شهدت مقاعد الدّراسة وأيامها على رفض "ريم الشّلاتي" فكرة مجال العمل كمعلمة، إلا أن دورة الأيام ما كانت تأبى إلا أن جاء عملها في وزارة التّربية، وليكون لقبها بين الأطفال وزملاء عملها بـ"الآنسة"، فكان حضورها، وكانت بصمتها في العمل بالمسرح المدرسي الذي أنقذته بالمحبة والصبر.

في أروقة وزارة التّربية التقت مدونة وطن "eSyria" يوم 26 نيسان 2018 "ريم الشالاتي"، ورافقتها في جزء من متابعاتها للعمل المنوط بها، الذي جاء بروح اختلفت عما عهدناه في أروقة كهذه، حيث قالت: «في "دمشق" ولدت ونشأت ودرست، تخرّجت في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الدّراسات عام 1997، وعملت في المسرح "القومي" كـ "دراما تورج"؛ أي متابعة دراميّة، وهو العمل بالجزء الخاص المتعلق بالنص. ثم كان أن تزوجت وسافرت خارج البلد، لأعود عام 2002 وأعمل في المجال الإعلامي، إلى أن تمّ الإعلان عن مسابقة تعيين في وزارة التّربية، فقدمت عليها عام 2010 وعينت كمدرب مسرحي. حملت هذه الخطوة بين ثناياها تحدياً من نوع ما، ذلك أننا في المعهد لم نتطرق في دراساتنا إلى أي جانب من مسرح الطّفل من جهة، إضافة إلى أن العمل سيكون في التربيّة ومع مرحلة عمريّة متعددة الأنماط؛ وهو ما يستلزم البحث والعمل المستمر لترميم الفجوة ما بين الدّراسة والعمل المطلوب، خاصة أن الهدف سامٍ وراقٍ، ويتعدد ما بين نشر ثقافة المسرح المدرسي، والارتقاء بذائقة الطفل، إضافة إلى دعم قدرته على التعبير وفتح الخيال لديه وتوسيعه. عملت مع فريق متميز وبدأنا التّدريب مع الأطفال، وتعددت التجارب والعروض، فكان منها مسرحية "أبو خليل القباني" في مدرسة "ابن رشد"؛ بطلها طفل لديه ما يسمى الحبسة في الكلام، إلا أنه أثناء عمله بالمسرح تجاوز هذه المشكلة، وكانت له أدواره فيما بعد بالسينما، وهناك تجربتنا بمسرحية دمى "لونا الصّغيرة كبيرة" بنص من تأليفي في مركز الإيواء "سمية المخزومية"، حيث عملنا على خلق فسحة من الفرح».

لدي تجارب في كتابة نصوص في "بقعة ضوء"، و"فلاش"، كما عملت على إعداد مسرحي لرواية "صمت البحر"، وشاركت بها في مسابقة وزارة الثقافة لتأليف النّص، ونلت الجائزة الأولى. وكنت واحدة من الفريق السّوري الذي شارك بدورة تأهيل الفريق المحوري العربي الأول لمدربي المسرح، والتقينا عدداً كبيراً من مدربي المسرح في الوطن العربي، واطلعنا على تجاربهم، وكان لنا نحن الفريق السّوري الحضور المميز الفني والمعرفي

وعن عملها الإداري، قالت: «بعد سبع سنوات قضيتها في التّدريب، وبحكم حبي للتغيير كان إحساسي بضرورة أن أقدم شيئاً جديداً يكمل المرحلة التي بدأتها، فجاء العرض لأتسلم العمل كمشرفة إدارية وفنيّة لقسم "المسرح المدرسي" في الوزارة، وهو قسم غير متبلور ذلك الوقت كما قسم الموسيقا، وقسم الفنون الجميلة، فقد كانت تجاربه فردية لا يظهر فيه العمل المؤسساتي، وبدأت العمل الصعب والممتع في آن واحد، حيث كان عليّ العمل كخريجة أكاديمية، ومتابعة المسرح في كل المحافظات بكل تفاصيله من إعطاء معلومة وتصويبها ووضعها في مسارها، لنستطيع الوصول بالعمل إلى المستوى اللائق، كأن نقوم بعمل مهرجان مسرح مدرسي بنهاية كل عام دراسي لكل المحافظات، يعرض المميز من هذه الأعمال».

في استراحة مع الأطفال أثناء التدريب

وتتابع الحديث عن أعمالها المتفرقة: «لدي تجارب في كتابة نصوص في "بقعة ضوء"، و"فلاش"، كما عملت على إعداد مسرحي لرواية "صمت البحر"، وشاركت بها في مسابقة وزارة الثقافة لتأليف النّص، ونلت الجائزة الأولى. وكنت واحدة من الفريق السّوري الذي شارك بدورة تأهيل الفريق المحوري العربي الأول لمدربي المسرح، والتقينا عدداً كبيراً من مدربي المسرح في الوطن العربي، واطلعنا على تجاربهم، وكان لنا نحن الفريق السّوري الحضور المميز الفني والمعرفي».

وتحدثت الشّاعرة "سلام التركماني" بما عرفته عن الفنانة، فقالت: «"ريم" الملأى بتفاصيل الحياة الملوّنة بالفن والإبداع، وأيضاً الصّداقات الجميلة، لم تفصلنا يوماً الخطوات الست بين غرفتي وغرفتها في مبنى "وزارة التّربية"، لكونها رئيسة قسم المسرح المدرسيّ، وأنا محرّرة في مجلة "المعلم العربيّ"، على العكس تماماً جمعتنا أمور عديدة أهمها الصّداقة والعمل، تعودنا أن نتقاسم الصّباحات بأحاديث مكتنزة عن الفنّ والمسرح وأيضاً الشّعر، ونتبادل الآراء والأفكار، فهي فنانة في عملها وحديثها ومظهرها وخطواتها أيضاً».

من عرض مسرحية "لونا الصغيرة الكبيرة"

وتتابع: «شرّفتني "ريم" المخرجة بإخراج حفل توقيع مجموعتي الشّعرية "على مقام السّكر" في أواخر العام الماضي، وكانت المنظّم والميسّر إلى جوار المخرج "محمّد طرابلسي"، اللذين أضافا للعمل أماناً ومحبّة، من الصّعب أن أجدها في أشخاص آخرين ونحن نعيش في زمن المصالح والماديّات. تملك الرّؤية الفنيّة الشّاملة للكادر والدّيكور والفكرة المسرحيّة، ولها بصمة أنثوية في كل التّفاصيل، وقد استمتعت بحضور عملها الأخير في شهر آذار المنصرم في المركز الثقافيّ في "العدوي" بعنوان "معلقون"، وهو العمل المنظّم الذي يستحق أن يوصف حقّاً بالإبداع الفنّي، حيث جاء كمشاركة في يوم المسرح العالمي، وكان نتاج ورشة عمل لمدربي المسرح في المحافظات، وخطوة حقيقية في نشر المسرح المدرسي الذي لم يكن مفعلاً، ولا تفوتني الإضافة إلى أنها تعمل في تفعيل دور "مسرح العرائس"».

تعمل "ريم" لتحقيق مهمتها الصعبة، وليست المستحيلة، وهي التأسيس لفرقة مركزية للمسرح المدرسي، نواتها أطفال مدربون جاهزون لتبني أي مسرحية متكاملة بكل عناصرها لتقدم وتعرض على مسارح مدارسنا.

الشاعرة "سلام التركماني"