أبدع الكاتب "عادل أبو شنب" في كتابة القصة القصيرة والتي بدأ ببثها في الإذاعة السورية عام 1950 إضافة إلى إبداعه في كتابة الرواية، والمسرح، وقد دخل إلى عالم الصحافة عن طريق المصادفة، فأصبح بعد شهر من دخوله يحرر صحيفة بأكملها ويطبعها في المطابع قبل أن ينشرها في الأسواق.

eDamascus التقى الكاتب وكان الحوار التالي:

"عادل أبو شنب" رؤية مختلفة للإبداع السوري وهو الذي رسخ مفهوم التعددية في الكتابة، فقد أبدع قصة ورواية، وأبدع في مجال النقد والكتابة الصحفية وقد أسس جيلاً كبيراً من المثقفين

  • كيف يرى الأستاذ عادل أبو شنب العالم بعد هذا الوقت الطويل من صدور أول مجموعة قصصية له؟
  • الشاعر الكبير

    ** "عالم ولكنه صغير" هي أول مجموعة كتبتها في عام 1950 وأذعت قسماً منها في الإذاعة السورية في ذلك الوقت، وكنت من الأوائل الذين أذاعوا قصصهم في الإذاعة السورية في برنامج اسمه "قصة الأسبوع"، ومؤخراً أصدرت مجموعة قصص قصيرة جداً بعنوان "المتفرج" قامت بطباعتها الهيئة العامة للكتاب في سورية، وأعتمد فيها على الجمل القصيرة والمشحونة بالمعنى والمادة الجديدة. أما بالنسبة للقصة السورية الآن فأنا مطلع فقط على عدد قليل من إصدارات القصاصين السوريين وهناك عدد منهم حاولوا أن يدخلوا مجال القصة القصيرة جداً، وهذا المجال أصعب بكثير من القصة لأنها تحكي عن فكرة قوية وجديدة وتعتمد على الاختزال في الكتابة. كما قرأت عددا لا بأس به من القصص القصيرة جداً للشباب وتتراوح معظمها بين الجيدة وما فوق الوسط وهناك أيضاً المبتذلة".

  • "عادل أبو شنب" أنت من رواد الإبداع، هل ساهمت كتاباتكم في تكوين جيل كما كنتم تحلمون أثناء الكتابة، أم لا يزال ما يكتب على الورق بعيداً عن التطبيق على أرض الواقع رغم أنه يرصد في بعض الأحيان رؤى حقيقية واقعة؟
  • ** في الحقيقة هذه المسألة تحتاج إلى مؤسسات سبر الرأي العام، ونحن لا نملك هذه المؤسسات التي باستطاعتها أن تعرف مدى تأثير المواد الثقافية والمنتج الثقافي على المجتمع، ولكن إذاعياً بقيت من 1953 إلى 1963 أقدم برنامجاً اسمه "ألوان" وهذا البرنامج يقدم كل النشاطات الثقافية التي تحصل في المجتمع أسبوعياً، والجميل في ذلك الوقت أن الناس كانوا يبلغونني بأن لديهم محاضرة أو معرضاً أو ندوة في حال لم أسمع بها، وهذا يعتبر نجاحاً للبرنامج وقتها. من ثم كلفت رسمياً بأن أحوّل هذا البرنامج إلى الشاشة الفضية وأطلقت عليه اسم "مجلة التلفزيون" معتمداً على النشاطات التي تدور في المجتمع السوري سواء أكان في دمشق أو أي محافظة أخرى، واستخدمت فيه كل الوسائل المعاصرة وقتذاك للنقل التلفزيوني رغم أنها كانت محدودة جداً وليس كما هو الحال الآن. بعد ذلك تركت البرنامج لأقوم بإعداد "الدراما التلفزيونية"، وقدمت للتلفزيون السوري أول مسلسل درامي بعنوان "حكاية حارة القصر" عام 1970م وكان بالأبيض والأسود، ومن بعده قدمت العديد من المسلسلات مثل "فوزية، وردة الصباح، هذا الرجل في خطر" وغيرها إضافة إلى العديد من المسلسلات التي قدمتها لتلفزيون اليمن عند افتتاحه، كما شاركت في برنامج "افتح يا سمسم" الكويتي، وكتبت لهم عدة نصوص منها مسلسل "ديرتنا" وكان مسلسلاً منفصلاً متصلاً يحاكي البيئة الكويتية".

