على مسارح عربية، ومع قامات موسيقية تجسد "ماري حاطوم" عشقها للغناء الكلاسيكي، مؤدية جميل النغم بصوتها العذب المنتمي إلى الفن العريق والأصيل الذي اشتهرت به.

صوتها من خامة الأصوات النقية المرنة، المنفلت من قيد الجمود إلى فضاءات التعبير والإحساس، وقد نالت جوائز وتخرجت على يدي مشاهير الموسيقا العربية. وخاضت رحلة طويلة لتكون جديرة بالنجاح الذي تجده في إيصال رسالة الفن الأصيل، كما تحدثت لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 كانون الأول 2018، وقالت: «نمت روحي طفلة على يدي والدي عازف العود، وأخذني معه إلى فضاء الغناء والطرب، لأنشأ طفلة تحب الموسيقا، حيث تابع أعمامي العناية بموهبتي بعد وفاة والدي، لأتابع مشوار البحث عن النغم الراقي والعزف الجميل.

شاركت معي في تجربة "مودرن سبيتش"، وهي صاحبة صوت جميل وعذب وإحساس عالٍ. أعرف "ماري" مُذ كانت في المرحلة الثانوية وكانت تغني بإجادة، أسلوبها فيروزي، وصوتها رقيق، وتغني بكل جوارحها. في تجربة "مودرن سبيتش" قمت بتأليف أو توزيع أعمال لي أو من ألحان معروفة، وصغتها لأربعة أصوات مختلفة، وشاركت "ماري" كصوت من الأربعة. تجيد غناء التراث والأغاني القديمة عموماً، والمقياس دائماً تقديم المتعة والدهشة في كل تجربة، أنصحها بالاستمرار وتقديم كل ما هو حقيقي مع تجريب ألوان متعددة

في مسابقات الرواد كنت متفوقة، وحصلت على الجائزة الأولى ثلاث سنوات متتالية، فأنا الطالبة النجيبة لمعلمي "رياض الدبيسي"، وقد كرّمت في مهرجان الطفل العالمي في "تركيا" عام 1989.

الفنانة ماري حاطوم على مسارح الإمارات العربية

في المرحلة الإعدادية درّبني الموسيقار "حمد اشتي" لأحيا في هذا الفضاء الخصب، ومن هنا كانت البدايات التي جعلت الغناء والموسيقا محور دراستي، أسير وفق بوصلته أبحث عن فرصة علم أكبر واكتساب أجدر لخوض التجربة، التي أعترف أنها على الرغم من تطورها، ما زالت في بدايتها، ففي المعهد العالي للموسيقا التابع لوزارة الثقافة درست أصول الغناء الأوبرالي على يد الخبيرة "لبانة القنطار"، والخبيرة الروسية "غالينا خالدييفا"، وشاركت بعدة حفلات مع الفرقة السمفونية السورية، ولم يتوقف الحلم هنا؛ لأتابع دراستي الأكاديمية في "بيت العود" في "أبو ظبي" وتعلم الصولفيج والنظريات الموسيقية».

بين الأسرة ومشوار الغناء علاقة نظمتها وفق الممكن، وقالت: «أغنية الأم كانت عنوان مشروع التخرج في بيت "العود العربي" قسم الغناء والبحوث الموسيقية، بإشراف الدكتور "أحمد فتح الله"، والدكتور "نصير شمّا"، حيث حصلت على درجة امتياز.

من حفل تخرجها في بيت العود العربي وأستاذها نصير شمّا وأسرتها

وأتابع نشاطي الموسيقي بما لا يتعارض مع مسؤوليتي كأم، ولا بد لي من الإشارة إلى دعم زوجي الفنان التشكيلي "هشام عدوان" في مساعدتي قدر الإمكان لأتابع عملي وتجاوز المعوقات الأخرى، مثل عدم وجود تمويل مادي يسهم بدعم تجربتي الموسيقية، فهناك من يسأل: لماذا لم تنالي نصيبك من الشهرة؟ وأجيب بقناعة إن هدفي بالدرجة الأولى ممارسة هوايتي بالغناء لأنها مصدر سعادة وتوازن لحياتي، وجزء لا يتجزأ من كياني».

