يعمد النقاد بين فترة وأخرى إلى تقديم رؤية نقدية متجددة توثيقية حول عمل وإبداع شخصيات أدبية شكلت في الحركة الثقافية الأدبية إشكالية، كما في دراسة الدكتور "حسين جمعة" لسبعة مبدعين سوريين كبار.

حول دراسة "حراس الكلمة والموقف" أوضح الأستاذ الدكتور "غسان غنيم" عضو اتحاد الكتاب العرب لموقع eSyria قائلاً: «يعد عمل "حراس الكلمة والموقف" للأستاذ الدكتور "حسين جمعة" الذي صدر مؤخراً عن اتحاد الكتاب العرب من أعمال البيبلوغرافيا، المهمة التي حاولت أن تقدم مجموعة حيوات أعلام شكلوا الوجدان العربي وجزءاً من الحياة الثقافية العربية في المرحلة الحديثة فمن خلال الأسماء التي وردت فيه نلحظ أنها أسماء مهمة في إطار المعرفة والعلم والثقافة والتدريس فقد تعمد الباحث أن يتخير أسماء شكلت علامات وقوى بارزة ففي التدريس اختار الأستاذ الجامعي "أحمد راتب النفاخ" الذي قدم جزءاً كبيراً من حياته في خدمة التعليم الجامعي في جامعة "دمشق" وقدم مجموعة من الكتب والمقالات بالإضافة إلى شيء من الإنتاج الشعري وترك بصمات واضحة على مجموعة كبيرة لطلاب جامعة دمشق ممن أمسوا أساتذة وعلماء ومربين لا ينكرون فضل هذا المعلم، ويشبه ذلك الأستاذ الدكتور "احسان عباس" الذي قدم للنقد الأدبي والدراسة الأدبية وشكل حالة معرفية تقترب من الموسوعية فترك بذلك بصمات لا تمحى في تاريخ الدراسة الأدبية لتراث الأندلس خاصة وللنقد الأدبي والدراسات الأدبية عامة وفي الجانب الوجداني الشعري تخير الباحث اثنين مهمين لهما آثار عميقة في وجدان الناس في سورية بل الأمة العربية وهما شاعر الشام "شفيق جبري" وشام الحب أو "ارتعاش الروح" كما- سماه- "نزار قباني"، ولم يغفل دراسة موضوعتهما الشعرية سواء أكانت الوطنية والقومية كما هي الحال في "شفيق جبري" أم القضايا الوطنية والقومية والمرأة كما في حال "نزار قباني" أما الجزء الثالث من هذا الكتاب فقد تناول بعض الأدباء ممن اتخذوا من النثر أداة رئيسية لإبداعهم مع إبداع بعضهم بالنثر والشعر كما هي حال الأديب "محي الدين البرادعي"، وتناول الأديب "بديع حقي" والروائي الكبير "عبد الرحمن منيف"، ويقوم منهجه لدراسته لهؤلاء الأعلام على آلية متشابهة متقاربة حيث يتناول سيرة حياة المبدع ثم تراثه الإبداعي والمعرفي مع التعريج على بعض المواقف المتميزة بحياته وأدبه مع ذكر بعض السمات الفنية والخصائص الجمالية».

مثل هذا المنهج يقوم على اكتفاء الجوانب كافة لدى الأديب المدروس وهذا ما جعلنا نصنف هذا العمل في إطار الدراسات "البيبلوغرافية" إضافة إلى ذلك النمط من الدراسات دراسة التجربة الإبداعية من الناحتين الفكرية والأسلوبية الجمالية، إذ يعد هذا الكتاب إضافة حقيقية تسجل لمصلحة الباحث حيث سد ثغرة قائمة لدى بعض الأعلام المدروسين الذين لم تعرج الدراسة على ذكر آثارهم وفضائلهم ومواقفهم ومميزات إنتاجهم كما هي حال مع "أحمد راتب النفاخ والبرادعي وبديع حقي" فقليلة هي الدراسات لهؤلاء المبدعين وإعطائهم جزءاً من حقهم المستحقة على الدراسين والكتاب

وأضاف الدكتور "غسان غنيم" حول المنهج بقوله: «مثل هذا المنهج يقوم على اكتفاء الجوانب كافة لدى الأديب المدروس وهذا ما جعلنا نصنف هذا العمل في إطار الدراسات "البيبلوغرافية" إضافة إلى ذلك النمط من الدراسات دراسة التجربة الإبداعية من الناحتين الفكرية والأسلوبية الجمالية، إذ يعد هذا الكتاب إضافة حقيقية تسجل لمصلحة الباحث حيث سد ثغرة قائمة لدى بعض الأعلام المدروسين الذين لم تعرج الدراسة على ذكر آثارهم وفضائلهم ومواقفهم ومميزات إنتاجهم كما هي حال مع "أحمد راتب النفاخ والبرادعي وبديع حقي" فقليلة هي الدراسات لهؤلاء المبدعين وإعطائهم جزءاً من حقهم المستحقة على الدراسين والكتاب»

