يتوسط حي "التضامن" الشعبي، ويعدّ مقصداً أساسياً لأهل الحي والأحياء المجاورة، فيه تجد ربة المنزل كل ما يلزمها، أسسته "البسطات" الصغيرة وأفرغته الحرب ليعود اليوم مليئاً بالحياة والنشاط.

مدونة وطن "eSyria" قامت بجولة في أرجاء السوق يوم 15 شباط 2015؛ والتقت من أهل الحي "عبد الرحيم الصفدي" الذي حدثنا عنه بالقول: «أنشئ هذا السوق بعد إنشاء حي "التضامن" بـ20 عاماً تقريباً؛ أي منذ ما يقارب 35 عاماً، وقد كانت البداية ببضع بسطات لبيع الخضار؛ ما لبثت أن تحولت إلى سوق شعبي صغير ومسقوف، تقاسم أركانه بعض البائعين الذين تخصصوا فقط في بيع الخضار والفواكه، ومع ازدياد أعداد السكان وتنوع مطالبهم بدأ أصحاب المصالح التوافد إلى محيط السوق وافتتاح محالهم التي تنوعت بين "البزورية" ومواد التنظيف واللحوم والمخازن الاستهلاكية، ليغدو اليوم المقصد الأول لسكان الحي، ويعود ذلك إلى شمولية بضائعه ورخص أسعارها مقارنةً بالمتاجر المبعثرة ضمن الأزقة السكنية، على الرغم من أن منطقة السوق تعد سكنية أيضاً، لكنها تختلف عن باقي الأزقة بأن كل منازل الطابق الأرضي تحولت إلى متاجر ومخازن، ومنذ سنتين تقريباً وبسبب الأحداث الجارية ترك الباعة بسطاتهم وهجروا السوق نتيجة قلة رواده، إلا أنهم عادوا بعد فترة ليجدوا السوق بحال سيئة، فافترشوا الأرصفة منتظرين وعود البلدية التي قالت أنها ستحول مكانه إلى مجمع خدمي واقتصادي عام».

ورثت عن والدي الراحل هذا المتجر الذي افتتحه لبيع المواد الغذائية و"البزورية"، وأذكر حين كنا صغاراً كيف بدأت الحياة تدب في هذه المنطقة رويداً رويداً؛ إذ لم يكن عدد السكان بحجم ربع العدد الحالي، لكن مع ذلك كان مستوى العمل مقبولاً وكافياً لإعالة الأسرة، وقد تماشينا في عملنا مع متطلبات السكان، فأدخلنا عدة صنوف جديدة كالمنتجات المنزلية "زبيب، تين يابس، ملوخية جاهزة" وحذا حذونا كثيرون من التجار هنا، ولكل متجر من المتاجر زبائنه، فعدد لا بأس به أنشئ مع إنشاء السوق، أي قبل 35 عاماً، فبنوا منذ ذلك الحين سمعةً حافظت لهم على ديمومة عملهم

وقد صادفنا السيدة "صفاء إدريس" أثناء تبضعها من السوق؛ فقالت عن سبب اختيارها له: «بيتي قريب من هنا، وفي الشارع الذي أقطن عدة محال لبيع الخضار والغذائيات؛ إلا أنني أقصد سوق "التضامن" لأنني أفضل أن أشتري كل ما يلزمني من مكان واحد، دون الحاجة إلى البحث والمساومة مع الباعة، فأسعار البضائع هنا جيدة نوعاً ما، تلائم المستوى الاقتصادي للناس؛ على الرغم من أن الغلاء العام الفاحش أطاح بهذا المستوى إلى الحضيض، لكن "قضاءً أهون من قضاء" كما يقال.

عبد الرحيم الصفدي

في بداية سوق "التضامن" من الجهة الغربية يوجد فرن "الشوام" الذي أشتري منه الخبز في بداية رحلة التسوق، ثم ألتفت إلى محال الخضار والفواكه المنتشرة على جانبي السوق، فأنتقي ما يعجبني وما يلائمني سعره لأنتقل بعدها إلى أحد مخازن المواد الغذائية الذي أشتري منه منذ 18 عاماً حين أتيت إلى الحي، وهو يعدّ من التجار المؤسسين هنا، وعلى جنبات الشارع يجد المواطن ما يطلبه، ففيه ثلاث صيدليات وفرن للكعك والمعجنات عدا فرن الخبز، ومتاجر للألبان والأجبان والفروج، كما تبيع بعض المحال خضراوات مجهزة للطبخ، كحب الفاصولياء، و"الكسيد" (الأطعمة المجففة)، ويلعب موقعه دوراً مهماً في جذب الزبائن، فإلى الشرق يقع تجمع مدارس المنطقة، يجاوره مستوصف "الثورة" الحكومي، ولا يبعد عنه شارع "نسرين" أكثر من 20 متراً؛ وهو الشارع الأكثر اكتظاظاً في المنطقة».

"مصطفى المؤيد" صاحب أقدم متجر في السوق، قال لمدونة وطن عنه: «ورثت عن والدي الراحل هذا المتجر الذي افتتحه لبيع المواد الغذائية و"البزورية"، وأذكر حين كنا صغاراً كيف بدأت الحياة تدب في هذه المنطقة رويداً رويداً؛ إذ لم يكن عدد السكان بحجم ربع العدد الحالي، لكن مع ذلك كان مستوى العمل مقبولاً وكافياً لإعالة الأسرة، وقد تماشينا في عملنا مع متطلبات السكان، فأدخلنا عدة صنوف جديدة كالمنتجات المنزلية "زبيب، تين يابس، ملوخية جاهزة" وحذا حذونا كثيرون من التجار هنا، ولكل متجر من المتاجر زبائنه، فعدد لا بأس به أنشئ مع إنشاء السوق، أي قبل 35 عاماً، فبنوا منذ ذلك الحين سمعةً حافظت لهم على ديمومة عملهم».

فرن الخبز

يذكر أن أصحاب المحلات غادروها مؤقتاً أواسط العام 2012 بسبب الأحداث التي كانت قريبةً منهم آنذاك، ثم ما لبثوا أن عادوا مع عودة الأمن إلى المنطقة، لكنهم افترشوا الأرصفة المحاذية للسوق بسبب سوء الوضع الخدمي داخله.

مصطفى المؤيد