شغفه في اكتشاف خفايا النفس البشرية دفعه إلى رسم طريقه بيده، فاختار أن يسير إلى أعماق المجتمع من بوابة علمية مختصة؛ ألا وهي الإرشاد الاجتماعي والتنمية البشرية.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 4 كانون الثاني 2019، مع المدرّب "ماهر شبانة" ليحدثنا عن بداياته بالقول: «مذ كنت في بداية شبابي وتحديداً في سن المراهقة، لفتتني طباع البشر ومدى الاختلافات والخلافات فيما بينهم، هذا التنوع بدأ يستثير فضولي لأبحث عن النفس البشرية، وأذكر حينئذٍ أنني حملت أحد المراجع الضخمة في علم النفس، وقرأت فيه ولم أفهم شيئاً مما قرأت بسبب كثرة المصطلحات العلمية فيه، لكن ما إن أصبحت في الثانوية وبدأت أتعلم بعض المناهج الفلسفية والنفسية في المدرسة، حتى كبر الشغف والحب بعلوم النفس والاجتماع، ودرست في كلية الآثار والمتاحف لعام واحد، لكنني لم أرغب بالاستمرار؛ وكأنني في بحر غير بحري، فقررت مباشرة أن أعود إلى الشغف بدراستي لعلم الاجتماع، وقد حصلت على دبلوم في التأهيل التربوي من كلية التربية، ثم ماجستير اختصاصي في الإرشاد الاجتماعي من جامعة "دمشق"، ورحلتي مع التنمية البشرية بدأت عام 2010، حيث تدرّبت في الكثير من الدورات ونتيجتها حصلت على 20 شهادة معتمدة فيها، ثم كانت بداية مشروعي التدريبي كمدرّب مع دورة "الكاريزما" التي كانت باكورة الحلم في إيصال من هم مثلي إلى طريق الهدف والحلم، وبعد ما يقارب سنة من تدريبها، صمّمت وأعددت دورة جديدة من ثلاثة مستويات، وهي الهندسة النفسية في تحليل الشخصية، وهنا كان تطبيق لحلمي منذ كنت صغيراً، وهو فهم الشخصية الإنسانية بالاستعانة بمجموعة كبيرة من العلوم، ثم تعمق التخصص والخبرة لتوصلني إلى إعداد مادة تدريبية بعنوان التشريح النفسي، وهي تحدٍّ جديد أردت فيه إيصال رسالتي أنه يمكن لأي شخص أن يتعلّم علم النفس حتى وإن كان غير مختص، وأن تدخل أفكار علم النفس والتنمية البشرية لاكل بيت.

تدرّبت تحت إشراف المدرّب "ماهر شبانة" في دورة "الكاريزما" التي تمكنت خلالها من القدرة على تحديد أهدافي، والمضي قدماً نحوها بخطى ثابتة، كما لفت الأنظار نحوي في عملي كماكييرة سينمائية، فكان المؤسس لاسمي كأول عربية تصور قضايا مجتمعية إنسانية بتقنية الماكيير السينمائي، حيث اقترح لي الفكرة، وأنا سرت نحوها حتى بلغتها

هذه المسيرة بدأت بالشغف منذ 19 عاماً حتى هذه الساعة من القراءة والمطالعة والدراسة الجامعية والتجريب والإعداد، ومازال مستمراً في كل لحظة إلى ما لا نهاية، وأهم محطاتي التدريبية التي كنت فيها أقدم مادة تدريبية جديدة وأخرجها للمرة الأولى إلى الضوء، هنا كمية التحول في أعماقي أراها جوهرية كتجربة وتحدٍّ استطعت أن أكون على مستواه أمام نفسي أولاً، إضافة إلى كل لحظة تخريج وكل لحظة إنسانية نعيشها في قاعة التدريب من الضحك والبكاء والصراع مع النفس لأجد بالمحصلة كمية هائلة من المتدربين الإيجابيين بطبعهم، لكن لم تكن إيجابيتهم تثمر كما يريدون، بل كانت تحتاج إلى إعادة ترتيب وصياغة جديدة للحياة، وهنا كانت تظهر قوة الذات الحقيقية لديهم؛ وهذا سبب حقيقي لنجاح تجربتنا كما وصفها المتدرّبون».