وتضيف عن مرحلة غنية كانت بالعمل والنجاح في "الإمارات العربية المتحدة": «هذه المرحلة تعني لي الكثير، حيث أخذت مشاركاتي تتسع، وقدمت على عدة مسارح وضمن مجموعة كبيرة من الفعاليات، أديت من خلالها فيروزيات وأغاني "أم كلثوم" و"أسمهان"، وباقة متنوعة من الأغاني والموشحات، فقد شاركت بفرقة "نجمات" بعدة حفلات بقيادة "شيرين التهامي" عام 2014، وكانت مشاركتي الأولى مع "بيت العود" ضمن الحفل الخيري لأطفال "العراق" من مرضى القلب في مقر سفارة "العراق" بإشراف الموسيقار "نصير شمّا". كما شاركت بإحياء حفل رمضان التاسع في مسرح في "أبو ظبي" مع فرقة الأنغام العربية، وحفلات وورشات عمل في "بيت العود"، منها حفل الذكرى السنوية السابعة لتأسيسه، وحفل لقاء "المنتدى العربي للصحافة" في "الفجيرة"، وكنت ضمن كورال "بيت العود" في الحوار الحداثي عام 2017، وحفل أوركسترا "كلاسيكيات عربية" بقيادة الفنان "سامر أبو رسلان" في مهرجان "الشارقة للموسيقا العالمية" العام الحالي».

المهندس شادي العشعوش

وتتابع: «لن أنسى أنني عام 2015 كُرمت في مسابقة أدبية مع الرابطة الدولية للإبداع الفكري والثقافي والفني لتكريم الأم، وحصلت على المركز الأول في كتابة القصة القصيرة، وأيضاً من قبل المنتدى الدولي للإبداع الفكري والثقافي في "أبو ظبي" عام 2018، ولدي محاولات في كتابة الأغنية، لكن تبقى الموسيقا والغناء هما اهتمامي الأول، والأدب والكتابة موهبة قد ترافق الفنان في فضاء الكلمة واللحن.

وأتعمّد البقاء ضمن الإطار الذي اخترته لنوعية الغناء أو النهج الذي اتخذته أساساً، وهو الأغاني العربية الكلاسيكية القديمة، إضافة إلى التجربة الرحبانية؛ مستعينة بالتدريب المستمر على هذا النوع لصقل صوتي مع انتقاء ما هو جميل ومميز يخدم الموسيقا الجادة مما يقدمه الفنانون المعاصرون».

المهندس "سامر أبو رسلان" أستاذ الصولفيج في "بيت العود" والمؤلف الموسيقي، وقائد فرقة كورال "Modern speech choir"، تحدث عن تجربة "ماري" بالقول: «شاركت معي في تجربة "مودرن سبيتش"، وهي صاحبة صوت جميل وعذب وإحساس عالٍ. أعرف "ماري" مُذ كانت في المرحلة الثانوية وكانت تغني بإجادة، أسلوبها فيروزي، وصوتها رقيق، وتغني بكل جوارحها.

في تجربة "مودرن سبيتش" قمت بتأليف أو توزيع أعمال لي أو من ألحان معروفة، وصغتها لأربعة أصوات مختلفة، وشاركت "ماري" كصوت من الأربعة. تجيد غناء التراث والأغاني القديمة عموماً، والمقياس دائماً تقديم المتعة والدهشة في كل تجربة، أنصحها بالاستمرار وتقديم كل ما هو حقيقي مع تجريب ألوان متعددة».

عازف العود "شادي العشعوش" ذكر لقاءه الأول بالفنانة "ماري" أيام الطفولة، وقال: «في مرحلة جميلة من تاريخ بلدي كنا رفاقاً ورواد طلائع مع "ماري" صاحبة الصوت العذب، ولأننا كنا أكبر منها عمراً، فقد استطعنا التأمل بهذه الموهبة غير العادية لطفلة تتمكن من أداء الآهات الأسمهانية الأصعب في أغنية يا "طيور"، وكم كانت متعتي كبيرة عندما تلاقت أوتاري مع سحر صوتها في مجموعة من الأمسيات الفنية، ويسعدني كثيراً أن يستمر هذا الصوت الذواق الأصيل في عطائه على الرغم من الظروف، وتقديم النمط الذي تحبه وبرعت فيه، وهذا لا يمنع التجريب في شتى ألوان الغناء والأداء، وأظن أن "ماري" من عشاق المغامرة الفنية ولديها القدرة على ذلك».

ما يجدر ذكره، أن "ماري حاطوم" من مواليد "دمشق" عام 1978، خريجة المعهد العالي للموسيقا في "دمشق"، تحمل شهادة جامعية قسم الترجمة التعليم المفتوح جامعة "دمشق" عام 2011، تخرّجت في بيت العود العربي في "أبو ظبي" عام 2018، وشاركت بعدد كبير من الحفلات والمهرجانات في "الإمارات" و"كندا".