ككل يوم من الأيام الخمسة عشر التي عرضت فيها مسرحية "فابريكا"، كانت صالة العرض تغصّ بالحضور الذي وقف على شباك حجز التذاكر قبل ساعات من بدء الفرجة الكوميدية، وبعد الانتهاء من العرض صفّق بحماسة، أو خرج بابتسامة على أقل تقدير، فوجد المختص مستوى جيداً لأحد عناصر المسرح على الأقل، بينما وجد المشاهد العادي ضحكة عندما لامس النقد الكوميدي جانباً من جوانب مجتمعه.

مسرحية "فابريكا" التي عرضت على مسرح "الجمراء" بـ "دمشق" من إخراج الفنان "أيمن زيدان"، مقتبسة من نص بعنوان: "ممثل الشعب" للكاتب الصربي "برانيسلاف نوشيتش"، وشارك بإعداد نصها الفنان "زيدان" والكاتب "محمود الجعفوري"، فتناولا موضوع الانتخابات البرلمانية، ومن يمثّل الشعب ضمن إطار كوميدي بسيط، فكان المحور الأساسي للحكاية يسلّط الضوء على شخصيات ترشح نفسها للانتخابات البرلمانية معتقدة أنها قادرة على تمثيل الشعب، مع أنها لا تملك أي مقوّم من مقومات القدرة على أداء هذه المهمة، ووصلت إلى حدّ الفشل في صياغة بيان انتخابي، فقاربت الحكاية الكثير من تفاصيل المجتمع السوري، وكيف تتم أغلب تلك الانتخابات بـ"الواسطات" والمعارف والأهم دفع الأموال للوصول إلى الكرسي المنشود. وتخللت الحكاية إشارات وإيحاءات لعدد من القضايا المجتمعية الحساسية بطريقة غير مباشرة وقالب كوميدي، إلا أنه يمكن القول إنه وصل في بعض الأحيان إلى حدّ المبالغة.

تعددت شخصيات المسرحية، وكان لبطل العمل الفنان "محمد حداقي" ظهور دائم على الخشبة، مع اختلاف صعود باقي المملثين معه؛ وهو ما أغنى الحركة خلال المشاهد، وزادها حيوية. أما الجانب السلبي لذلك، فكان عندما ظهرت علامات التعب على "حداقي" في نهاية العرض، لما بذله من جهد مضاعف على المسرح عن باقي الممثلين، مع أنه قد يكون الأكبر سناًّ بين المسرحيين الشباب الذين أدّوا باقي أدوار البطولة.

لقطة من العرض

أكثر ما ميّز عرض "فابريكا" الديكور الذي قسم إلى عدة مستويات، وضمّ عدة أماكن؛ منزل عائلة المرشح "حداقي"، غرفة المستأجر، البار، الشارع، والمنبر الانتخابي، كل ذلك بشكل ثابت من دون تحريك بالديكور، فكان الانتقال بين المشاهد خفيفاً وجميلاً، وخاصة مع وجود إضاءة ذكية قادرة على تغيير حركة عين المشاهد إلى المكان المناسب في اللحظة المناسبة، إلا أن ما أثقل الخشبة شاشة العرض الإلكترونية التي لم تقدم مضموناً أغنى المشاهد، وكان يمكن الاستغناء عنها نهائياً أو استبدالها بلوحات غير إلكترونية. أما الجديد الذي قدمه العرض، فهو استخدام القناع بشكل خلفي؛ أي وضع قناع الوجه على الرأس من الخلف، وأداء المشهد والقناع يخاطب الجمهور بينما الوجه الحقيقي للممثل إلى جهة الكواليس، حيث اعتمد الممثلون أداء جزء من المشاهد وظهورهم أمام الجمهور للتعبير عن بعض المواقف التي تكذب فيها بعض الشخصيات على بعضها، إلا أن هذا التكنيك جعل الفروق بين الممثلين واضحة، فكان الممثل "لجين إسماعيل" أكثر من برع بأداء هذا الأسلوب، بينما ظهرت الممثلة "لما بدور" الأضعف في ذلك. وكان الختام على أنغام أغنية من وحي فكرة العرض (صوتلي صوتلي)، ودّع فيها الممثلون الجمهور بوقوفهم جميعاً على الخشبة، مؤكدين فكرة القناع الخلفي، وإصرار المرشحين على الكذب.

يذكر أن المسرحية التي أنتجتها مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة، استمرت من 23 نيسان حتى 7 أيار، وكانت شخصيات المسرحية لكل من الفنانين: "محمد حداقي"، و"لوريس قزق"، و"حازم زيدان"، و"فادي الحموي"، و"لجين إسماعيل"، و"لما بدور"، و"خوشناف ظاظا"، و"نجاح مختار"، كما يضم فريق العمل الفني؛ الموسيقا والأغاني "سمير كويفاتي"، وتصميم الديكور "هاني جبور"، وتصميم الأزياء "ريم شمالي"، وتصميم الإضاءة "مجد ديب"، و"المكياج" "خولة الونوس"، والتصميم الإعلاني والمواد البصرية "هاني جبور"، والأقنعة "ليندا جاموس"، والتعاون الإخراجي "إنطوان شهيد"، ومساعد إخراج "خوشناف ظاظا".