يغرد الأستاذ الدكتور "محمود أحمد السّيد" باللغة العربية الفصحى الخاصة به، فيسعد بها كل مستمع، ويعطي من علمه ومعرفته رصيداً يصب في مصلحة طلابه ليكون له عندهم الاحترام والمحبة معاً.

التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 8 أيار 2019، الدكتور "محمود السّيد" وتصفحت معه أوراق سنوات ماضية ذخرت بالعمل والعطاء في قطاع التّربية وربوع اللغة، وفي بقاع مختلفة من الوطن العربي، ويقول: «في قرية "بعمرة" بمحافظة "طرطوس" ولدت عام 1939، وحصلت على إجازة في الآداب من قسم اللغة العربية بجامعة "دمشق" عام 1962، وألحقتها بدبلوم التّربية. عدت بعدها إلى "طرطوس" ومارست التّدريس في المرحلة الثّانويّة لثلاث سنوات، ثم تسلمت مدير ثانوية "الدريكيش" لثلاث سنوات أيضاً، لأتركها وأسافر إلى "القاهرة" لإتمام دراستي في الماجستير بمجال "طرائق تدريس اللغة العربية" من دون أن أكون متفرغاً خلاف مرحلة دراستي للدكتواره التي أنجزتها بإجازة دراسية وبحث حول أسس اختيار مواضيع القواعد النّحوية في مناهج تعليم اللغة العربية في المرحلة الإعدادية في الوطن العربي عام 1962، عدت إلى "دمشق" وعملت موجهاً أول للغة العربية في وزارة التّربية، وفي عام 1974 أصبحت خبيراً في المركز العربي لبحوث التّعليم العالي التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، كما أنني حصلت على فرصة للعمل كمدرّس في "الجزائر" في جامعة "وهران" وأدخلت تدريس اللغة العربية بالمختبر اللغوي، ثم كانت لي محطة عمل في "الكويت" لمدة أربع سنوات ما بين الجامعة والمعهد العالي للتربية، وبعد ذلك وفي "دمشق" انتقلت إلى وزارة التّعليم العالي وتسلمت وكالة كلية التربية للشؤون العلمية، إلى جانب عملي كمدرّس لدبلوم التأهيل التّربوي وتدريس اللغة العربية لغير المتخصصين. وفي عام 1986 توليت عمادة كلية التّربية، ثم انتخبت عام 1992 لأكون مديراً لقطاع التربية في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في "تونس"؛ ليكون العمل على الصّعيد القومي، وفي الوقت نفسه كنت رئيس تحرير "المجلة العربية لبحوث التعليم العالي"، ثم انتقلت إلى رئاسة تحرير مجلة "التّعريب" الصّادرة عن مركز "التّعريب والتّعريف والتّرجمة والنّشر" التّابع لمنظمة "الألكسو" منذ عام 1989 إلى الوقت الحاضر، وقد شغلت منصب رئاسة تحرير مجلات عديدة».

بدأت معرفتي بالدكتور "محمود" عند قيامي بالتّسجيل في ثمانينات القرن الماضي في دبلوم التّأهيل التّربوي، حيث سُمح للموظفين والعاملين في الدّولة أن يسجلوا فيه من دون الحصول على الإجازة، وكان لي شرف أن تكون مقابلتي أمام لجنة القبول التي يرأسها، وكان الحوار عميقاً وجدياً وعلمياً وموضوعياً وبدرجة عالية من الرقي وتستحق علامة متقدمة، حيث أذكر ولن أنسى -وعلى غير عادة الدّكتور كما علمت فيما بعد- جملته التي طالعني بها في نهاية المقابلة: (اذهب واشترِ الكتب)، وكان لي الشرف بأن تتلمذت على يديه في دبلوم التّأهيل التّربوي في مادة طرائق تدريس اللغة العربية، وتابعت معه ليكون المشرف على رسالتي في الماجستير المتخصصة بالمناهج وطرائق التّدريس، وكذلك الدكتوراه، وفي هذه المدة توطدت علاقتي معه، وكانت مسيرتي معه كرحلة مع إنسان وأستاذ وعالم لغوي تربوي، من لحظة لقائه تجد فيه الإنسان الكريم الصّادق والمعلم الحازم الحريص، الجدي المتوازن، في كل لقاء لي معه كانت هناك خبرة ومعرفة أكتسبها وتزيدني اطلاعاً على ملمح جديد من ملامحه، وأجد فيه مكسباً لأي مؤسسة تولاها؛ فهو النبيل الفارس

