تميّز الفنان "سيف الدين سبيعي" بالتمثيل والإخراج والغناء، وضمن ثلاث طرائق مختلفة ذهب إلى النهاية في كل منها؛ إذ يملك مسيرة فنية حافلة بالإنجازات المتنوعة والجهد الملحوظ، فكيف حقق "سبيعي" توازنه الفني؟ وكيف يتعامل مع مواهبه المختلفة معاً؟

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان "سيف الدين سبيعي" بتاريخ 29 تشرين الأول 2018، ليخبرنا عن مسيرته الفنية المتنوعة، فتحدث عن طفولته وبداياته، قائلاً: «تربيت منذ طفولتي في جوّ فني تحت سقف منزل والدي الفنان الراحل "رفيق سبيعي"، هذه القامة الفنية التي كانت أباً روحياً لكل من يحب التمثيل، فكيف إن كان والدي الحقيقي؟ تشربت منه شغف الفن وحب التمثيل، ومن هنا قررت أن أتابع مسيرته الفنية، حيث اكتسبت ذوقاً فنياً رفيعاً، لكن والدي أراد أن أدرس فرعاً بعيداً عن الفن، فعلى الإنسان أن يعدّ الفن هواية ويحظى بعمل آخر ينال منه مردوداً مادياً، لأنه إن كان الفن المصدر الوحيد للدخل، فسيضطر الفنان إلى القيام بأعمال غير مقتنع بها تماماً؛ لذا درست في كلية الاقتصاد، ومع الوقت سنحت لي الفرصة أن أدخل إلى الشاشة التي طالما حلمت بها منذ طفولتي، حيث منحني والدي الفرصة الأولى والوحيدة، لكونه يرى أنني بهذه الفرصة إما أن أثبت موهبتي وأشق طريقي بمفردي، أو أتعثر ويكون هذا خطئي الذي سينتج عنه عدم تدخله في توفير أي فرصة أخرى لي، فشاء القدر أن أدخل الوسط الفني في عام 1993 عبر دور في مسلسل "بسمات الحزن" المأخوذ عن رواية سورية تمّت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، حيث لاقت صدى كبيراً في ذلك الوقت، ومن هنا فرصة تلت فرصة، وإنجاز استدعى آخر، ورآني الفنان القدير "ياسر العظمة" على التلفاز وأعجب بتمثيلي، فاختارني للمشاركة معه في مسلسل "مرايا" من دون علمه بأنني ابن الفنان "رفيق سبيعي"؛ إذ اختارني لموهبتي فقط، واستطعت بجهدي أن أشق طريقي في التمثيل، فشاركت منذ عام 1995 في عدد هائل من لوحات السلسة الشهيرة "مرايا"، أكاد لا أتذكرها جميعها من كثرتها، ومن الأعمال الدرامية التي شاركت بالتمثيل فيها أذكر: "حمام القيشاني"، "الثريا"، "مرايا"، "صلاح الدين الأيوبي"، "أبيض أبيض"، "عصي الدمع"، "صراع على الرمال"، "أهل الراية" الجزء الثاني، "الولادة من الخاصرة" الجزء الثالث، "الأميمي". ومن الأدوار الأقرب إلى قلبي دور النقيب "طارق" في مسلسل "خان الحرير"، وعلى الرغم من أنه ثلاثة وثلاثون مشهداً فقط، إلا أنه استغرق جهداً واهتماماً أكاديمياً كبيراً».

شاركت بالتمثيل مع "سيف" بمعظم أعماله الإخراجية، وفي عدة أعمال تمثيلية، وما يميّزه عن غيره من المخرجين والممثلين أنه متجدد دوماً ومواكب لكل جديد من الأعمال العربية والأجنبية، والعمل معه ممتع جداً لأنه يتقبل اقتراحات الآخرين في عمليته الإخراجية، ويؤمن بأن العمل الجماعي له نكهة خاصة وطابع عفوي، لكونه يحب العمل البسيط والعميق معاً، وجعل من السهل الممتنع أسلوبه الفني المميز