  • كيف تقيّم أدب الأطفال في الوطن العربي في هذه المرحلة التي نعيشها، وهل تحقق ما قدمته لهم؟
  • ** "أدب الأطفال" مشكلة كبيرة، فهو بحاجة إلى إعادة رؤيا تنعشه من جذوره وتعيده إلى مساره الصحيح لأن ليس كل ما يكتب للأطفال هو أدب، فالكتابة شيء والأدب شيء آخر. عندما كنت في مجلة "أسامة" أردت أن أخلق أدباً للأطفال عبر هذه المجلة واستطعنا أن نؤسس لشخصيات أحبها الأطفال تماماً، كما يحبون الرجل الوطواط و"سوبر مان" و"تان تان"، واجتهدت لكي أخلق البديل لهذه الشخصيات الغربية بشخصية عربية من أدب المقاومة فخلقت شخصية "أسامة في الأرض المحتلة" ونالت حب وإعجاب الأطفال.

  • بما أنك اتجهت لكتابة الرواية بعد ابحارك في عالم القصة، هل ترى أن النقد أثّر على مسيرة حركة الرواية العربية؟
  • ** النقد يعطي توصيفاً للرواية ولكن يؤسفني أن أقول إن الشللية في الوسط الأدبي تتحكم بالنقد على كل الصعد سواء في الشعر أو القصة أو الرواية، لذلك نرى من يصدر رواية يبحث عن أصدقائه ويقدمها لهم وهم من طرفهم يقومون بمدحها عن طريق كتاباتهم ومقالاتهم، لذلك تراجع النقد كما تراجعت الرواية.

  • نحب أن نقرأ رأيك بما قدمته للمسرح؟
  • ** الهدف الأساسي لعملي في المسرح وما قدمته له كان من أجل الدخول في مسابقة للإدارة العامة للقوات المسلحة، فكتبت مسرحية بهذا الخصوص وقدمتها ونلت عليها الجائزة الثانية، أما الجائزة الأولى فكانت لشخص من مصر قدم نصاً كان قد نال عليه جائزة من ليبيا في وقت سابق فاعتبرت اللجنة وقتها أن جائزتي هي الأولى، وتم تقديم المسرحية على "المسرح العسكري" بدمشق، لكن تم تغييرالفصل الثالث من المسرحية بشكل كامل ما جعلني أتبرأ من العمل في هذه المسرحية، ولم أكرر التجربة بعدها.

  • كيف دخلت عالم الصحافة وأصبحت علماً من أعلامها؟
  • ** المصادفة دفعتني للدخول بهذا المجال، وأصبحت صحافياً وتعلمت حرفياً كل شيء في هذه المهنة من ترتيب وصف الحروف للطباعة إلى كتابة التعليقات الإخبارية والافتتاحيات والزوايا حتى إنني بت أحرر جريدة كاملة بنفسي. ففي الوقت الذي كنت أذيع فيه قصصي في الإذاعة السورية حدثني "أمير الشهابي" مدير إذاعة دمشق في ذلك الوقت وقال لي هل تريد أن تعمل كصحفي فوافقت على عرضه، فأرسلني إلى الصحفي "عبد الغني العطري" وبدوره أرسلني العطري إلى جريدة "لسان الشعب" وكانت ناطقة باسم "حزب الشعب في سورية" وتدربت هناك حتى استطعت خلال شهر واحد تحرير الجريدة بمفردي، وكنت أتقاضى راتباً يضاهي راتب الوزير في ذلك الوقت. أنا لم أنتسب إلى أي معهد لأننا لم نكن نملك هذا النوع من المعاهد فخبرتي اكتسبتها بالممارسة اليومية والعملية للعمل الصحفي".