ويتابع الدكتور "محمود" الوزير السّابق، ويقول: «عدت إلى "دمشق" عام 1996 والتحقت بكلية التّربية وتسلمت رئاسة قسم المناهج، ثم توليت مهام وزير التربية عام 2000، وعملت في وضع استراتيجية لتطوير التربيّة في "سورية" حتى عام 2020، حيث ركزت على الأمور الواجب الاهتمام بها، مثل: وظيفيّة المنهاج، وإدخال المرشد النّفسي والاجتماعي إلى الملاك، وكذلك أدخلت اللغتين الفرنسيّة والإنكليزية إلى المنهاج، ووضع كراسات لرياض الأطفال، وأوجدت وظيفة المدرس الأول، والمجمعات التّربوية، وأجريت الاختبارات الموضوعيّة التي لا تحتمل التّأويل. أما في وزارة الثّقافة التي تسلمت مهامها عام 2003، فكنت أقول إن قيمة الكتاب في وجوده بين يدي القارىء؛ لذلك قدمنا الكتاب بسعر رمزي، وفعّلنا إصدار المجلات المتوقفة، واستعنّا بالمتخصصين، وكان للآثار والمتحف حصة من الاهتمام، فركزت على إيجاد أطر وطنيّة متخصصة بالكشف عن آثارنا، فما "سورية" إلا مستودع من التّراث، وكانت هناك اكتشافات أثرية كثيرة، وعملت على توثيق العلاقات الثّقافية مع الكثير من البلدان بفتح أو إعادة فتح المراكز الثّقافية، فهي سفارتنا في نشر حضارتنا وتراثنا الماضي والحاضر وتوجهاتنا المستقبلية».

الدكتور فرح المطلق

وعن المهام التي اجتهد فيها الدكتور "محمود" يقول: «عام 2001 انتخبت عضواً في مجمع اللغة العربية، وأنا رئيس لكل من لجنة النشاط الثقافي، ولجنة والعلوم التّربوية والنفسية، ورئيس تحرير مجلة "المجمع المحكمة"، وعضو في مكتب المجمع، وفي عام 2007 صدر قرار جمهوري بتكلفي رئيساً للجنة تمكين اللغة العربية، وكان لهذه اللجنة لجان فرعية في كل المحافظات بكل المجالات، وعملها حسب طبيعتها على اختلافها؛ ففي لجنة التمكين في وزراة التربية مثلاً ركزت على الوظيفيّة في المناهج، واهتميت بمربيات رياض الأطفال ولغة المحادثة لديهن، وطلبت تعديل تقويم عمل المدرسين والمعلمين، وكانت هناك خطة للضبط اللغوي في المناهج، وتكثر مهام هذه اللجنة، وكذلك في بقية اللجان؛ ذلك لأننا وزعنا الأدوار في خطة العمل الوطنية للجنة. وفي عام 2013 كلفت برئاسة "الموسوعة العلمية"، وقد أنجزت "الموسوعة العربية الشاملة"، وتابعنا العمل باستكمال مجموعة من الموسوعات، مثل: الموسوعة الطبية، وموسوعة العلوم والتقانات، وموسوعة الآثار في "سورية"، وغيرها. وقد كُتبت الموسوعة بأقلام باحثين متخصصين كل في مجاله، وبلغة عربية سليمة تأليفاً وليست ترجمة ومدققة لغوياً وعلمياً، وفي البداية كانت موجهة للمتخصصين، أما الآن، فالتوجه سيكون إلى الطلبة أيضاً. أدت الموسوعة دوراً كبيراً في نشر الوعي والثّقافة في مختلف ميادين المعرفة، وتعدّ من درر الموسوعات على نطاق الوطن العربي».

حدثتا الدّكتور "فرح المطلق" معاون وزير التّربية عن معرفته بالدكتور "محمود أحمد السّيد" قائلاً: «بدأت معرفتي بالدكتور "محمود" عند قيامي بالتّسجيل في ثمانينات القرن الماضي في دبلوم التّأهيل التّربوي، حيث سُمح للموظفين والعاملين في الدّولة أن يسجلوا فيه من دون الحصول على الإجازة، وكان لي شرف أن تكون مقابلتي أمام لجنة القبول التي يرأسها، وكان الحوار عميقاً وجدياً وعلمياً وموضوعياً وبدرجة عالية من الرقي وتستحق علامة متقدمة، حيث أذكر ولن أنسى -وعلى غير عادة الدّكتور كما علمت فيما بعد- جملته التي طالعني بها في نهاية المقابلة: (اذهب واشترِ الكتب)، وكان لي الشرف بأن تتلمذت على يديه في دبلوم التّأهيل التّربوي في مادة طرائق تدريس اللغة العربية، وتابعت معه ليكون المشرف على رسالتي في الماجستير المتخصصة بالمناهج وطرائق التّدريس، وكذلك الدكتوراه، وفي هذه المدة توطدت علاقتي معه، وكانت مسيرتي معه كرحلة مع إنسان وأستاذ وعالم لغوي تربوي، من لحظة لقائه تجد فيه الإنسان الكريم الصّادق والمعلم الحازم الحريص، الجدي المتوازن، في كل لقاء لي معه كانت هناك خبرة ومعرفة أكتسبها وتزيدني اطلاعاً على ملمح جديد من ملامحه، وأجد فيه مكسباً لأي مؤسسة تولاها؛ فهو النبيل الفارس».

للدكتور "محمود السّيد" ما يزيد على خمسين مؤلفاً منشوراً في التربية والثقافة واللغة، وأكثر من مئة بحث منشور في المجلات المتخصصة، وله نشاط في مجال الإعلام من برامج إذاعية وتلفزيونية وندوات ثقافية في "سورية، والكويت، وتونس، والسعودية، والبحرين"، يقيم في "دمشق".