وأطلعنا "سبيعي" على عمله في الإخراج وكيف بدأ، قائلاً: «اتصلت في أحد الأيام بالمخرج "هيثم حقي" وطلبت منه أن أكون مساعد مخرج له لأتعلم الإخراج من خبرته الكبيرة، فرحّب كثيراً وكان معلماً وأخاً، ولم يساعدني على صعيد العمل فحسب، إنما كان صديقاً تعلّمت منه الكثير في الحياة بحكم عملنا المتواصل لما يزيد على خمس سنوات، فكانت علاقتنا وطيدة؛ لذا أنا ممتن له، أثمر عنها البدء بإخراج "مرايا" 2003، ومن أعمالي الإخراجية أذكر: "فسحة سماوية" عام 2005، "زوج الست" عام 2006، "الحصرم الشامي" عام 2007، "الحصرم الشامي" الجزء الثاني عام 2008، "الحصرم الشامي" الجزء الثالث عام 2009، "أولاد القيمرية" عام 2008، "أولاد القيمرية" الجزء الثاني عام 2009، "عن الخوف والعزلة" عام 2009، "أهل الراية" الجزء الثاني عام 2010، "طالع الفضة" عام 2011، "تعب المشوار" عام 2011، "الولادة من الخاصرة" الجزء الثالث، "حرملك" عام 2014، "قناديل العشاق" عام 2017. وبالنسبة لأنواع الأعمال الدرامية، فلا يميز نوع برأيي سوى النص القوي كبداية، لكنني لا أفضّل أعمال البيئة الشامية لأنها لا تصور واقع هذه البيئة كما هو. وبالنسبة لإخراجي مسلسل "الولادة من الخاصرة" الجزء الثالث، ومسلسل "الإخوة"، صحيحٌ أنني قبلت بإخراجهما بعد اعتذار غير مخرجين عن تكملتهما أو البدء بهما حتى، لكن هذا صدر مني بهدف إنقاذ موقف المنتجين من باب المساعدة الإنسانية والمهنية، كما أنني أرى أن عملي الفني ينجح عندما يلقى جدلاً في الرأي، لأنني لا أثق بالذائقة الجماهيرية؛ لكونها لا تعبّر عن أذواق فنية، بل هي أذواق تابعة لأصحابها».

مع سيرين عبد النور

أما بالنسبة إلى عالم الغناء، فقال: «أغنّي منذ أكثر من عشرين سنة، فأنا أحب الغناء وأستمع إلى كافة أنواع الموسيقا، لكن سابقاً كنت أظنّ أن صوتي ليس جميلاً بالقدر الكافي للغناء، إلى أن اكتشفت لاحقاً أنه الأهم من الصوت الأداء؛ وهذا ما أمتلكه، فغنّيت في التسعينات مع فرقة "مرمر" وقمنا بتجهيز ألبوم بعنوان: "ما في شي"، وهو مؤلف من ثماني أغنيات كلماتها عربية وألحانها غربية، كان يفترض أن يصدر في عام 2011، لكن بسبب الأزمة تم تأجيله».

وعن "سبيعي" قال الموسيقي "دلامة شهاب" قائد فرقة "دمشق" للجاز: «اقترحت على "سبيعي" أن يغنّي معنا في أولى حفلات الفرقة، لكوني أعلم أنه متذوق رفيع للموسيقا، وفعلاً وافق وشاركنا الغناء، فكانت حفلة رائعة بتوزيع موسيقي جديد يدمج موسيقا الجاز والروك بطريقة مميزة وفريدة، وحضرها عدد كبير من الجمهور، على الرغم من أننا لم ننشر إعلانات رسمية، إنما نشرنا إعلانات بسيطة على صفحاتنا الشخصية، ونرغب بإقامة حفلات لاحقاً بمشاركة "سبيعي" مجدداً لما أضافه من تميّز وبهجة إلى الحفل».

يغني على المسرح

الممثل "خالد القيش"، قال عنه: «شاركت بالتمثيل مع "سيف" بمعظم أعماله الإخراجية، وفي عدة أعمال تمثيلية، وما يميّزه عن غيره من المخرجين والممثلين أنه متجدد دوماً ومواكب لكل جديد من الأعمال العربية والأجنبية، والعمل معه ممتع جداً لأنه يتقبل اقتراحات الآخرين في عمليته الإخراجية، ويؤمن بأن العمل الجماعي له نكهة خاصة وطابع عفوي، لكونه يحب العمل البسيط والعميق معاً، وجعل من السهل الممتنع أسلوبه الفني المميز».

ومن المهتمين بالشأن الفني الصحفي "جوان الملا"، الذي قال: «الفنان "سيف الدين سبيعي" أظهر تميّزاً لافتاً في ثلاث مواهب معاً، وهو فنان لا يستهان به؛ إذ نال المسلسل الذي أخرجه "قناديل العشاق" جائزة أفضل عمل اجتماعي ضمن فعاليات الدورة التاسعة عشرة للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، ومؤخراً

الموسيقي دلامة شهاب

يحضّر لعمل سينمائي بعنوان: "يحدث في غيابك"، الذي قال عنه في صفحته الشخصية على "الفيسبوك" إنها مغامرته السينمائية الأولى، وبرأيي إنها خطوة جريئة منه أن يقوم بهذه التجربة الصعبة والفريدة».

يذكر أن "سيف الدين سبيعي" من مواليد "دمشق" عام 1973، ولديه ابنة وحيدة اسمها "دهب".