اختار الفنان "صفوان جمول" أن يدمج بين الفن التشكيلي والديكور في أعماله، فترك بصماته الجمالية الخاصة في الساحة الفنية، وأتقن العمل على التفاصيل الدقيقة في لوحاته وأعماله المتنوعة، لتكوين حالة متميزة وفريدة.

«الفن هو خلاصة الحضارات المجتمعة التي رافقت البشرية بكل مراحلها التاريخية، جسّدها الفنان بريشته وألوانه التي نقل من خلالها قيم وثقافة حضارات مرت عبر الزمن». هذا ما بدأ به الفنان التشكيلي "صفوان جمول" حديثه لمدونة وطن "eSyria" عندما تواصلت معه بتاريخ 25 نيسان 2018، وتابع عن مسيرته الفنية بالقول: «بدأت مبكراً محاولاتي الفنية، لكنني لا أعلم على وجه الدقة متى كانت أول لوحة لي، لكنني كنت محاطاً دائماً بالأقلام والأوراق، فالرسم بالنسبة لي حالة حماسة مستمرة تحرضني على العطاء، فأحياناً تأتيني الفكرة مثل ومضة أو إيحاء لفعل إبداعي، فأقوم برسمها على قصاصة ورقية، وأحياناً تترسخ الفكرة في ذاكرتي، فأقوم بتجسيدها بعملي الفني. واستقيت من جمال "غوطة دمشق"، وبيوت الشام وعراقة الحضارة والجمال المتجذر فيها، الذي أغنى ذاكرتي البصرية من خلال الصورة المنطبعة فيها منذ الطفولة، وأثّر ذلك كثيراً برسوماتي، فالشغف بشيء ما يكون موجوداً لدى الإنسان ودفيناً بداخله، ينتظر الفرصة المناسبة ليظهر هذا الشغف، ويصبح فعلاً وممارسة، وخصوصاً أن الفن حالة ثقافية، ويحمل في طياته تراكم الإرث الثقافي لأي مجتمع من المجتمعات، ويقدم من خلاله الفنان رؤيته للواقع بطريقته الخاصة المنطلقة من تجربة وفكر يستمدها من دراسته الأكاديمية والعلم الذي يناله منها، لتصقل موهبته وتهذبها وتجعل الفنان قادراً على استخدام أدواته الإبداعية بطريقة صحيحة ومبتكرة، لكن من الضروري أن تكون الموهبة موجودة ومتأصلة فيه، ليتمكن الفنان من تقديم ثقافة جديدة متطورة للمجتمع».

الفن هو خلاصة الحضارات المجتمعة التي رافقت البشرية بكل مراحلها التاريخية، جسّدها الفنان بريشته وألوانه التي نقل من خلالها قيم وثقافة حضارات مرت عبر الزمن

وتابع: «إن لكل مرحلة تأثيرها في الفنان، وهو لا ينفصل عن الواقع بكل تفاصيله، فالفنان الناجح لا ينفصل عن بيئته وواقعه، ولا بد له أن يدخل هذه العوالم بحالة حسية معينة من الواقعي للتعبيري للتجريد، فالفن يجب أن يكون حالة ثقافية مجتمعية، وهنا لا أحمّل المسؤولية للمجتمع، بل يقع الجزء الأكبر على الفنان ذاته، فلا بد أن يحمل الفنان من خلال أعماله رسالة ثقافية تهدف إلى تثقيف مجتمعه، لخلق حالة تفاعلية مع العمل الذي يقدمه ليصبح حالة عامة تهدف إلى رفع الذائقة المجتمعية وبناء جديد لفكر متطور. فالفنانون والأدباء هم من ينهضون بمجتمعاتهم، إضافة إلى أن لكل نوع من أنواع الفنون وقعه على النفس وتجسيد هذه الحالة الإنسانية حسب معطيات المرحلة التي يعيشها الفنان من مشاهد متعددة، والفنون عموماً لا تنفصل بعضها عن بعض؛ فهي وليدة فعل إبداعي متجانس ومتقاطع، فأنا أنظر إلى الفن مجتمعاً، وأصور الديكور بلوحة تشكيلية بمعايرها الجمالية. وللخط قيمة، وللمؤثرات البصرية من لون وإنارة أيضاً قيمة لا بد أن يوظفها الفنان لتنتج لوحة متكاملة من حيث الجماليات والتوظيف التقني لتخدم المنتج وتشكل الكمال في المشهد. إضافة إلى أن فن الديكور يتطلب حالة من الصفاء الذهني والتركيز العالي، فهو عبارة عن نظرة شمولية ثلاثية الأبعاد تبدأ بالخط وتنتهي بأدق التفاصيل (الإكسسوار)، مع مراعاة المؤثرات البصرية من لون وإنارة وتوظيف شامل لكل تقنيات العمل المراد تنفيذه، فمن خلاله تمكنت من توظيف الكثير من المواد الطبيعية مع المواد المصنعة بهدف خلق حالة من التآخي بينهما لإنتاج لوحة تشكيلية مبتكرة، بالاعتماد على توظيف المشهد البصري العام لجمالية المشهد الفني بغية التوصل إلى حالة من التوحد بين جميع الفنون».

من أعماله التشكيلية

الفنان التشكيلي "أكرم العلي" تحدث عن تجربة "جمول"، بالقول: «الفنان التشكيلي والمصمم "صفوان جمول" خلق نوعاً من التناغم في أعماله بين اللوحة والديكور، فكانت لوحته مشبعة وذات حساسية العالية للضوء، ففي فن الديكور أوجد تلك المقاربة التشكيلية بكتل وخطوط رائعة متماهية مع مجموعة المؤثرات البصرية من إضاءة ولون، فهو من التشكيليين الذين استطاعوا إيصال أفكارهم في كل مرة، سواء من خلال لوحته الفنية أو نموذج التصميم الذي يبتكره، ولا نهمل الناحية التقنية لكونه مصمماً، فقد وظف المشهد البصري بأعماله بطريقة أبرزت الجماليات التي أبدعها مع استيفاء للعمل في التوظيف، ولعل العلامة الفارقة التي أبدعها هي ذلك الموروث من الفن والإبداع، حيث رسم بصمته الخاصة في الساحة الفنية كفنان سوري متميز».

الجدير بالذكر، أن الفنان التشكيلي "صفوان جمول" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1973، مصمم للديكور، وعضو مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب، وعضو اتحاد التشكيليين العرب، وأمين عام بيت الفنانين العرب، أقام العديد من المعارض داخل "سورية" وخارجها، منها: معرض في "سانت بطرسبرغ " عام 2016، وشارك بملتقى "المغرب" في مدينة "المحمدية" عام 2017، وملتقى مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب ضمن بيت الفنانين العرب بمدينة "صفرو" في "المغرب"، عام 2018.

أعمال في الدمشقي الأصيل
من تصاميمه بالديكور