قدم "بهزاد سليمان" رؤية جديدة وعصرية للمسرح السوري الراقص من خلال توظيف الفلسفة الماركسية، معالجاً مآسي الحروب البشرية، ومتخطياً كل حدود الجغرافية والتاريخ.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 كانون الثاني 2015، الفنان "بهزاد سليمان"؛ الذي تحدث عن مشروع تخرجه في "المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق" ضمن اختصاص التصميم المسرحي - سينوغرافيا، وهو عرض بعنوان "أقنعة"، ويقول: «جاء العمل المسرحي كحصيلة للخبرات والمعارف التي اكتسبتُها أثناء دراستي لاختصاصي النحت والسينوغرافيا، حيث مزجت بينهما لأحصل على أسلوبي الخاص والجديد كلياً، الذي أتمنى أن يلقى رواجاً ويترك أثراً للمدى البعيد لدى المتلقي».

جاء العمل المسرحي كحصيلة للخبرات والمعارف التي اكتسبتُها أثناء دراستي لاختصاصي النحت والسينوغرافيا، حيث مزجت بينهما لأحصل على أسلوبي الخاص والجديد كلياً، الذي أتمنى أن يلقى رواجاً ويترك أثراً للمدى البعيد لدى المتلقي

وعن التحضيرات للمشروع يقول: «في "سورية" ليس لدينا دراسة "سينوغرافيا معارض"، لذلك أحببت أن أقوم بذلك من خلال معرضي كاجتهاد خاص وتجربة جديدة، ثم يتحول المعرض إلى عرض مسرحي راقص، فتخلل المشروع عرضاً لمنحوتاتي التي قدمتها لتحاكي وقع الحروب بنفوس الأفراد، وأتمنى أن تكون لها القدرة على إيصال مشاعر التحطم واليأس إلى المتلقين بأسلوب واضح وعفوي، إلى جانب الصور والشريط المسجل اللذين تضمنهما العرض، أما النص فهو مقتبس من الكاتب "كريم جثير" اخترته لقربة من الواقع الذي نعيشه ولكونه ترك أثراً كبيراً في ذاتي كـ"سينوغرافي"، إضافة إلى الجهد الكبير والمثمر الذي قدمه صديقي "مضر رمضان"؛ حيث قام بالعمل على الفكر الذي سنقدمه بالمشروع، فكان له فضل كبير في نجاح العمل بـ"الدراماتورجيا" (أي علم البحث عن المعنى, ومراقبة الصورة وعلاقتها مع المعنى الأصلي, والبحث عن تاريخ وظروف إنشاء النص, فكان عملي الدراماتورجي هو تحليل النص "لكريم جثير" بما يتماشى مع الظروف المحيطة بنا, وأكثف ذلك لأيصاله إلى زملائي الممثلين والمخرجين بشكل أوضح ، أما دوري فقد كان بصرياً أكثر, فالسينغراف (فن تصميم المناظر المسرحية) المختص بها، وبالتالي كمل كل منا الآخر».

من منحوتات "بهزاد سليمان"

وفي لقاء الدراماتورج "مضر رمضان" يقول: «اعتمدنا في النص على طرح فكرة فلسفية ماركسية تقول: (إن وصول الشيء إلى درجة الإشباع تؤدي به إلى تغيير جذري يعطي مفعولاً عكسياً)، ومن هنا جاء الهدف من رفع نسبة الدموية في العرض كمحاولة لإيصال المتلقي إلى رفض وإنكار أي مشاهد عنف أو إسفاف للدم البشري على أرض الواقع.

وعن رأيه بعمل "بهزاد": «لقد استوحى فكرة العرض مما يحدث أمامنا الآن من حروب داخل البلاد وخارجها، فجاء العمل كدعوة للتوقف عن النزاع واستباحة الدم البشري الحاصل نتيجة الحروب, حيث سخر دراسته في عدة مجالات ومزجها بطريقة لم يسبقه أحد بها، فتبنى فكراً معيناً وعمل على إيصاله من خلال مشروع تخرجه ليس فقط عن طريق الرسم أو النحت أو حتى المسرح، بل دمجها في بوتقة إبداعية مميزة، فكل من حضر العرض لاحظ لمسات التميز التي وضعها "بهزاد" في مشروع تخرجه».

خلال عرض "الأقنعة"

وهذا ما أكده "مجد ديب" وهو أحد الزائرين للمعرض وطالب في المعهد العالي للفنون المسرحية "بدمشق"، ويقول: «نحن بحاجة إلى هكذا أعمال تحمل تجدداً وتكون بمنزلة بصمات لأصحابها، خاصة على خشبة المسرح السوري، وأعتقد أن العرض الراقص سيكون انطلاقة موفقة، اعتمد فيها "بهزاد" على أفكاره وأسلوبه الخاص فأدخل طريقة عمل جديدة إلى المسرح السوري».

كما التقينا الناقد المسرحي "سعيد القاسم" (أحد الأساتذة المشرفين على مشروع التخرج)، ويقول: «في واقع الأمر المشروع يمكن اعتباره محاولة جادة للمواءمة بين جانبي دراسة "بهزاد" النحت والتصميم المسرحي معاً، وهو بهذا العمل يطل على تجارب معاصرة من الفن التشكيلي المعني بإجراء حوار مع المتلقي وإشراكه تماماً في العرض؛ حيث يكون متلقياً ومشاهداً ومشاركاً في نفس الوقت، الأمر الذي يجعل التجربة تقف على الساحة التشكيلية والمسرحية في آنٍ معاً، وقد نجح "بهزاد" في ذلك».

"مضر رمضان"

يذكر أن "بهزاد سليمان" تخرج في المعهد المتوسط للفنون التطبيقية؛ دبلوم نحت عام 2011، والآن طالب في كلية الفنون الجميلة اختصاص نحت ، كما له عدة تجارب في الكتابة المسرحية.