  • قدمت كتاباً يحكي السيرة الذاتية للفنان الراحل "عبد الوهاب أبو السعود"، هل تعتقد أنك استوفيت حقه في هذا الكتاب؟
  • ** "عبد الوهاب أبو السعود" فنان تشكيلي ومسرحي وم ألتقه أبداً، ولكن وزارة الثقافة في عام 1962 كلفتني بالكتابة عن سيرته الذاتية باعتباره علماً في المرفقين التشكيلي والمسرحي. وقد لجأت إلى ابنته في ذلك الوقت وقدمت لي كل أوراقه التي من الممكن أن أستفيد منها في خلق هذا الكتاب عن مسيرة حياته، درست هذه الأوراق واستطعت الدخول معه في كلا الفنين اللذين عمل بهما، وهو بالإضافة إلى كونه رساماً تشكيلياً فقد كان مسرحياً مبدعاً بدليل أنه عندما مثّل سنة 1919م دور "جمال باشا السفاح" على المسرح خيّل للكثيرين ممن حضروا المسرحية أن "جمال باشا السفاح" موجود بشحمه ولحمه على المسرح.

  • هل ابتعاد الشعراء عن الشعر المقفى سببه أنه يتمتع بـ"الوزن"؟
  • ** الفرق واضح، بين أن تكتب نثراً وأن تكتب شعراً، فالشعر يعتمد على القافية والوزن والموسيقا، أما أنصار الشعر الجديد فيعتبرون أن الموسيقا داخلة في النص، (فيا مرحبا) بالموسيقا الداخلية، والشعر الذي أعرفه أنا هو شعر التفعيلة وشعر الوزن وخلاف ذلك ليس شعراً.

    كما أن الكثيرين ممن اتجهوا نحو هذا الشعر الجديد كان من الصعوبة عليهم كتابة الشعر الموزون والمقفى فأوجدوا هذا النثر أو الخواطر النثرية وأطلقوا عليها شعراً".

  • هل تطور أدب القصة القصيرة في سورية حسب رأيك؟
  • ** تطور بشكل ملحوظ وأصبحنا نملك قاصين جيدين، ولكن لم نجدد في القصة السورية، غير أن هناك جنوحاً من ناحية واحدة وهي في القصة الأنثوية التي تجنح نحو الشذوذ.

    الأديب اللبناني "إسماعيل أبو سمرا" قال عن الاديب "عادل أبو شنب": «الأديب الكبير "عادل أبو شنب" يشكل حالة فريدة في الأدب، فقد استطاع أن ينتقل بين صنوف الإبداع الأدبي من قصة إلى رواية إلى كتابة صحفية، وأن يبقى ممسكاً بزمام الأمور، هو متميز في كتاباته ويشكل رؤية لجيل جديد».

    أما الأديبة "كلادي مطران" فتقول حول ما كتب: «"عادل أبو شنب" رؤية مختلفة للإبداع السوري وهو الذي رسخ مفهوم التعددية في الكتابة، فقد أبدع قصة ورواية، وأبدع في مجال النقد والكتابة الصحفية وقد أسس جيلاً كبيراً من المثقفين».

    الجدير بالذكر أن الشاعر من مواليد دمشق عام 1930 قدم خلال مسيرته الإبداعية إلى الآن حوالي (40) إصداراً من الشعر والقصة والرواية والأبحاث وكتب السيرة الذاتية وسواها، ودخل إلى أدب الأطفال وخلق شخصية "أسامة" الشخصية المحببة لدى كثير من الأطفال، ومن إصداراته في عالم القصة "عالم ولكنه صغير، زهرة استوائية في القطب، الثوار مروا ببيتنا، أحلام ساعة الصفر، الآس الجميل"، وفي مجال الرواية "وردة الصباح"، وفي مجال الدراسات "كان ياما كان" وحياة الفنان "عبد الوهاب أبو السعود"، وفي مجال قصص الأطفال "الفصل الجميل، والسيف الخشبي، والطفل الشجاع، وأصدقاء النهر"، وفي مجال المسرح "اغتيال ملك الجان".