الدكتور غسان غنيم

وعن فكرة الدراسة "حراس الكلمة والموقف" بين الأستاذ الدكتور "حسين جمعة" رئيس اتحاد الكتاب العرب: «تعد الكتابة المبدعة أيا كان جنسها الفكري أو الأدبي أو العلمي أو الإعلامي أو الصحفي نوعاً من المعرفة وهي معرفة تتكامل بالنواحي الجمالية في الأدب والنقد، وفي كليهما تقدم المنهج والرؤية اللذين يدلان على خصائص الكاتب وأصالته، من هنا أشدد على مبدأ الاختلاف في الكتابة لأن الاختلاف أساس الإثراء والارتقاء، ومن ثم أساس الإنتاج المعرفي والفني ثم النقدي، ما يثبت أن الاختلاف في الرأي دليل حيوية ونضج... ومن هنا تكمن قيمة القراءة المختلفة التي تتأثر بموهبة الكاتب وثقافته وحالته، ثم تتعدد القراءات للقارئ الواحد في أزمنة مختلفة وأمكنة عدة، وتتفتح على تـأويلات متنوعة، ما يعني أنه لا يجوز لنا أن نقرأ النص وفق تقاليد ثابتة وتقنية واحدة ومنهج واحد، وهذا ما تسعى إليه الدراسة الذي عمد إلى التوقف عند عدد من حراس الكلمة والموقف مما كان لهم تأثيرهم القوي في العلم والمعرفة وفي الإبداع والفن، وفي البحث الأدبي والنقدي واللغوي عند العرب. وحين كان لكل مبدع فيهم رسالة ما يهدف إليها فإن القارئ يمكنه أن يحمل النص الذي تركه رؤى جديدة ورسائل متجددة تبعاً لرؤاه الذاتية والمعرفية. والنص العظيم هو الذي ينفتح على تلك الرؤى والتأويلات، أي إن النص الإبداعي الحقيقي يتجاوز الزمان والمكان إلى أفق غير محدود، أما النص الضعيف فإنه ينغلق على نفسه وصاحبه، مهما استثمر القارئ موهبته والنظريات المعرفية والنقدية والفنية في قراءته... وبناءً على ذلك فإن فعالية القراءة النقدية الحقيقية تكمن في تخليصها من النقد الوصفي والتاريخي الصرف، على حاجته له، وفي تحررها من النقد الأحادي الاتجاه ذي الرؤية المسبقة، ومن النقد التقليدي الموروث أو التابع للآخر».

وحول مضمون البحث أوضح الدكتور "حسين جمعة" بالقول: «توقفت عن علمين جامعيين تركا في اللغة والثقافة والأدب والنقد بصمات واضحة وهما علاّمة الشام "أحمد راتب النفاخ"، والعالم الموسوعي "إحسان عباس" علماً أن الأول كان السابق المجلي في عالم التحقيق واللغة، على حين كان الثاني مبرزاً في عالم التحقيق والنقد، فأردناهما مثالين لهذين النمطين من الثقافة العربية، ولما كان الشعر ديوان العرب، وكانت بلاد الشام بيئة الجمال والإبداع اخترنا اثنين من الشعراء المبدعين أولهما شاعر الشام "شفيق جبري" ممثلاً لجيل الرواد، والثاني هو الشاعر الكبير "نزار قباني" الذي أدهش العقول، وأثار النفوس حين راد حقولاً جديدة في الشعر لم يسبقه فيها أحد، ثم اخذ فن القصة والرواية يزاحم الشعر بمنكبيه، بل طفق أنصار الرواية يزعمون أنها وحدها في العصر الحديث تستحق مفهوم ديوان العرب ما لزمنا اختيار اثنين من عباقرتها، الأول "بديع حقي" بوصفه مؤسساً لها، والثاني "عبد الرحمن منيف" بوصفه من أبرز الروائيين العرب الذين جددوا في فن الرواية من المبدعين، ولما كان "أحمد شوقي" واحداً من الشعراء الكبار في تأسيس المسرح الشعري في مصر فإن الشاعر السوري "خالد محي الدين البرادعي" استطاع أن يذهب بعيداً شكلاً ومضموناً، حين حوله إلى مادة للنقد الحاد للتجزئة التي آل إليها حال الأمة، فكانت القراءة صدى لمداراته.. ومهما يكن الأمر فإن مبدعين آخرين لا يقلون مكانة وشهرة عمن ضمهم دراستنا، ولكن لابد من الاختيار وقد اخترنا العنوان "حراس الكلمة والموقف" لما تقدمه كله، فالكلمة وسيلة وغاية، فهي أداة تعبير جمالية ونقدية حازت لدى كل منهم مكانتها فنطقت برسائل شتى، وسخرت لخدمة ثقافة الأمة وهويتها، وعبر عن مواقفهم الواضحة والصادقة تجاها قضايا الكبرى، من دون نفاق أو مواربة، وعسى نستكمل عملنا هذا بأعمال أخرى تلبي حاجة المتلقي العربي في الاطلاع على حراس الكلمة والموقف وفق منهج القراءة الاستنباطية المستندة إلى التحليل التكاملي».

الدكتور حسين جمعة
العمل المدروس