بثقافتها الواسعة وفكرها المتّقد، استطاعت الفنانة "ربى كنج" أن تخطف الأبصار عبر امتلاكها فلسفة نحتية خاصة بها، انطلقت من خلالها إلى فن له خصوصيته وعمقه التاريخي، لتبدع فيه بكل ما هو جديد ومبتكر، بعيداً عن التقليد.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "ربى كنج" بتاريخ 24 أيار 2019، لتحدثنا عن بداية موهبتها في فن النحت، حيث قالت: «حبي وتعلقي بفن تصميم الأشكال بيدي ومعالجتها؛ بدأ في مرحلة الصغر مع حبي للرسم، عائلتي اهتمت بموهبتي، وعلى الرغم من حبي للرسم كانت لدراسة فن النحت وتطبيقه خلال سنوات الدراسة في كلية الفنون الجميلة، قسم النحت، متعة خاصة لامست روحي ووجدت نفسي فيه خصوصاً عندما يبدع الإنسان بصنع شيء من لا شيء، الخوض في مجال البحث الفني بين الكتلة والفراغ شجعني على تطوير أسلوبي وثقافتي الفنية، وهذا انعكس إيجاباً على شخصيتي الفنية، فابتكرت العديد من التصميمات التي جعلتني أعبّر عن الإنسان من خلال جسد الأنثى واستخدامه كعنصر للتعبير عن حالات إنسانية لامست الواقع، ولا سيما أنه كان طرحاً للجسد من وجهة نظر معاصرة، للحفاظ على الهوية البصرية التي أعمل عليها في كل عمل على حدة. أركز كثيراً من الناحية التعبيرية على الحركة في كل مجسم، وتفاصيل الوجوه، وأشكال الأصابع، إضافة إلى تجسيد شكل الطائر، وإدخال بعض تفاصيله إلى بعض الأعمال التي قدمتها كعنصر مضاف من خلال تشكيل الأجنحة مثلاً، أو من خلال المواد المستخدمة، مثل: الطين، البرونز، الخشب، والخزف. أحببت الحالة التي فيها صيغة حية للمنحوتات، ومنحها الروح والجمال والطواعية، وأفكاري بالمجمل مستوحاة من خلال تجارب شخصية مُعاشة وواقعية».

جمعتنا صداقة قديمة، وتعرّفتها عن قرب بملتقى فني في "اللاذقية"، كان يضم مجموعة من النحاتين والمصورين بإدارة الفنان "سهيل بدور". اكتشفت أنها إنسانة رائعة ومبدعة، وكانت شعلة من النشاط والحيوية، تتميز بعلاقتها الراقية مع زملائها، فنياً تمتلك عالماً خاصاً تقدمه ضمن مواضيع إنسانية، فيها مستوى عالٍ من التعبير، وتتعامل مع مادة الطين كما تتعامل مع الماء والهواء، وبذات الليونة، فلا يمكن إلا التفاعل مع منحوتاتها بكل صدق وإنسانية، حيث استطاعت بذلك تجاوز أبناء جيلها من خلال مواكبتها المتواصلة لحركة النشاط التشكيلي القائم؛ وهو ما أغنى تجربتها أكثر، وأكسبها صفة الخصوصية والتفرّد في المشهد الفني الثقافي

