حمل أعباء المرحلة والنهوض بالوطن من جديد».

الأستاذ نصر صعب

لعل آراء المجتمع تختلف بين رأي وآخر إذ بين الأستاذ "نصر صعب" وهو مجاز في القانون رأياً في موقع الحوار من تجسيد المواطنة، قائلاً: «المجتمع مكون من أفراد وهؤلاء الأفراد مختلفون في عقولهم وانتماءاتهم سواء الدينية أو الاجتماعية أو السياسية، وكل يدافع عن مفهومه، ولكن من أجل الوصول إلى هدف واحد، لابد من التواصل بين أفراد هذا المجتمع، وهذا التواصل ينحصر في الحوار، فمن خلال هذا الحوار فقط نصل إلى فرد ينتمي بحق إلى هذا المجتمع، فالحوار أساسي في تجسيد المواطنة وترسيخها بكل شموليتها لأن المواطنة لا تعني انتماء للوطن فقط».

وعن اعتبار الحوار غاية أم وسيلة وما بعده أشار الأستاذ "نصر صعب" بالقول: «الحوار ينطلق بين أطياف المجتمع وبكل مكوناته للوصول إلى هدف واحد في الحوار وتحقيق المواطنة والانتماء الحق، وعليه فالحوار علاقة جدلية، فهو غاية للوصول إلى هدف، ووسيلة للوصول إلى هدف حيث إنه دون الحوار لا يمكن الوصول للهدف لأن التعصب للرأي لا يمكن أن يحقق الانتماء والمواطنة الحق التي ترفع بسوية هذا الوطن، أما ماذا بعد الحوار فالجواب ماذا بعد زرع القمح وسقيه، الحصاد، وبعد الحصاد يأتي الطحن وبعد الطحن يأتي العجن ثم الخبز، فبعد الحوار مفاده الوصول إلى النمو والرقي والتقدم والعلاج والإصلاح بكافة مفاهيمه».

أسامة جناد

وعن إجراء حوار بلا مصالحة، وموقع الشباب في الحوار بين الأستاذ "نصر صعب" بالقول: «الحوار في الأصل قائم على الالتقاء وتفاهم وتقارب بين الأطراف المتنازعة، وهو شكلاً ومضموناً يحمل قضايا تهم المتحاورين لتحقيق قواسم مشتركة، وبالتالي لا يجوز بأي شكل من الأشكال ألا يكون هناك مصالحة بين الأطراف كافة بعد أن تقوم بحوار حر جدي بعيد عن المحسوبيات والانتماءات، لأن أهم نتائج له الوصول إلى نقطة ارتكاز موحدة وهي محور المصالحة، ثم تأتي بنود الحوار واضعة نصب أعينها نمو وخير وتقدم وحرية وسيادة هذا البلد، فالتقريب والتصويب والتدوير للوصول للمصالحة الحتمية مهما طال الزمن والأمثلة على ذلك كثيرة حيث إنه بعد كل نزاع لابد من طور ولابد من مصالحة وهي نتاج للتقدم والرقي، ولكن ثمة سؤال هل يكون حوار بلا شباب؟... إن أي مجتمع أو كيان يعتمد في بنيانه على الشباب، لأنهم العماد الحقيقي للبناء والتنمية، فمشاركة الشباب في أي حوار يأتي رافداً لحركة انفعالية تحمل مضموناً تنموياً لواقع أرادوه هم الشباب، ولهذا لابد من وجود الشباب في الحوار، وأرى مواقعهم في الصدارة».