لم تقف إصابة الجريح البطل "محمد الصعيدي" عائقاً أمام إرادته القوية، ورغبته الحقيقية بتأمين حياة كريمة لعائلته، فبدأ من مطبخ منزله مشروع "أكلاتك من عنا غير"، لتلبية طلبات الزبائن من المأكولات المتنوعة، بدعم كبير من زوجته ووالدته، ليثبت أنه بيدٍ واحدة يستطيع فعل الكثير.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت معه "محمد الصعيدي" عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتاريخ 17 كانون الأول 2018، وعن فكرة مشروعه يقول: «بدأت قبل سنة تقريباً تأسيس مشروع "أكلاتك من عنا غير" من مطبخ منزلي، حيث أصبت أثناء معركة تحرير الكليات العسكرية في مدينة "حلب"، وأصبحت أعاني الشلل في الطرف الأيسر، أردت من خلال عملي أن أضمن حياة كريمة لي ولعائلتي، وأحسّن أوضاعي المعيشية الصعبة، فأنا متزوج وأب لطفلين، كنت أراقب أمي وزوجتي وهما تعملان، وأتعلّم منهما طريقة تحضير الطعام، حتى أتقنت مهنة الطهو، في البداية واجهت بعض الصعوبات، لأنني أعمل بيدٍ واحدة، وبدأت تحضير أول وجبة بمبلغ خمسة آلاف ليرة سورية، وعندما نالت إعجاب الزبائن، تكررت الطلبات، وتابعت العمل، وأنشأت صفحة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق انتشار أكبر بعنوان: "أكلاتك من عنا غير" لتلبية طلبات الزبائن على نطاق أوسع».

أقول لكل مصاب: لا تجعل العجز يوقفك مهما كانت درجة الإصابة

وفيما يتعلق بتفاصيل العمل ورسالة المشروع، يتابع حديثه قائلاً: «يتكون فريق العمل من ثلاثة أشخاص أنا وزوجتي، وشاب صديقي يعاني من إصابة سببت له العجز أيضاً، ونقدم الأطباق الشرقية والغربية، ومنها: (الكبب بأنواعها، محاشي، ورق عنب، المربيات، المخللات، المعجنات، وبعض أنواع الحلويات، وغيرها)، بأسعار مقبولة جداً، وحالياً يقتصر العمل على تلبية طلبات الحفلات الصغيرة والولائم، وأطباق معينة من قبل الزبائن، لأنني لا أملك الكادر الكبير، أو المكان الواسع لتلبية الطلبات الكبيرة بعد، ويتم الطلب عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، أو عن طريق الاتصال على الهاتف المحمول، وتتميز الأطباق التي نقدمها بالنظافة، لأننا نعمل من مطبخ المنزل، وطريقة التقديم المميزة، وأطلب دوماً من الزبائن أن يقدموا الملاحظات حول الأطباق المقدمة -إن وجدت- لتطوير العمل».

"ورق عنب" من صنعه

ويختم حديثه بعبارة: «أقول لكل مصاب: لا تجعل العجز يوقفك مهما كانت درجة الإصابة».

من جهتها "سوزي محمود" إحدى زبائنه، تقول: «بدايةً عندما شاهدت المنشور عن مشروع "محمد" عن طريق مجموعة "جرحك شرف" الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، أردت تجربة أطباقه من باب رفع المعنويات، وطلبت أنواعاً محددة وهي: (برك بالجبنة، يالنجي، لبنة مدعبلة، ومربيات)، وتفاجأت بطريقة التقديم المميزة التي فاقت جمالية الصور، مع الاهتمام بالنظافة والترتيب، وطريقة حفظ الأطعمة، حيث أخذتها معي من "دمشق" إلى "حمص"، وبالنسبة للأسعار فهي مقبولة، ومناسبة للجميع، وأظن أنه وضع هامشاً قليل جداً من الربح مقابل الجهد المبذول بهدف الحفاظ على الزبائن، وهو بطل تفوق على إعاقته بطريقة لافتة، ولا سيما من حيث اختياره فكرة الطهو، فأنا ربة منزل، وأعرف أنه يحتاج ليس إلى يدين فقط، بل إلى عشر أيادي كي تكون الوجبة جيدة من حيث الطعم والشكل، فما بالك وهو يعمل بيدٍ واحدة، ومع ذلك استطاع أن يقوم بعمل رائع ومشروع ناجح، وسأستمر بطلب الأطعمة من مطبخه، من باب المحبة والفخر به، إضافةً إلى (النَفَس الطيب على الأكل) الذي تتميز به أطباقه، هو إنسان رائع، يمتلك إرادة وعزيمة، والتحدي للتغلب على الإصابة، ويشعر الزبون عند تناول الأطعمة التي يصنعها بروحانية معينة وسعادة، إلى جانب الاستمتاع بالطعم اللذيذ، أتمنى له ولعائلته كل التوفيق، فزوجته كما يقال (بنت أصول)، ووالدته أمّ عظيمة».

أثناء العمل

يذكر، أن البطل "محمد الصعيدي" من مواليد "دمشق" عام 1990، يلبي طلبات الزبائن من منزله الكائن في منطقة "ركن الدين، الشيخ خالد".

معجنات من صنعه