وعن تجربتها العملية ومشاركاتها في المعارض والملتقيات النحتية، تابعت بالقول: «منذ تخرجي تقريباً إلى الآن شاركت بنحو 28 ملتقى وورشة احترافية عن النحت، وفي العام الحالي قدمت معرضاً مشتركاً لفنانات "أوغاريت" التشكيليات في غاليري "عشتار" بـ"دمشق"، وهو في ذات الوقت ملتقى قمن بتنظيمه من أجل خلق مساحة خاصة للمرأة في الفن، وكان مشروعاً متميزاً وهادفاً جداً. في السنوات الماضية شاركت بمعرض "نحت 1" في غاليري "قزح"، وملتقى فنانات "أوغاريت" بـ"اللاذقية" برعاية "UNDP"، كما شاركت بفعاليات عديدة في عدة محافظات، منها: معرض "زلفة" الجماعي، وملتقى "السلام والمحبة" للنحت والتصوير الزيتي في "اللاذقية"، وملتقى النحت على الحجر الرملي في مهرجان "الدلبة" في "مشتى الحلو" بعنوان: "سورية الشمس المشرقة"، كما شاركت في ورشات الإسمنت للأطفال في محترف "شغل وفن"، كما شاركت في معرض للفنان "مصطفى علي" بعنوان: "المنحوتة الصغيرة". ومنذ عام 2012 حتى الآن أنا متطوعة في فريق "متطوعو طرطوس" للعمل الإنساني، ومشرفة في نادي "الرسم المجاني" للأطفال، الأمر الذي زاد من خبرتي بتنسيق القيم العقلية والعاطفية في العرض الفني التشكيلي بوجه عام».

مشاركتها بملتفى فنانات من أوغاريت عام 2019

عنها تحدثت الفنانة التشكيلية "أمل الزيات" مديرة مرسم "باليت" للفنون، ومدربة للرسم بالمركز المجتمعي الدانماركي فرع "جرمانا"، وتقول: «التقيت أول مرة الفنانة "ربى" قبل خمس سنوات بملتقى المدرسة الوطنية، ولنا العديد من المشاركات معاً، وهدفنا بالعمل تطوير واقع المرأة الفنانة. أعمالها تحمل الكثير من طباعها وحياتها الخاصة، حيث تؤثر وتتأثر بها، وهي دائمة البحث والغوص في عوالم وحياة الأنثى التي تتوق إلى الحرية والمعرفة، وكانت تشبهها بالطائر الذي يهوى التمرد، وعبرت من خلال تلك الأفكار والهواجس بأسلوب تعبيري قريب إلى الواقع، فضلاً عن بحثها المتواصل عن التشريح وإيجاد صيغة ونسب خاصة، مع المحافظة على صحة التشريح، وما زالت إلى الآن تعمل للوصول إلى تلك الصيغة التي ترضي طموحها كفنانة مثابرة لا تتوقف عن البحث، كما أنها نفّذت مجمل أعمالها باستخدام البرونز والخشب والحجر».

بدوره تحدث الفنان التشكيلي "إسماعيل نصرة" عن رأيه بأعمال ومنحوتات الفنانة "ربى كنج" قائلاً: «جمعتنا صداقة قديمة، وتعرّفتها عن قرب بملتقى فني في "اللاذقية"، كان يضم مجموعة من النحاتين والمصورين بإدارة الفنان "سهيل بدور". اكتشفت أنها إنسانة رائعة ومبدعة، وكانت شعلة من النشاط والحيوية، تتميز بعلاقتها الراقية مع زملائها، فنياً تمتلك عالماً خاصاً تقدمه ضمن مواضيع إنسانية، فيها مستوى عالٍ من التعبير، وتتعامل مع مادة الطين كما تتعامل مع الماء والهواء، وبذات الليونة، فلا يمكن إلا التفاعل مع منحوتاتها بكل صدق وإنسانية، حيث استطاعت بذلك تجاوز أبناء جيلها من خلال مواكبتها المتواصلة لحركة النشاط التشكيلي القائم؛ وهو ما أغنى تجربتها أكثر، وأكسبها صفة الخصوصية والتفرّد في المشهد الفني الثقافي».

صنعها لثلاثة مجسّمات متشابهة بحركات وحالات مختلفة

الجدير بالذكر، أن الفنانة "ربى كنج" من مواليد "طرطوس" عام 1987، مقيمة في "دمشق"، محاضرة في كلية الفنون الجميلة جامعة "دمشق"، قسم النحت.

منحوتة بتقنية الخشب بأناملها