استخدم أهالي "الصبورة" المتوجهون إلى الديماس ووادي بردى طريقاً مختصراً منذ القدم، منتقلين على الأقدام أو على الدوابّ للتواصل التجاري والرزاعي معها، قبل بناء قرى الأسد في منتصف الطريق.

كيف كان يتم ذلك؟ ومتى شُقَ الطريق؟ وهل قدَّم فعلاً ما هو مطلوب منه؟

أذكر أيام الثلاثينيات حين كنا نتوجه إلى قرى وادي بردى، حين كان يستغرق الوصول إليها بحدود ساعة ونصف الساعة إلى ساعتين مترافقاً مع الكثير من المتاعب والمعاناة، إذ كنا نقطع هذه المسافات مشياً قبل أن نمتلك عربة خشبية يجرها حصان ساعدتنا في الوصول إلى أراضينا المنتشرة على طرفي الطريق، أما الآن وقد أصبح الطريق على ما هو عليه، فأصبحت أزور أقربائي ومعارفي في الوادي دون أن أستغرق أكثر من عشرين دقيقة

للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها؛ مدونة وطن "eSyria" زارت المنطقة بتاريخ 19 حزيران 2014، والتقت "أحمد بلان" أحد أهالي "الصبورة"؛ أول رئيس بلدية لها، فحدثنا عن تاريخ هذا الطريق بالقول: «كان الوصول إلى القرى الواقعة شرقي "الصبورة" أمراً بالغ الصعوبة، فقد كان هذا الطريق ترابياً شقته أقدام الأهالي الذين كانوا يعبرون المسافة على الأقدام، أو باستخدام عربات النقل الزراعية التي كانت تجرها الدواب، ولكم أن تتخيلوا صعوبة التنقل آنذاك خاصة في الشتاء، وقد بقي على هذه الحال قرابة مئة عام، حسب تاريخ تشكّل القرى، إلى أن أنشئ في العام 1945 طريقٌ أحادي معبَّد ساهم إلى حد كبير في تسهيل عمليات التنقل الضرورية لتسويق البضائع وتجارة المواشي، إضافة إلى العلاقات العائلية التي تجمع بين أبناء القرى، لكن المشكلة عادت لتظهر حين انتشرت السيارات وأصبحت تقريباً وسيلة النقل المعتمدة كلياً، وذهبت موضة العربات، فكان هذا الطريق ضيقاً ومحفَّراً لا يتسع للسيارات الذاهبة والعائدة من القرى المجاورة، فتم توسيع هذا الطريق في العام 2000 وحل المشكلة جزئياً تزامناً مع زيادة ملحوظة في استخدام السيارات.

بداية الطريق في الصبورة

وجاء بناء قرى الأسد عام 1985، فكان لا بد من طريق باتجاهين "أوتوستراد"، وفعلاً تحقق ذلك مطلع العام 2005 فأصبح الطريق مطابقاً للشروط الفنية كاملةً ومخدماً من حيث الأرصفة، الكهرباء، الإنارة والصرف الصحي، كما تمت زيادة سماكته لتصبح 10سم كما ينبغي، وقبل تجديد هذا الطريق كان يوجد باص وسيارة زراعية تنقل الأهالي بين "الصبورة وقرى الأسد"، أما وقد أصبح على ما هو عليه الآن فتراه يغص بالسيارات الذاهبة والعائدة من وإلى القرية».

وعن الفوائد التي يقدمها الطريق للناس كان لنا لقاء آخر مع السيد "أحمد تلجي" أحد مالكي الأراضي الواقعة على الطريق؛ الذي قال: «ساعد هذا الطريق في تخديم الأراضي على جانبيه ما حدا ببعض أهالي القرية لبناء المزارع الصغيرة على يمين وشمال الطريق كما فعلت أنا، ولهذه المزارع فوائد جمة؛ فعدا كونها أرضاً زراعية تعود على الفلاح بمنتجات تغنيه عن السوق، تُعدّ أيضاً متنفساً للأهالي إذ تكون مقصداً للرحلات العائلية وسيران الشباب، كما يحتوي بعضها على حظائر لتربية المواشي، وكل ذلك ما كان ليتمّ لولا هذا الطريق الذي يسهل عمليات نقل المحاصيل إلى القرية وتسويق التجاري منها، إضافة إلى دوره في إقامة المنشآت الصناعية والسياحية على جانبيه كمعمل الرخام الحكومي، ومجمع السلسلة الفرعونية السياحي وغيرهما، كما لعب دوراً مهماً في تسويق بضائع "الصبورة" في القرى والمناطق المجاورة؛ فسكان قرى الأسد يعتمدون على "الصبورة" لشراء حاجياتهم، وخاصة منها الخضراوات الطازجة، والمنتجات الحيوانية كالحليب واللبن واللبنة».

السيدة "عربية الشيخ" إحدى معمرات القرية، تحدثت أيضاً بما جادت به ذاكرتها قبل وبعد شق هذا الطريق، تقول: «أذكر أيام الثلاثينيات حين كنا نتوجه إلى قرى وادي بردى، حين كان يستغرق الوصول إليها بحدود ساعة ونصف الساعة إلى ساعتين مترافقاً مع الكثير من المتاعب والمعاناة، إذ كنا نقطع هذه المسافات مشياً قبل أن نمتلك عربة خشبية يجرها حصان ساعدتنا في الوصول إلى أراضينا المنتشرة على طرفي الطريق، أما الآن وقد أصبح الطريق على ما هو عليه، فأصبحت أزور أقربائي ومعارفي في الوادي دون أن أستغرق أكثر من عشرين دقيقة».

يذكر أن الطريق اليوم بحالة جيدة فقد تمت صيانته جزئياً قبل عامين، وتولي بلدية "الصبورة" اهتماماً خاصاً به لكونه منفذها الأوحد باتجاه الشرق.

أحمد تلجي