يستمر المخترع السوري "محمد فراس السقا" في تقديم إبداعاته بعيداً عن وطنه، محققاً فتحاً علمياً جديداً في مجال الطاقة، ونظرياته المعتمدة على معالجة العقم، حيث نال اختراعاه جوائز عالمية قيمة، لما لهما من فوائد كبيرة.

المخترع الذي عرفه السوريون منذ سنوات كأحد الأطفال المبدعين، تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 9 آذار 2019، عن طفولته التي صنعت شخصيته، فقال: «بدأت قصتي منذ أن كان عمري 6 سنوات، فأنا شديد الحب للاستطلاع، وما إن تعلمت الكلام حتى رحت أطرح الأسئلة، وعندما دخلت المدرسة ضاق كل من حولي ذرعاً بكثرة أسئلتي، فعدّني بعض الناس قاصر العقل، فاستنتجوا أن كثرة الأسئلة دليل على قصور الفهم، وبرهان على الغباء، على الرغم من أن العكس هو الصحيح؛ فكثرة الأسئلة تدل على يقظة العقل واستقلال التفكير واستمرار الدهشة. إن حرقة الأسئلة والشغف بالمعرفة والحماسة للإدراك والاستقلال في التفكير هي الصفات التي تميز أهل النبوغ.

تركيبها بسيط، ومن مواد متاحة بسهولة، وتكلفتها منخفضة، وفوائدها عالية، وتحتوي معالجاً يوفر الأمان تحت ظروف غير طبيعية، وتتغلب على عيوب ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات، وينتج عنها توليد الكهرباء

في طفولتي كنت أقرأ في أمّات كتب الكيمياء العضوية والفيزيائية والتحليلية والمخصصة للمرحلة الجامعية، وأقضي ساعات في تجارب "التصبن"، وكادت إحدى هذه التجارب أن تودي بحياتي، فحاولت تشغيل مدفأة على الماء، فاشتعلت وكادت النيران أن تلتهمني، وفي تجربة التصبن الثانية احترقت يدي؛ ووقع منها الصابون قبل التجمد، فانتهى تفاعل التصبن في مجرى الصرف الصحي؛ فانتشرت المياه في جميع أنحاء المنزل، إضافة إلى مواقف خطرة أخرى».

مخطط المدفأة

ويتابع عن مرحلة الطفولة والشباب المبكر: «أنشأت لنفسي مخبراً كيميائياً متواضعاً في غرفتي، وبدأت أحصل على جوائز للتنحيف ومنتجات للشعر، كالشوكولا المنحفة، وتوابل الدجاج المنحفة، وغيرها، وهذا الشيء عزز من ثقتي بنفسي. وعندما بلغت الخامسة عشرة من عمري ازداد شغفي بالكيمياء، وبدأت أفكر في اختراع شيء يحمل لي مجداً يفوق سني؛ منطلقاً من معادلة كيميائية بسيطة قوامها تحويل الماء إلى أوكسجين وهيدروجين، وأصبح اهتمامي وأحد أحلامي في صنع مدفأة تعمل على الماء، حيث تقوم آلية عملها على صب كمية من المياه فوق حمض الكبريت لتوليد الحرارة، واستخدامها للتدفئة المركزية، غير أن الطاقة العالية التي تنتجها يمكن أن تكون كالقنبلة الموقوتة في مكان وجودها ضمن منزل أو أي مكان آخر، فحولتها إلى مولدة كيميائية لتوليد الطاقة. بعدها راسلت جمعية "المخترعين السوريين" بخصوص اختراعي، فقاموا بدعوتي ومناقشتي في الاختراع، وعرضوا عليّ المشاركة بمعرض للاختراع والتكنولوجيا، فحزت اهتمام الحضور واللجنة العلمية، فتمّ منحي الفرصة لإتمام اختراعاتي في مخابر الجامعة بعد دوام المدرسة؛ تحت إشراف مجموعة من الدكاترة، مع تقديم المواد اللازمة وتحمل نفقات الاختراع من قبل الدولة، بعدها نلت جائزة من المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية من "جنيف" كأفضل مخترع شاب سوري».