المدرب "ماهر شبانة" مع المتدربين

ويكمل: «بتصوري الإيجابية تجربة كونية للإنسان، وليست مجرد حدث عابر أو مجرد طريقة تفكير -برأيي الشخصي- هي بمعناها الحياتي (القدرة على التعامل مع العقبات والمشكلات على أساس أنها وجدت لتحل وليست للوم والنوح)، فالتعامل بذكاء معها هو جوهر الإيجابية، والإيجابية بمعناها الروحي هي (صفاء الإنسان خلال تواصله مع الكون وتصالحه الروحي معه من خلال رسالته الإنسانية)، التي هي بطبيعتها لن تتحقق إلا بخوض غمار التجارب الصعبة، وهناك من يولد ولديه استعداد للتفاؤل من خلال أحد الوالدين أو العائلة، لكن لن تكتمل تجربة الإيجابية إن لم تكن التنشئة الأسرية والاجتماعية هي العرابة، وهنا نستطيع القول إن تغيير السلبيات في حياتنا يبدأ بفكرة تقبلها كخطوة، ثم البدء بتفكيك مشكلاتنا والتخطيط لحلها وعدم تركها كتلة سلبية واحدة فتحافظ على قوتها، لكن ما إن فككنا المشكلات، حتى تبدأ بوادر الحل سريعاً واتخاذ القرار والمضي قدماً. وبما يخص توصيف التنمية البشرية، أستطيع القول إنها ثورة فكرية ونفسية واجتماعية حقيقية في المجتمع السوري، لكن -كما يحدث في كل الثورات الفكرية- هناك بعض من يريدون التسلق وركوب موجة التنمية، لكن وعي شبابنا وإدراكه لحقيقة هذا الأمر وتعرية المتسلقين وإظهار حقيقتهم يشعرنا بالاطمئنان، فالمدرّب ليس صاحب مهنة، بل صاحب رسالة فكرية إنسانية كبيرة، وخاصة أن علوم التنمية تتعاطى مع الشأن الإنساني الحياتي اليومي؛ فعلى المدرّب أن يتعلّم كل يوم ويملك بالأساس الذخيرة الأكاديمية التخصصية، ويدعمها بمهارات تدريبية متنوعة ويكللها بثقافة عامة ضخمة، والكثير من التواضع أمام العلم والمعلومة، وقبل كل شيء أمام المتدرّبين؛ فمن يتدرب في هذا المجال نخبة المجتمع وليسوا مجرد أشخاص يبحثون عن "البريستيج" الاجتماعي».

الماكييرة السينمائية والمتدرّبة في التنمية البشرية "منى الصوفي"، عنه تقول: «تدرّبت تحت إشراف المدرّب "ماهر شبانة" في دورة "الكاريزما" التي تمكنت خلالها من القدرة على تحديد أهدافي، والمضي قدماً نحوها بخطى ثابتة، كما لفت الأنظار نحوي في عملي كماكييرة سينمائية، فكان المؤسس لاسمي كأول عربية تصور قضايا مجتمعية إنسانية بتقنية الماكيير السينمائي، حيث اقترح لي الفكرة، وأنا سرت نحوها حتى بلغتها».

ختام إحدى الدورات التدريبية

يذكر، أن المدرّب "ماهر شبانة" من مواليد "اللاذقية" عام 1983، مقيم في "دمشق"، وحاصل على ماجستير في الإرشاد الاجتماعي، ودبلوم في التأهيل التربوي، وإجازة في علم الاجتماع، وهو مدير عام جمعية "شمعة أمل" لذوي الاحتياجات الخاصة، ويعمل في مجال التدريب والاستشارات الاجتماعية والنفسية.

أحد نشاطات الدورات بإشرافه