بعد قراءته لكتب الكيمياء المخصصة للمرحلة الثانوية؛ حصل على جائزة "الوايبو" من المنظمة العالمية للملكية الفكرية في "جنيف"، وتابع حلمه في إنجاز المدفأة؛ وهو ما تحقق بعد عشر سنوات. وأضاف: «اخترعت مدفأة كيميائية تعمل على الماء النقي، أو غير النقي لينتج عنها ماء صالحاً للشرب، ولديها القدرة على التدفئة وتوفير الطاقة الكهربائية لمحدودي الدخل والبسطاء الذين يعانون عدم وفرة الماء النقي وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وبذلك توفر ماء نقياً مئة بالمئة ليكون بدلاً من ثاني أوكسيد الكربون المضر بالبيئة والإنسان، وهي صديقة للبيئة، وتعمل بتقنية جديدة هي الأحدث في القرن الواحد والعشرين، وتتفوق على براءة الاختراع الصينية والفرنسية والأميركية في هذا المجال».

من أحد التكريمات في دمشق

أما عن مزايا المدفأة، فتابع القول: «تركيبها بسيط، ومن مواد متاحة بسهولة، وتكلفتها منخفضة، وفوائدها عالية، وتحتوي معالجاً يوفر الأمان تحت ظروف غير طبيعية، وتتغلب على عيوب ارتفاع أسعار الكهرباء والمحروقات، وينتج عنها توليد الكهرباء».

أما فيما يتعلق بما وصل إليه في مشكلة العقم التي تلقفها من متابعيه، فقال: «بدأت قصة اختراعي لجهاز العقم المنزلي، كحل لتلك المعضلة، سألت الكثيرين من الأطباء، لكن -يا للأسف- كل علاجات العقم غالية الثمن، فقررت أن أدخل السرور إلى قلب كل أنثى، وقرأت كل ما يخص طب النساء، وقمت بتجارب على النطاف بكل أشكال التجمد والنار والكهرباء ومركبات كيميائية معروفة وغير معروفة، وتفاعلات خاصة، وقد استعنت ببعض الأصدقاء حتى توصلت إلى اختراع حقنة التلقيح المنزلي، هذا الاختراع ليس بحاجة إلى مخبر لتنظيف السائل المنوي، وفصل الحيوانات المنوية المتشوهة والضعيفة، وتقنية السائل المنوي من دون الحاجة إلى مخبر لفصل الحيوانات المنوية المتشوهة والضعيفة، وهي تحتوي مواد نشطة لزيادة قوة تركيز الحيوان المنوي والسرعة وإطالة عمر النطاف وتحفيز عضلة القضيب لتقوية الانتصاب، وحل مشكلات تأخر وإطالة القذف، وحل عدم خروج السائل المنوي، ومن جهة أخرى فتحت هذه الحقنة أمامي لأكتب أبحاثاً ونظريات في العقم».

الشهادة التي تقر بفوزه بفضية وبرونزية

ويختم الباحث: «كانت البداية بفكرة واجتهاد، لكن لم يكن أحد يقدر ما كنت أفعله، أو الأفكار التي بدأت منها، فقد كنت طفلاً صغيراً وأفكاري بنظر الناس غير منطقية، كبرت وكبرت معي تلك الأفكار، وواجهت الصعاب وأثبتت صحة ما وصلت إليه.

وبعد 11 سنة شاركت بمعرض للاختراع على مستوى دولي، وأمام لجان تحكيم عالمية من "الوايبو"، وأثبت أن أفكاري صحيحة وجديدة، وقد واجهت صعوبة، فالمخترع والباحث شخص معزول وغريب؛ مع أنه إنسان مميز، وكذلك الأمر بالنسبة للبحث الطبي؛ حيث يلزم لإثباته دكاترة مختصين، ومخابر وأبحاث طويلة.

إن الطريق نحو الأحلام ليس بالأمر السهل، لكن بالصبر والاجتهاد يصل كل إنسان إلى هدفه، فنحن نمثّل الجيل القادم».

يقول الإعلامي "غسان الصالح" عن معرفته بالمخترع "السقا"، ورأيه فيما ابتكر: «تابعته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وشدني إصراره على معالجة مشكلة الطاقة، وتفكيره الدائم والحثيث بالناس والفقراء، وما يعانونه من شتاء قارس نتيجة ما يمر به الوطن من حرب وحصار، ونجح في مسعاه بعد زمن طويل. والذي يبحث عن تاريخ "السقا"، يكتشف أنه منذ الصغر مبدع ومتميز، ونال العديد من الجوائز. وقد نال نتيجة تعبه واجتهاده من خلال أكبر المنظمات الدولية التي كرّمته. إنه قامة وطنية كبيرة، وثروة يجب استثمارها ورعايتها».

يذكر، أن المخترع السوري "محمد فراس السقا" ولد في "الكويت"، عام 1991.